هذا خلق الله

أنهار الجنة

أنهار الجنة :

هي أنهار ، خلقها الله العزيز الغفار ، للمؤمنين بالله الواحد القهار ، والمصدقين برسالة النبي المختار ، الذين يحيون الليل والنهار ، بكثير من الأذكار ، وهي في جنة ليس فيها كدار ، ورضوان يزجي الخلد للأبرار .

ماذا فيها أيها الأخيار ؟

تعالوا لنري ما فيها يا أطهار :

قال الله الملك الحق :

” مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ۖ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ “. (محمد : 15)

  • تفسير الجلالين :

«فيها أنهار من ماءٍ غير آسن» أي غير متغير بخلاف ماء الدنيا فيتغير بعارض «وأنهار من لبن لم يتغير طعمه» بخلاف لبن الدنيا لخروجه من الضروع «وأنهار من خمر لذة» لذيذة «للشاربين» بخلاف خمر الدنيا فإنها كريهة عند الشرب «وأنهار من عسل مصفى» بخلاف عسل الدنيا فإنه بخروجه من بطون النحل يخالط الشمع وغيره «ولهم فيها» أصناف «من كل الثمرات ومغفرة من ربهم» فهو راض عنهم مع إحسانه إليهم بما ذكر ، بخلاف سيد العبيد في الدنيا فإنه قد يكون مع إحسانه إليهم ساخطًا عليهم «كمن هو خالد في النار» خبر مبتدأ مقدر ، أي أمن هو في هذا النعيم «وسقوا ماءً حميمًا» أي شديد الحرارة «فقطَّع أمعاءهم» أي مصارينهم فخرجت من أدبارهم .

  • وفي تفسير الميسر :

صفة الجنة التي وعدها الله المتقين : فيها أنهارٌ عظيمة من ماء غير متغيِّر ، وأنهار من لبن لم يتغيَّر طعمه ، وأنهار من خمر يتلذذ به الشاربون ، وأنهار من عسل قد صُفِّي من القذى ، ولهؤلاء المتقين في هذه الجنة جميع الثمرات من مختلف الفواكه وغيرها ، وأعظم من ذلك السَّتر والتجاوزُ عن ذنوبهم ، هل مَن هو في هذه الجنة كمَن هو ماكث في النار لا يخرج منها ، وسُقوا ماء تناهى في شدة حره فقطَّع أمعاءهم ؟

  • ويقول العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

مثل الجنة التي أعدها الله لعباده ، الذين اتقوا سخطه ، واتبعوا رضوانه ، أي : نعتها وصفتها الجميلة .
فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ؛ أي : غير متغير ، لا بوخم ولا بريح منتنة ، ولا بمرارة ، ولا بكدورة ، بل هو أعذب المياه وأصفاها ، وأطيبها ريحًا ، وألذها شربًا .
وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ بحموضة ولا غيرها ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ؛ أي : يلتذ به شاربه لذة عظيمة ، لا كخمر الدنيا الذي يكره مذاقه ويصدع الرأس ، ويغول العقل .
وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى من شمعه ، وسائر أوساخه .
وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ من نخيل ، وعنب ، وتفاح ، ورمان ، وأترج ، وتين ، وغير ذلك مما لا نظير له في الدنيا ، فهذا المحبوب المطلوب قد حصل لهم .
ثم قال : وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ يزول بها عنهم المرهوب ، فأي هؤلاء خير أم من هو خالد في النار التي اشتد حرها ، وتضاعف عذابها ، وَسُقُوا فيها مَاءً حَمِيمًا ؛ أي : حارًا جدًّا ، فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ فسبحان من فاوت بين الدارين والجزاءين ، والعاملين والعملين .

ندعوكم لقراءة : فاكهة الجنة

– تجري من تحتها الأنهار :

أخبرنا الله تبارك وتعالى بأن الجنة تجري من تحتها الأنهار ، كما في قوله تعالى : ” وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَناتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ “. (البقرة : 25)

– الأنهار في السُّنَّة :

روى [ مسلم ] في صحيحه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم : رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَذِهِ الْأَنْهَارُ ؟ قَالَ : أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ : فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ : فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ .

وروى [ البخاري ] في صحيحه (5610) : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
” رُفِعْتُ إِلَي السِّدْرَةِ ، فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ : نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهَرَانِ بَاطِنَانِ ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ : النِّيلُ وَالفُرَاتُ ، وَأَمَّا البَاطِنَانِ : فَنَهَرَانِ فِي الجَنَّةِ ”.

قال الإمام النووي رحمه الله : { معناه : أن الأنهار تخرج من أصلها ، ثم تسير حيث أراد الله تعالى حتى تخرج من الأرض ، وتسير فيها ، وهذا لا يمنعه عقل ولا شرع ، وهو ظاهر الحديث ؛ فوجب المصير إليه ، والله أعلم }. (انتهى من [شرح النووي على مسلم] (2/ 225))

روى [ مسلم ] في صحيحه (2839) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ ، وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ : كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ”.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى