ربنا الله ﷻ

سَحَّاء الليل والنهار

سَحَّاء الليل والنهار :

لله تبارك وتعالى الجود الكامل ، والإحسان الشامل .

خزائن رحمته ملأى ، لا ينقصها الإنفاق ، ولا يغيضها الإغداق .

سبحانه .. سبحانه ، ولا يُقال لغيره سبحان ، عظيم الجود والإحسان ، في كل زمانٍ ومكان .

  • يقول العالم الجليل عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله :

{ سَحَّاء الليل والنهار ، لو اجتمع أهل السماوات وأهل الأرض أولهم وآخرهم ، فسأل كل واحد منهم ما بلغت أمانيه ما نقص من ملكه شيء ، ذلك بأنه جواد واجد ماجد ، عطاؤه كلام وعذابه كلام ، إنما أمره لشيء إذا أراد أن يقول له كن فيكون .
ومن تمام غناه أنه كامل الأوصاف ، إذ لو كان فيه نقص بوجه من الوجوه ، لكان فيه نوع افتقار إلى ذلك الكمال ، بل له كل صفة كمال ، ومن تلك الصفة كمالها ، ومن تمام غناه أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولا شريكًا في ملكه ولا ظهيرًا ، ولا معاونًا له على شيء من تدابير ملكه .
ومن كمال غناه افتقار العالم العلوي والسفلي في جميع أحوالهم وشئونهم إليه وسؤالهم إياه جميع حوائجهم الدقيقة والجليلة ، فقام تعالى بتلك المطالب والأسئلة وأغناهم وأقناهم ، ومَنَّ عليهم بلطفه وهداهم }.

  • يقول الله الغني الحميد ، في كتابه المجيد :

« وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ». (النساء : 131)

  • آلاء الله تعالى وفضله على عباده :

عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، أَنَّهُ قَالَ : ” يَا عِبَادِي: إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا؛ فَلَا تَظَالَمُوا. يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَنْ هَدَيْته، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ. يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَنْ أَطْعَمْته، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ. يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَنْ كَسَوْته، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ. يَا عِبَادِي! إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا؛ فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ. يَا عِبَادِي! إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي. يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْت كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَته، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ. يَا عِبَادِي! إنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا؛ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ “.
( رواه مسلم ).

ندعوكم لقراءة : ذو الفضل العظيم

  • الدرر السنية :

على هذا الموقع المبارك ، كتبوا عن واسع فضل سَحَّاء الليل والنهار ﷻ ، يقولون :

{ لمَّا فَرَغ سُبحانه مِن الامتنانِ بالأمورِ الدِّينيَّةِ، شَرَع في الأمورِ الدُّنيويَّةِ تَكميلًا للمَرْتبتينِ، مُقتصِرًا على الأمرينِ الأهَمَّينِ منها، وما هو أصلٌ فيها، ومُكمِّلٌ لِمنافعِها، ولا يُسْتغْنى عنهما؛ وهما: الأكلُ واللُّبْسُ، فقال: «يا عِبادي كلُّكم جائعٌ» مُحتاجٌ إلى الطَّعامِ «إلَّا مَن أطعَمْتُه» فبَسَطْتُ عليه الرِّزقَ، وأغْنَيْتُه؛ وذلك لأنَّ النَّاسَ عَبيدٌ لا يَملكونَ شيئًا، وخَزائنُ الرِّزقِ بِيدِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فَمَنْ لا يُطعِمُه بِفضلِه بَقيَ جائعًا، «فَاستطعِمُوني»، أي: اطلُبوا الطَّعامَ وتَيْسيرَ القُوتِ مِنِّي، «أُطعِمكم»، أي: أُيَسِّر لكم أسبابَ تحصيلِه، ثمَّ قال: «يا عبادي» وكَرَّره للتَّنبيهِ، «كلُّكم عارٍ» مِن اللِّباسِ والسِّترِ مُحتاجٌ إلى سَترِ عَورتِه «إلَّا مَن كسوتُه» فرزَقْتُه الكسوةَ، فاطْلُبوا مِنِّي الكسوةَ، أُيسِّرْ لكم سَتْرَ عوْرَاتِكم وأُزِلْ عنْكم مَساوئَ كشْفِ سَوءاتِكم، وكلُّ هذا مِن التَّنبيهِ على فَقرِنا وعَجْزِنا عن جَلبِ مَنافعِنا ودَفعِ مَضارِّنا بأنفُسِنا، إلَّا أنْ يُيسِّرَ اللهُ ذلك لنا بأنْ يَخلُقَ ذلكَ لنا ويُعِينَنا عليه، ويَصرِفَ عنَّا ما يَضُرُّنا، وهو تَنبيهٌ على مَعنى قولِه: «لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ العليِّ العظيمِ»، ممَّا يُوجِبُ التَّوكُّلَ على اللهِ في الرِّزقِ المتضمِّنِ جَلْبَ المنفعةِ }.

  • لله در الإمام علي رضي الله عنه القائل :

لك الحمد يا ذا الجود والمجد والعلا … تباركت تعطي من تشاء وتمنعُ

إلهي وخالقي وحرزي وموئلي … إليك لدى الإعسار واليسر أفزعُ

إلهي لئن جلت وجمَّت خطيئتي … فعفوك عن ذنبي أجل وأوسعُ

  • وهذا لسان الدين الخطيب ، يقول :

الحمدُ لله مَوْصُولا كما وجبا … فهو الذي برداء العِزّة احْتَجَبا

الباطِن الظّاهرِ الحق الذي عَجَزَتْ … عنه المدارِكُ لما أمْعَنَتْ طَلَبا

علا عنِ الوصْفِ مَن لا شيءَ يُدْرِكُه … وجَلَّ عن سبَبٍ من أوْجَدَ السّببا

والشُّكرُ للهِ في بدْءٍ ومُخْتَتَم … فالله أكرَمُ من أعْطى ومَنْ وَهَبا

ثم الصّلاةُ على النُّورِ المبينِ ومن … آياته لَمْ تَدَعْ إفْكًا ولا كَذِبا

مُحَمَّدٌ خيرُ من تُرْجى شَفاعتُهُ … غدًا وكُلّ امرىءٍ يُجْزَى بما كَسَبا

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى