كما يقول الكتاب

دعوة ذي النون

دعوة ذي النون :

قال الله تعالى :
” وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ “. (الأنبياء : 87-88)

بيدك أن تفعل الكثير ، من أجل التغيير ؛ فأنت لست في بطن الحوت الكبير ، أنت في فسحة لوقت قصير .
هيا لترضي العليم القدير .

من كمال تدابير الله وحكمته الإلهية أن يفتح لنا في كلّ مرحلة من مراحل أعمارنا ما يناسبها من أبوابِ الرزق ؛ فأرح قلبك ، فجميع الأرزاق مقسومة .

كل أرزاقك ستعرف طريقها إليك ، لن تضل عنك أو تسلك مسارًا آخر ، أو تأخذ منعطفًا إلى شخصٍ غيرك ، فما هو مقدّر لك ستأخذه حتى لو بدت كُل الأسباب والناس ضدك .

دع الدنيا تفعل بك ما تشاء ، فهي لن تتجرأ أن تفعل أكبر مما ( قد كتبـه الله لك ).

  • ولله در الشافعي القائل :

دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ
وَطِب نَفسًا إِذا حَكَمَ القَضاءُ

وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي
فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ

وَكُن رَجُلًا عَلى الأَهوالِ جَلدًا
وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ

وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا
وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ

تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ
يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ

وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلًّا
فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ

وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ
فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ

وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي
وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ

وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ
وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ

إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ
فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ

وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا
فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ

وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن
إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ

دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ
فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ

  • وفي التفسير :

واذكر عبدنا ورسولنا ذا النون وهو : يونس ، أي : صاحب النون ، وهي الحوت ، بالذكر الجميل ، والثناء الحسن ، فإن الله تعالى أرسله إلى قومه ، فدعاهم ، فلم يؤمنوا فوعدهم بنزول العذاب بأمد سماه لهم .

( فجاءهم العذاب ) ورأوه عيانًا ، فعجوا إلى الله ، وضجوا وتابوا ، فرفع الله عنهم العذاب كما قال تعالى : { فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ } ، وقال : { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ } وهذه الأمة العظيمة ، الذين آمنوا بدعوة يونس ، من أكبر فضائله. ولكنه عليه الصلاة والسلام ، ذهب مغاضبًا ، وأبق عن ربه لذنب من الذنوب ، التي لم يذكرها الله لنا في كتابه ، ولا حاجة لنا إلى تعيينها ، لقوله : { إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ } { وَهُوَ مُلِيمٌ } ؛ أي : فاعل ما يلام عليه ، والظاهر أن عجلته ومغاضبته لقومه وخروجه من بين أظهرهم قبل أن يأمره الله بذلك ، ظن أن الله لا يقدر عليه ، أي : يضيق عليه في بطن الحوت ، أو ظن أنه سيفوت الله تعالى ، ولا مانع من عروض هذا الظن للكُمَّل من الخلق على وجه لا يستقر ، ولا يستمر عليه ، فركب في السفينة مع أناس ، فاقترعوا ، من يلقون منهم في البحر ؟ لما خافوا الغرق إن بقوا كلهم ، فأصابت القرعة يونس ، فالتقمه الحوت ، وذهب به إلى ظلمات البحار ، فنادى في تلك الظلمات : { لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } فأقر لله تعالى بكمال الألوهية ، ونَزَّهَه عن كل نقص ، وعيب وآفة ، واعترف بظلم نفسه وجنايته .

{ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ } أي : الشدة التي وقع فيها .

{ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ } وهذا وعد وبشارة ، لكل مؤمن وقع في شدة وغم ، أن الله تعالى سينجيه منها ، ويكشف عنه ويخفف ، لإيمانه كما فعل بـ ” يونس ” عليه السلام .

ندعوكم لقراءة : أخفوا أوجاعكم

  • دعوة ذي النون :

عَنْ سَعْد بن أبي وقاص ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
” دعوة ذي النون إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ : لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ “.
( رواه الترمذي : 3505 ، والإمام أحمد في [المسند] : 3/ 65 ، وحَسَّنه محققو المسند ، وصححه الشيخ الألباني في [صحيح الترغيب والترهيب] : 2/ 282 ).

ويقول الشيخ محمد صالح المنجد :
والظاهر من لفظ الحديث أن الاقتصار على ملازمة هذا الدعاء بخشوع وخضوع قلب ، بنية أن يستجيب الله لحاجته ، يكفيه عن ذكر اسم هذه الحاجة ؛ فقد سماه دعاء ، ولم يرشد الداعي إلى ذكر حاجته .

قال القرطبي رحمه الله تعالى :
وقوله : ( كان صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب : لا إله إلا الله العظيم الحليم… ) الحديث .

  • دعاء الكرب :

قال الطبري : كان السلف يدعون بهذا الدعاء ، ويسمونه : دعاء الكرب .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى