ربنا الله ﷻ

ذو الفضل العظيم

ذو الفضل العظيم :

قال الملك جل في علاه :
« قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ». (آل عمران : 73)

ربنا عز وجل ، هو صاحب الأمر والحكم ، سبحانه من إله ، يختص برحمته من يشاء ، وهو صاحب الفضل العظيم ، كما جاء في عدة آيات من كتابه العزيز ، قال تعالى :
« مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ». (البقرة : 105)

ولقد تكررت : «والله ذو الفضل العظيم» ست مرات في القرآن الكريم ؛ حيث جاءت في البقرة 105 ، آل عمران 74 ، الأنفال 29 ، الحديد 21 ، 29 .

قال تعالى :
« يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ». (آل عمران : 74)

وقال عز وجل :
« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ». (الأنفال : 29)

ويقول سبحانه :
« سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ». (الحديد : 21)

ويقول الملك جل في عليائه :
« لِّئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ». (الحديد : 29)

خذ هذا المثال على عظيم فضل الله سبحانه وتعالى :
قال الله تعالى في كتابه العزيز :
« وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ». (النجم : 31)

يقول الإمام الطبري رحمه الله :
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى * الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ).
يقول -تعالى ذكره- ( ولله ) ملك ( ما في السماوات وما في الأرض ) من شيء . وهو يضل من يشاء ، وهو أعلم بهم ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ) يقول : ليجزي الذين عصوه من خلقه ، فأساءوا بمعصيتهم إياه ، فيثيبهم بها النار ( ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) يقول : وليجزي الذين أطاعوه فأحسنوا بطاعتهم إياه في الدنيا بالحسنى وهي الجنة ، فيثيبهم بها .
وقيل : عَنِيَ بذلك أهل الشرك والإيمان .

لم يقل المولى عز وجل : ليجزى الذين أساءوا بإساءتهم ولكنه قال : بما عملوا ، ليفيد أنه سيجزيهم بقدر ما عملوا فقط ولن يزيد عليه مثقال ذرة ، وهذا إن لم يغفر .
وفيه فائدة أدبية ، وهو أنه لا يريد أن يوبخهم بتذكيرهم بسيئاتهم من باب مراعاة الشعور وجبر الخاطر .

ولم يقل : ويجزى الذين أحسنوا بما عملوا ، ولم يقل بإحسانهم ، وإنما قال : بالحسنى ، وهى اسم تفضيل ، أي : سيجزى أهل الإحسان بأفضل مما عملوه وأكثر وأعظم ، فهو لايعامل المحسنين بالعدل بل بالفضل ، ولا يعامل المذنبين بالعدل بل بالرحمة ، أما المجرمون الظالمون فلهم شأن آخر .

ندعوكم لقراءة : الفضل من الله

  • حديث قدسي :

اقرأ هذا الحديث القدسي بعينيّ قلبك قبل عينيك ؛ لتتأكد من عظيم فضل الله علينا :
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال :
” يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا ، يا عبادي ، كلكم ضالٌ إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائعٌ إلا من أطعمته ، فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي ، إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعًا ، فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضُري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئًا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرًا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه “.
( أخرجه مسلم في صحيحه ).

  • لا يغلق بابه :

قال الأستاذ الدكتور طارق خوالدة :
{ قال : سأطرق باب الله طالبًا !
قلت بتعجب : ومتى هو أغلق بابه لتطرقه ؟!
ادخل واطلب واطمع وأكثر ، فإنّك لن تعدم منه خيرًا }.

‏لو جمعت كل لطف الناس بك وعلى رأسهم لطف الأمهات والآباء لن يساوي ذلك قطرة في بحر لطف ﷲ عز وجل .

هو -سبحانه وبحمده- ذو الفضل العظيم .

  • نعم الله لا تُحصى :

قال الله عز وجل :
« وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ». (النحل : 18)

  • لعلكم تشكرون :

نعم الله كثيرة ، تستحق الشكر ، وشكرها يقابله المزيد ، من ربٍّ عزيز حميد .

ومن نعمه سبحانه وبحمده أن سخَّر لنا البحر ؛ لننعم بخيراته الكثيرة ؛ قال الله تعالى :
« وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ». (النحل : 14)

هيا نردد كل صباح ، بل كل وقت ، مع هذا الشاعر القائل :

ها قد أتاكم صباح الخير فابتسِموا … واستفتحوا يومكم بالحمدِ والشكرِ
ومجِّدوا من علا بالعِزِّ ممتنعًا … وسبِّحوا بكرةً كالطيرِ في الفجرِ
واسعَوا وجِدُّوا إلى الخيرات واتَّكلوا … وادعوه ما شئتم في السِّرِ والجَهرِ
هذا الصباح لنا إيذانُ بهجتنا … كالغَيْمِ يغمرنا في الجدبِ بالبِشرِ

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى