كما يقول الكتاب

الإسراء والمعراج

الإسراء والمعراج :

يقول الرب العلي عن الإسراء بحضرة النبي :
« سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ». (الإسراء : 1)

الإسراء إذًا كان بالروح والجسد قولًا واحدًا ؛ لقول الملك جل في علاه : ” بعبده ” ، ولم يقل بروح عبده ، ولو كان الإسراء بالروح فقط لما كان معجزة ، ولما اعترض عليه الكفار حينها .

ويقول ربنا -عز من قائل- مُنَوِّهًا عن المعراج :
« وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ﴿1﴾ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ ﴿2﴾ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿3﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴿4﴾ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ﴿5﴾ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ ﴿6﴾ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ ﴿7﴾ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ ﴿8﴾ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ﴿9﴾ فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ ﴿10﴾ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ﴿11﴾ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ ﴿12﴾ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ ﴿13﴾ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَىٰ ﴿14﴾ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ ﴿15﴾ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ ﴿16﴾ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ ﴿17﴾ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ ﴿18﴾ ». (سورة النجم)

دَعَّمَ الله سبحانه وبحمده بهذه المعجزة نبيه محمدًا ﷺ في دعوته ؛ إذ أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله ؛ ليخفف عنه ما لقيه من أذى الكفار في مكة وفي الطائف ، وخصوصًا بعد موت عمه أبي طالب السند الخارجي ، وموت زوجه خديجة رضي الله عنها ، العون الداخلي .

ورأي الحبيب النبي ﷺ من آيات ربه الكبرى ، التي لم يرها نبيٌّ قبله .

** وفي التفسير الميسر :

يمجِّد الله نفسه ويعظم شأنه ، لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه ، لا إله غيره ، ولا رب سواه ، فهو الذي أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم زمنًا من الليل بجسده وروحه ، يقظة لا منامًا ، من المسجد الحرام بـ ” مكة ” إلى المسجد الأقصى بـ ” بيت المقدس ” الذي بارك الله حوله في الزروع والثمار وغير ذلك ، وجعله محلًا لكثير من الأنبياء ؛ ليشاهد عجائب قدرة الله وأدلة وحدانيته .
إن الله سبحانه وتعالى هو السميع لجميع الأصوات ، البصير بكل مُبْصَر ، فيعطي كُلًّا ما يستحقه في الدنيا والآخرة .

** يا لها من رحلة !!

أنعم الله ﷻ على نبيه المصطفى ورسوله المجتبى ﷺ بالإسراء المشتمل على اجتماعه بالأنبياء وعروجه إلى السماء ، ورؤية عجائب الأشياء ، ومناجاته له تعالى .

وفي الحديث النبوي الشريف ؛ قال رسول الله ﷺ :
” أتيت بالبراق وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته فسار بي حتى أتيت بيت المقدس ، فربطت الدابة بالحلقة التي تربط فيها الأنبياء ، ثم دخلت فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن ، قال جبريل : أصبت الفطرة ، قال : ثم عُرج بي إلى السماء الدنيا ، فاستفتح جبريل قيل : من أنت قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أو قد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بالخير ، ثم عرج بي إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ فقال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل أو قد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا بي ودعوا لي بالخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : أو قد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : أو قد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : أو قد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بهارون فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ فقال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : أو قد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بموسى فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ فقال : جبريل ، قيل ومن معك ؟ فقال : محمد ، قيل : أو قد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم فإذا هو مستند إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه ، ثم ذهب إلى سدرة المنتهى فإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت فما أحد من خلق الله تعالى يستطيع أن يصفها من حسنها .

قال : فأوحى الله إلي ما أوحى وفرض علي في كل يوم وليلة خمسين صلاة فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال : ما فرض ربك على أمتك قلت : خمسين صلاة في كل يوم وليلة قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال : فرجعت إلى ربي فقلت : أي رب خفِّف عن أمتي ، فحط عني خمسًا ، فرجعت إلى موسى قال : ما فعلت ، فقلت : قد حط عني خمسًا ، قال : إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى ويحط عني خمسًا خمسًا حتى قال : يا محمد هي خمس صلوات في كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة ، ومن هَمَّ بحسنة فلم يعملها كُتبت له حسنة ، فإن عملها كُتبت له عشرا ، ومن هَمَّ بسيئة ولم يعملها لم تُكتَب فإن عملها كُتبت له سيئة واحدة ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فقلت : قد رجعت إلى ربي حتى استحييت “.
( رواه الشيخان واللفظ لمسلم ).

ندعوكم لقراءة : شهر شعبان

** دروس وعبر :

يقول الدكتور علي الصلابي :
{ في رحلة الإسراء والمعراج أطلع الله نبيَه صلى الله عليه وسلم على هذه الآيات الكبرى ، توطئةً للهجرة ، ولأعظم مواجهةٍ على مدى التَّاريخ للكفر ، والضَّلال ، والفسوق .
والآيات التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرةٌ ؛ منها : الذَّهاب إلى بيت المقدس ، والعروج إلى السَّماء ، ورؤية الأنبياء ، والمرسلين ، والملائكة ، والسَّموات ، والجنَّة ، والنار ، ونماذج من النعيم والعذاب… إلخ .
كان حديث القرآن الكريم عن الإسراء في سورة الإسراء ، وعن المعراج في سورة النَّجم ، وذكر حكمة الإسراء في سورة الإسراء بقوله : ” لِنُرِيَهُ مِنْ آياتنَا “. (الإسراء : 1)
وفي سورة النجم بقوله : ” لَقَدْ رَأَى مِنْ آيات رَبِّهِ الْكُبْرَى “. (النجم : 18)
وفي الإسراء والمعراج علومٌ ، وأسرارٌ ، ودقائق ودروس ، وَعِبَرٌ }.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى