هذا خلق الله

الجنة ونعيمها

الجنة ونعيمها :

الجنة نعيم ، والنار جحيم .

أعدَّ الله جل في عُلاه الجنة لعباده الصالحين ، وأعدَّ النار للكفار والمنافقين والعاصين .

الجنة فيها ما لا عينٌ رأت ، ولا أذنٌ سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

الجنة للأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

قال رسول رب العالمين ، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أجمعين :

” قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى : أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ ، ما لا عَيْنٌ رَأَتْ ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ “.
قالَ أبو هُرَيْرَةَ ( راوي الحديث ) : اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ }. (السجدة : 17)
( متفق عليه ).

( هذا الحَديثُ مِن الأحاديثِ القُدُسيَّةِ التي يَرويها النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن رَبِّ العزَّةِ تَبارَك وتعالَى ، وفيه يقولُ : «قال اللهُ تبارَك وتعالَى : أعدَدْتُ» ، أي : خلقْتُ وهيَّأْتُ في الجنَّةِ للعِبادِ الذين يَعمَلون الصَّالحاتِ ، ويَسْعَون في الخيرِ ، والإضافَةُ في قوله : «لعبادِي» للتَّشريفِ ، أي : المخْلصِينَ منهم بتِلك الأعمالِ ، فقد خلق اللهُ سُبحانه وأعَدَّ لهمْ ما لم تَرَه عيْنٌ ، ولم تَسمعْ به وبوصْفِه أُذنٌ في الدُّنيا ، وتَنكيرُ «عيْن» و«أُذُن» في سِياقِ النَّفيِ يُفيدُ الشُّمولَ ، أي : يكونُ في الجنَّةِ ما لمْ تَرَه أيُّ عيْنٍ مِن الأعيُنِ ، ولم تَسمَعْ به وبِوصفِه أيُّ أُذنٍ مِن الآذَانِ ، «ولا خَطَر على قلْبِ بشَرٍ» ، أي : ولمْ يَمُرَّ على عقْلِ أحدٍ ما يُشبِهُه أو يَتصوَّرُه مِن النَّعيمِ ، فكلُّ شَيءٍ تخيَّله عقْلٌ أو قلبٌ مِن نَعيمِ الجنَّةِ ؛ ففِيها أفضلُ ممَّا تخيَّله ، واستشهد أبو هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه بقَولِ اللهِ تعالى : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } [السجدة : 17] ، أي : هذا مِصدَاقُ ما قاله مِن كتابِ اللهِ الذي أخبَرَ أنَّه لا يَعلَمُ أحدٌ ولا يَتصوَّرُ ما خبَّأه اللهُ عن النَّاسِ مِن النَّعيمِ الذي تقَرُّ به العينُ ، أي : تَهْدأُ وتَسعَدُ وتفرَحُ به يومَ القيامةِ عندَ اللهِ تعالَى ، فهو جزاءٌ لا يحيطُ به إلَّا اللهُ لعِظَمِه .
وفي الحَديثِ : الحَثُّ على عَمَلِ الطَّاعاتِ وتَرْكِ المنكَراتِ ؛ للفَوزِ بما أعَدَّه اللهُ لعبادِه الصَّالحين .
وفيه : بيانُ سَعةِ فَضلِ اللهِ سُبحانَه وأنَّه يخلُقُ ما يشاءُ ممَّا لا يُحيطُ به البَشَرُ ). انتهى .
( عن الدرر السنية ).

قال ابن سيرين رحمه الله : { ما حسدت أحدًا على شيء من أمر الدنيا ؛ لأنه إن كان من أهل الجنة ، فكيف أحسده على شيء من أمر الدنيا وهو يصير إلى الجنة ؟!
وإن كان من أهل النار ، فكيف أحسده على شيء من أمر الدنيا وهو يصير إلى النار؟! }.

الحديث في المسند :

وهذا لفظ حديث رواه الإمام أحمد في المسند عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
” إنه من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه ، في الجنة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر “.

  • الخير والشر :

الشر عنصر إذا أُضيف إلى الخير كانت الدنيا ، وإذا حُذِف منه كانت الجنة ، وإذا غلب عليه كانت النار .

  • الجنة والنار :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ : أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ : فَمَا لِيَ لا يَدْخُلُنِي إِلا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَغِرَّتُهُمْ ، فَقَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ : إِنَّمَا أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي ، وَقَالَ لِلنَّارِ : إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا ، فَأَمَّا النَّارُ فَلا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رِجْلَهُ ، فَتَقُولُ : قَطْ قَطْ ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، وَلا يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا ، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا “.
( رواه مسلم ).

  • حوائجهم خفيفة :

هاهم ضعفاء الناس وسقطهم وغرتهم ؛ شرورهم مأمونة ، وقلوبهم محزونة ، وأنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، صبروا أيامًا طويلة ، لعقبى راحةٍ طويلة .

  • ولله در الإمام ابن القيم القائل في [ نونيته ] :

ولسوف يُدعَى المرء من أبوابها … جمعًا إذا وَفَّى حُلَى الإيمانِ

منهم أبو بكر الصديق ذا … ك خليفة المبعوث بالقرآن

  • أول من يدخلها :

أول من يدخل الْجَنَّة ، صاحب السُّنَّة ، المعلم ، صلى الله عليه وسلم .

وهذا مما فضله به ربه على الناس أجمعين .

روى مسلم في صحيحه (197) عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
” آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتفْتِحُ ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَأَقُولُ : مُحَمَّدٌ ، فَيَقُولُ : بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ “.

ندعوكم لقراءة : هي الجنة 1

  • لباس الجنة وزينتها :

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز :

” عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ۖ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا “. (الإنسان : 21)

  • غلمان الجنة :

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :

” وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا “. (الإنسان : 19)

والغلمان المخلَّدون ؛ هم مَن يقومون بتلبية طلبات أهل الجنة وخدمتهم ، ويبقون على حالةٍ واحدة ولا يتغيرون أبدًا ، وهم موزَّعون على جميع أهل الجنة ، كما أنَّهم غير عاطلين عن العمل .

ومن الجدير بالذِّكر هنا أنَّ العلماءَ اختلفوا فيمن يكون الغلمان ، فمنهم مَن قال : هم أطفالُ المشركين ، ومنهم مَن قال : إنَّهم أطفال المسلمين الذين يموتون دون سن التكليف .

وكان للإمام ابن تيمية رحمه الله ، رأي مختلف ؛ وهو أنَّ الله عز وجل خلق الغلمان وأنشأهم لخدمة أهل الجنة دون ولادة .

  • نساء الجنة :

وصف الله سبحانه وتعالى نساء الجنة بقوله :

” فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ “. (سورة الرحمن)

  • أنهار الجنة :

قال الله تبارك وتعالى :

” مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى “. (محمد : 15)

  • الكوثر :

الكوثر في لغة العرب وصف يدل على المبالغة في الكثرة .

أما في الشرع فله معنيان :

المعنى الأول :

أنه نهر في الجنة أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ، وهذا المعنى هو المراد في قوله تعالى :

” إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ “. (الكوثر : 1)

كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كما روى مسلم في صحيحه (607) عن أنس رضي الله عنه قال : بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ غفا إغفاءة ، ثم رفع رأسه متبسمًا ، فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟
قال : ” نزلت علي سورة ” .. فقرأ :
بسم الله الرحمن الرحيم ( إنا أعطيناك الكوثر ) إلى آخرها ، ثم قال : أتدرون ما الكوثر ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم .. قال : ” فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير ، وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ” الحديث .

وعند الترمذي (3284) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
” الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر والياقوت ” الحديث .

وقال الترمذي : إنه حسن صحيح .. وصححه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي (3/ 135) .

  • درجات الجنة :

في الجنة درجات ، وفي النار دركات ، قال المعصوم صلى الله عليه وسلم :
” الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض “.
( متفق عليه ).

  • أهل الجنة :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” يُنادِي مُنادٍ : إنَّ لَكُمْ أنْ تَصِحُّوا فلا تَسْقَمُوا أبَدًا ، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَحْيَوْا فلا تَمُوتُوا أبَدًا ، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أبَدًا ، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَنْعَمُوا فلا تَبْأَسُوا أبَدًا ؛ فَذلكَ قَوْلُهُ عزَّ وجلَّ : { وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } (الأعراف : 43) “.
( رواه مسلم ).

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى