من عبق التاريخ

جبل موسى

– جبل موسى :

قال الله تعالى : ” فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا “. (الأعراف : 143)

وفي التفسير للإمام الطبري رحمه الله : يقول تعالى ذكره : فلما اطّلع الرب للجبل ، جعل الله الجبل دكًّا ، أي : مستويًا بالأرض ، وخر موسى صعقًا ، أي : مغشيًّا عليه .. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال : ما تجلى منه إلا قدر الخنصر .

وقال ابن القيم في مدارج السالكين : إن الله سبحانه أراد أن يُرِي موسى عليه السلام من كمال عظمته وجلاله ما يعلم به أن القوة البشرية في هذه الدار لا تثبت لرؤيته ومشاهدته عيانًا لصيرورة الجبل دكًا عند تجلي ربه سبحانه أدنى تجل .

وأما الحديث فلفظه -كما في مستدرك الحاكم على الصحيحين- عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : في قوله عز وجل ” فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ” ، قال حماد : هكذا ووضع الإبهام على مفصل الخنصر الأيمن ، قال : فقال حميد لثابت : تحدث بمثل هذا ؟ قال : فضرب ثابت صدر حميد ضربة بيده وقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث به وأنا لا أحدث به .. قال الذهبي في التلخيص : على شرط مسلم .. وفي الترمذي عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية : ” فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ” ، قال حماد : هكذا وأمسك سليمان بطرف إبهامه على أنملة إصبعه اليمنى ، قال : فساح الجبل ، ” وخر موسى صعقا “. (صححه الألباني)

وفي معجم الطبراني الأوسط عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم : في قول الله عز وجل ” فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ” ، أشار النبي بالخنصر فمن نوره جعله دكا .

وهذا الجبل موجودٌ في سيناء المصرية -على أصح الأقوال- ، وهو من أعلى الجبال بقارة أفريقيا قاطبة ، وهو جبل مقدس ؛ فهو الجبل الذى تجلى الله فوقه لكليمه موسي عليه السلام .

– الصعود على الجبل :

تجربة فريدة جدًّا أن تطلع فوق هذا الجبل ، فالتجربة تكلفك حوالي ثمانية كيلومترات مشيًا على قدميك ، مع دليل بدوي يصحبك في هذه الجولة .
هذا بخلاف صعود السلالم العالية ( حوالي 750 درجة ).
والجو فوقه بارد جدًّا طوال العام ، وقمة الجبل يكون بها ثلوج في موسم الشتاء .
وكل كيلومتر فوق الجبل يوجد به كافتيريا يمكنك الاستراحة فيها وتناول بعض المشروبات .

كتبت إيثريا ( حوالي القرن الرابع الميلادي ) : تبدو مجموعة الجبال بأكملها كما لو كانت قمة واحدة ، ولكن عند دخولك المجموعة ، ترى هناك أكثر من قمة .

أعلى قمة جبلية هي جبل كاترين ، حيث يبلغ ارتفاعه 8,550 قدمًا فوق سطح البحر وقمة شقيقه جبل موسى 7,497 قدمًا ( 2,285 متر ) ، ليس أبعد من ذلك في الارتفاع ، ولكنه أكثر وضوحًا بسبب السهل المفتوح .

جبل كاترين وجبل موسى كلاهما أعلى بكثير من أي جبل في سيناء .

ندعوكم لقراءة : مصر درة الزمان

– قال الله تعالى : ” وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ “. (التين : 1-2)

( وطور سينين )

قال كعب الأحبار وغير واحد : هو الجبل الذي كَلَّم الله عليه موسى عليه السلام .

ويقول الدكتور محمد راتب النابلسي : هذه الجبال الخضراء ، وحَدِّث عن الجبال ولا حرج ، حَدِّث عن أنها مستودعات للمياه ، وحَدِّث عن أنها أوتاد للأرض ، وحَدِّث عن أنها مصدات للرياح ، وحَدِّث عن أنها جمال أخاذ .

﴿ وطور سينين ﴾

قال علماء التفسير : الجبل الذي ينبت عليه الشجر ، وكأن الله ذكر التين والزيتون وذكر مكان إنبات التين والزيتون .

أما جواب القسم ، فإن قلت إنه يقسم فبالنسبة إلينا ، وإن قلت إنه لا يقسم فبالنسبة إلى ذاته العلية ، والذي يمكن أن نقوله : إن الله يلفت نظرنا إلى مخلوقاته ، إلى صنعته المحكمة .

جواب القسم إن صح التعبير : ” لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ “. (التين : 4)
هذا الهيكل العظمي الذي يتجدد باستمرار ، فإذا أصاب العظم كسرًا استيقظت الخلايا ولأمت هذا الكسر ، وهل في الآلات كلها التئام ذاتي عفوي ؟
وهذه العضلات التي تكسو العظام كيف صُمِّمَت ؟ وكيف وُضعت بشكل يؤدي الإنسان حركاته براحة ويسر ؟ عضلات مخططة ، وعضلات ملساء ، وعضلة القلب وحدها نوع ثالث من عضلات الإنسان ، عضلات لا إرادية ، وعضلات إرادية ، وعضلات دائرية ، شيء يأخذ بالألباب .

( وطور سينين )

هو الجبل الذي كلّم الله عليه موسى بن عمران عليه السلام ، ويقال له : طور سيناء بفتح السين وكسرها ، وقُرئ سينين بفتح السين وسينين بكسر السين ، قيل : هو اسم للبقعة التي بجوار الجبل .

وقال الأخفش : سينين جمع بمعنى شجر ، واحدته سينه أي شجرة ، والقسم به لرفع ذكره ، والتذكير بما كان عند ذلك الجبل من الآيات الباهرات التي ظهرت لموسى وقومه ، وما كان بعد ذلك من سن الشريعة الموسوية وإنزال التوراة .

– قال تعالى : ” وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ “. (الطور من 1-7)

يقسم تعالى بمخلوقاته الدالة على قدرته العظيمة : أن عذابه واقع بأعدائه ، وأنه لا دافع له عنهم .. فالطور هو : الجبل الذي يكون فيه أشجار ، مثل الذي كَلَّم الله عليه موسى ، وأرسل منه عيسى ، وما لم يكن فيه شجر لا يُسَمَّى طورًا ، إنما يقال له : جبل .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى