يضمن لك الجنة
يضمن لك الجنة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” من يضمن لي ما بين لَحْيَيْهِ وما بين رجليه أضمن له الجنة “.
( رواه البخاري ).
من هدي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري رحمه الله ، أنه يرشد أمته إلى أمرين يستطيع المسلم إذا ما التزم بهما أن يدخل الجنة التي وعد الله عباده المتقين ، وهذان الأمران هما : حفظ اللسان من التكلم بما يغضب الله تعالى ، والأمر الثاني حفظ الفرج من الوقوع في الزنا .
قال الإمام النووي رحمه الله في كتاب [ الأذكار ] :
{ اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام ، إلا كلامًا تظهر المصلحة فيه ، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة ، فالسُّنَّة الإمساك عنه ؛ لأنه ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه ، بل هذا كثير أو غالب في العادة ، والسلامة لا يعدلها شيء }.
قال عمرو بن العاص رضي الله عنه :
{ الكلام والدواء إن أكثرت منه قتل ، وإن أقللت منه نفع }.
ولله در الشافعي القائل :
احفظ لسانك أيها الإنسان … لا يلدغنك إنه ثعبان
– أنفق بلال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما .
وحديث : أنفق بلال ، أخرجه جمع من المحدثين بألفاظ متقاربة ، منها ما ورد عن عبدِاللَّهِ بن مسعُود رضي الله عنه أنه قَال : دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بِلَالٍ وَعِنْدَهُ صُبْرَةٌ مِنْ تَمْرٍ فَقَالَ : ” مَا هَذَا يَا بِلَالُ؟ ” ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادَّخَرْتُهُ لَكَ وَلِضِيفَانِكَ .
فَقَالَ : ” أَمَا تَخْشَى أَنْ يَفُورَ لَهُ بُخَارٌ فِي جَهَنَّمَ ؟ أَنْفِقْ بِلَالُ ، وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا “.
( والحديث صححه الألباني وأورده في الصحيحة برقم 2661 وأطال في ذكر طرقه رحمه الله ).
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه :
” وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ “. (التوبة : 102)
يستطيع الإنسان بالمال أن يتحصل على رضا الله ، وبه أيضًا يتحصل على سخط الله !
والإنسان بالمال يستطيع أن ينال ويرتقي أفضل المنازل ، وبه يستطيع أن يتحصل على أخبث المنازل ، فإذا أدى حق ماله فقد استبرأ لدينه وعرضه ، قال رسول الله صلى اللهُ عليهِ وسلمَ :
” لا تزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عنْ أربع ، وذكر منها : وعنْ مالهِ مِنْ أيْنَ أخذهُ وفيما أنْفَقَهُ “.
هل اكتسبه بالحلال أم بالحرام ؟ وأين أنفقه في اللهو والترف وحطام الدنيا ولم يؤد حقه أم في وجوهه المشروعة ؟
فكن كيِّسًا فَطِنًا يا عبدالله ، واختر لنفسك الطريق الصحيح الذي يرضي ربك ومولاك .
قال علي بن الحسين رضي الله عنهما :
{ سادة الناس في الدنيا الأسخياء الأتقياء }.
وهذا جده الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول :
{ اللهَ اللهَ في الفقراء والمساكين ، أشركوهم في معاشكم }.
– خير الناس وشرهم :
قال أحد الحكماء وهو واحد من ظرفاء عصره :
{ خير الناس من كف فكه وفك كفه ، وشر الناس من فك فكه وكف كفه .
فكم من فكة كف كفت فكوكهم ، وكم من كفة فك فكت كفوفهم .
فكفوا فكوككم ، وفكوا كفوفكم }.
- مع الشرح والتوضيح :
( خير الناس من كف فكه ) ؛ أي أسكت لسانه الذي يسكن بين فكيه عما يؤذى الناس بالقول الباطل وشهادة الزور والغيبة والنميمة والبهتان وهتك أعراض الناس بلسانه .
( وفك كفه ) ؛ أي بسط يده بالجود والكرم لمن يستحق من الفقراء والمساكين والسائلين ، وإطعام الطعام فى المناسبات التى بها يجتمع الأحباب والجيران والأصدقاء فتتولد المحبة وتتجدد .
( وشر الناس من فك فكه ) ؛ أي ترك لسانه عاريًا من الحياء والخجل والخوف من الله ، يقول وهو ليس بنفسه على لسانه رقيب ، فأذى الناس بثعبانه الذى يسكن بين فكيه .
( وكف كفه ) ؛ أي قبض ومسك يده عن العطاء فصار بخيلًا بين الناس شحيحًا عن الإقدام على فعل الخير بالمساعدة وغيرها .
( فكم من فكة كف ) ؛ أي كم من تنفيذ فعل طيب وبسط اليد بالخير ، كفت فكوكهم ؛ أي جعل الغير يغلقون أفواههم عن ذكره بسوء .
( وكم من كفة كف ) ؛ أي كم من عدم تنفيذ الفعل الطيب بقبض اليد وعدم العطاء ، فكت كفوفهم ؛ أي جعل الناس يفتحون أفواههم بكلام يؤذي صاحب قبض اليد .
( فكفوا فكوككم ) ؛ أي أغلقوا أفواهكم عما يسىء إلى الناس ، ( وفكوا كفوفكم ) ؛ أي أبسطوا أيديكم بالخير والعطاء ونفذوا أفعالكم بما يعود على الناس بالنفع ، ووعودكم كذلك .
اللهم اجعلنا ممن يكفون فكوككهم ، ويفكون كفوفهم .. واجعلنا ممن يضمن لهم رسول الله ﷺ الجنة .