هذا خلق الله

الصقر ملك الطيور

الصقر ملك الطيور :

قال الله تعالى : ” هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ “. ( لقمان : 11)

الصقر جنس طائر جارح من فصيلة الصقريات .
تتمتع الصقور بقدرة استثنائية على الرؤية ؛ فالصقر يرى ثمانية أضعاف ما يرى الإنسان ، حيث يستطيع أن يرى -وهو في علياء السماء- السمكة تحت الماء ، وينقض عليها .
كما شُوهدت صقور الشاهين وهي تنقض على الفريسة بسرعة 200 ميل في الساعة ( 320 كم / ساعة ) ، مما يجعلها أسرع الكائنات حركة على وجه الأرض .
أما أسرع انقضاض مسجل لأحد الصقور فقد بلغ 390 كيلومترًا في الساعة !
الصقر أقوى طير في السماء ، ولعل هذا ما يجعله سيِّدًا للجوارح .
كان منذ القدم -ومازال- موضعَ إعجاب الجميع بأجنحته القوية الباهرة ، ومخالبه المزودة بالأظفار الحادة ، ومنقاره المعقوف ، ووقفته المهيبة .

– تنقسم الصقور إلى 75 جنسًا و300 نوعٍ ، وتتوزع إلى فصيلتين كبيرتين ، وأخريين صغيرتين في الحجم .
النوع الأكبر حجمًا والأشد قوة بين الطيور النهارية الجارحة .
والرَّخَمَة والصقر والباز والشاهين والحَدَأَة وغيرها من الجوارح الأكبر حجمًا ، والأشد قوة من سابقتها تنتمي إلى عائلة الـ” Accipitridae ” .. تختلف عن بعضها في حجم الأجنحة وشكل الطيران .

– الأجناس الـ( 20 ) والأنواع الـ( 75 ) التي تنتمي إلى الفصيلة الصقرية ، ليست جميعها صقورًا حقيقية ، ويمكن تصنيفها إلى أربعة أصنافٍ أساسية تبعًا للحجم وأنماط التغذية والطيران .
فهناك الصقور التي تعيش على الحيات ( العُقبان ) ، وصقور البحار ، وصقور الغابات .
كما أن الصقور الحقيقية ، تتمايز فيما بينها بسيقانها ومناقيرها ومؤخرة أرياشها .

– للصقر قدرة عالية على المناورة التي لا تملكها أحدث الأنظمة الحربية من الطائرات ، حيث تؤمّن هذه المناورة ضبط السرعة حتى لا يرتطم بالصخور أثناء الانقضاض ، وتساعده على الفرملة التي تؤمِّن الإمساك بالصيد حيًّا ؛ وبالتالي الانتقال إلى الارتفاع والطيران من جديد .

– وقفة للتدبر :

كل ما سبق من السمات والخصائص التي وهبها الله للصقور .
فيا له من مدبر للأمور ؛ فالحيوانات تتصرف في الحياة بتقدير إلهي ، فتعرف به كيف تسعى نحو أرزاقها ، وكيف تنالها ، وكيف تعالج نفسها من أمراض تصيبها ، وكيف تتكيف مع شروط الحياة المتقلبة إليها .
سبحانه .. خلق فسوى ، وقدر فهدى ، فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلق له .

– أقسام الصقور وبيئاتها :

  • الصقور البحرية :

تضم الصقور البحرية عشرة أنواع أشهرها الصقر الكبير الذي تتخذه الولايات المتحدة الأمريكية برأسه الأبيض شعارًا قوميًّا لها .
يبدأ هذا الصقر حياته برأسٍ قاتمٍ يميل لونه إلى الفاتح تدريجيًّا حتى يبْيَضَّ تمامًا ، وذلك عندما يبلغ الثالثة من عمره .
يبني هذا الصقر عشَّه بين الصخور المرتفعة ، كما أنه يتميز بمنقاره الضخم الكبير المعقوف ، وأصابعِ القدمين ذات النتوءات ؛ يستطيع بها الإمساك بالأسماك والفرائس الزَّلِقة .
وهو يطارد الحيوانات الحية أحيانًا ، ويصطاد الأسماك على الرغم من أنه يتغذى على الجِيَف ، وربما يغتصب الأسماك التي يصطادُها منافسوه من صقور الأسماك ( Pandion Haliaetus ).

يتراوح طوله بين ( 79 – 94 سم ) ، وتبلغ فتحة جناحيه ( 230 سم ).

تخضع الصقور البحرية ذوات الرؤوس الرمادية للحماية في أمريكا ، وتكاد تنقرض في آسيا .

  • صقور الحيات والزواحف :

تنقسم صقور الحيات والزواحف إلى نحو 16 نوعًا ، وتتميز بسيقان قصيرة جرداء ذات حراشف مصمَّمة من أجل الإمساك بالحيات واصطيادها .
يخرج الذكر للصيد ، وعندما يمسك بالفريسة ، يقتلها ويمضي بها إلى عشّه ليطعم أنثاه وفراخه .
لقد هُيئ هذا الصقر من “ الناحية التشريحية ” لصيد الحيات وهو مَحْميٌّ من سمومها ؛ فقد تجلَّى ربنا بعلمه المحيط ، واسمه المصوِّر ، واسمه المدبِّر ، على هذا الصقر فَغَطَّى ساقيه بحراشف سميكة وقوية تقيهما من عضات الحيات وسمومها .

وقد يبني صقر الحيات عشَّه على الأشجار الضخمة الكبيرة أو الصخور العالية .
تصل أطوال هذه الصقور إلى ( 63 – 64 سم )، وتبلغ فتحة جناحيها ( 190 سم ).

  • صقور الغابات :

تعيش صقور الغابات في وسط وجنوب القارة الأمريكية ، وتبلغ من الحجم ما تستحق به دخول كتاب الأرقام القياسية ؛ فإذا كان وزنها في المتوسط يبلغ ( 4,5 كجم ) ، فوُجد -في حديقة الحيوانات في أمريكا- أنثى من هذه الفصيلة بلغ وزنها ( 12,3 كجم ) .. كما يبلغ متوسط وزن الكبار منها ( 9 كجم ) ، إذ تستطيع أن تصطاد بسهولة قردًا يزن ( 9 كجم ).

  • الصقر المحارب :

والصقر المحارب الذي يعيش في إفريقيا ، يبلغ من القوة أن يتمكن من اصطياد صغار الظباء وبنات آوى ، لكنه لا يصطاد سوى “ Hyrax ”.

ندعوكم لقراءة : الجمل سفينة الصحراء

– حِدَّةُ البصر الخارقة :

تتميز الصقور بحدة بصر خارقة ؛ فصقور الصخور -على سبيل المثال- يميز حركة الأرنب على مسافة ( 2 كم ) ، فيهوي نحوه في سرعة فائقة وينقض عليه .

– وقفة متأنية :

بهذه النعمة من قوة الإبصار ، مع المخالب والأجنحة والمناقير والعضلات ، تتكامل عظمة الصِنعة الإلهية ؛ لتكون الصقور قادرة على المناورة والطيران .

وقد وهب الخالق العظيم -إضافة إلى الجفون- غشاءً رقيقًا ليحمي عيني الصقر من الأضرار ، حيث يتقدم ويتأخر هذا الغشاء دون أن يعيق الرؤية والبصر ، كما تحمل عينا الصقر طاقَةً جبارةً تشبه طاقة التنويم المغناطيسي ، فنظرةٌ واحدةٌ منه إلى عينَي الفريسة تجعلها في حالة تشبه الشلل !!

وعلى الرغم من أن قوة بصره تبلغ ثمانية أضعاف إبصار الإنسان ؛ فإن وزن دماغه يبقى صغيرًا أمام دماغ بني آدم ، ولو كانت وظيفة الإبصار متعلقة بحجم الدماغ ، لكانت عيون الناس أقوى على الإبصار من عيون الصقور ؛ لأن أدمغة البشر تشكِّل ( 2 – 2,5% ) من الجسم ، في الوقت الذي يشكِّل فيه دماغ الصقر ( 0,6% ) من جسمه ، وهذا يعني أن الدماغ لا يعدو كونه ستارًا فقط لقدرة العيون ، وإن الله الواحد الأحد ، هو فقط صاحب القدرة الحقيقية والعظمة الكاملة ، فسبحان من أحسن كل شيء خَلَقَه .

– الذكر والأنثى :

يعيش ذَكَر الصقور مدى الحياة مع أنثى واحدة فقط ، وهذا أمرٌ مشتركٌ بين الصقور ، ويواصل معيشته في عشّ واحد ، إذ يبنيه في مكان مرتفع يصعب الوصول إليه ، ويعتني بأنثاه في وقت التفريخ ، حيث يسعى إلى تلبية حوائجها حرصًا منه على الفراخ ؛ فيخرج كل يومٍ إلى الصيد ليؤمِّن الغذاء لنفسه ولأنثاه المهيأة للأمومة .
وتختلف فترات التكاثر والنمو من نوع لآخر بين الصقور ، ويتراوح بيض الإناث من بيضة إلى سبع بيضات في العام الواحد تبعًا لحجمها وضخامتها .
وقد تنام الأنثى على البيض من 28 إلى 60 يومًا ، وتختلف فترات بقائها قريبًا من العشّ من أسابيع إلى عامين .

تبني أعشاشها بما يناسب أحجامها ، فقد عُثر على عشٍّ لصقر أبيض الرأس من صقور البحار أمضى فيه خمسة وأربعين عامًا بوزن ثلاثة أطنانٍ ، وقطره ( 2,9 ) مترًا ، في عمق ستة أمتار !

تبيض أنثى هذا النوع من ( 1 – 3 ) بيضات ، وتحضن البيض 35 يومًا .. هذا وقد تفقس البيض عن الفراخ في هذا النوع مفتَّحة العيون ، تعتني بها الأمهات حتى تبلغ الفراخ سن البلوغ .
والذكور تأتي بالفرائس التي تصطادها ، وتقوم الأمهات بتقطيعها بمناقيرها لتُطعم الصغار .
كما يتمكن الصغار من الاعتماد على أنفسها والطيران خلال ( 12 – 13 ) أسبوعًا ، لكنها لا تبتعد عن أعشاشها وتبقى علاقتها بالأسرة قائمة حتى تتجاوز العام الأول من أعمارها .

– الطب الوقائي :

تفْرِش الصقور النباتات العطرية في محيط الأعشاش لطرد الطفيليات والحشرات عن أعشاشها والدفاع عن بيوضها .

– عمر الصقر :

ربما يبلغ متوسط عمر الصقر في الطبيعة ثلاثين عامًا ، أو يبلغ ثمانين عامًا في حدائق الحيوانات .

– سن البلوغ :

يتناسب سن البلوغ في الصقور طردًا مع أحجامها ، فكلما كان الصقر كبيرًا في حجمه كلما تأخر بلوغه .
وأنشطة التكاثر وأعداد البيوض ، وأمكنة الأعشاش ترتبط بأعدادها ومقدار توفر الغذاء في محيطها .. فالصقور ذات الأحجام الصغيرة تتكاثر بأعداد كبيرة نسبيًّا ، لأنها تستطيع أن تجد الكثير من الحيوانات الصغيرة التي تصطادها ، ولكن الصقور الكبيرة تتكاثر بأعدادٍ أقلّ ؛ لأنها تجد غذاءً أقلّ .

– صيد الصقر :

عند صيد الصقر فإنه يكون غير معتاد على الأسر ؛ لذلك يقوم الصياد الماهر بتغطية رأسه فقط ورش الماء البارد على صدره ووضعه في مكيف السيارة إن وُجد ، خشية موته ، وسبب موته هو ( الخوف من الأسر ) حتى يهدأ بعد أيام ثم يقوم بتدريبه على التدهيل والصيد ….الخ .

– نعم الله :

لقد تجلى ربنا باسمه الرزاق ، فهيأ للصقور أرزاقها ، كما هيأ لكل مخلوق رزقه ، وتجلى باسمه المُقْسِط فجعل الرزق مناسبًا في غير زيادة ولا نقصان ، وتجلى باسمه المدبّر فجعل الأرزاق مرتبة بعضها من بعض في تكامل بديع ، كما تجلى باسمه القدوس وجعلها مع مخلوقات أخرى تعمل من أجل توازن الطبيعة ونظافتها ، من خلال اصطياد الحيوانات الضعيفة والمريضة ، فتساهم بذلك في التوازن العددي للكائنات الحية .

أتوجه من الصنعة إلى الصانع ، وأتحدث عن أسماء الله متمنيًا ألا ننسى جميعًا أننا محاطون بالنعم الكبرى من ألطاف الله وقدرته العالمة الخبيرة ، فهل شكرنا نعم الله علينا وعبدناه حق عبادته .
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى