دينهم الإسلام

دينهم الإسلام :

قال الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام :
” رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ “. (البقرة : 128)

آيات بينات في القرآن الكريم تثبت أن أنبياء الله جميعًا دون استثناء مسلمون ؛ فالدين عند الله عز وجل هو الإسلام ، يقول الرب الجليل في محكم التنزيل :
” إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ “. (آل عمران : 19)

الدّين : الطّاعة والانقياد لله ، أو الملّة .
الإسلام : الإقرار بالتّوحيد مع التّصديق و العمل بشريعته تعالى .
بغيًا : حسدًا و طلبًا للرياسة .

إن الدين الذي ارتضاه الله ﷻ لخلقه وأرسل به رسله ، ولا يَقْبَل غيره هو الإسلام ، وهو الانقياد لله وحده بالطاعة والاستسلام له بالعبودية ، واتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى خُتموا بمحمد ﷺ ، الذي لا يقبل الله مِن أحد بعد بعثته دينًا سوى الإسلام الذي أُرسل به .
وما وقع الخلاف بين أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، فتفرقوا شيعًا وأحزابًا إلا من بعد ما قامت الحجة عليهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب ؛ بغيًا وحسدًا طلبًا للدنيا .
ومن يجحد آيات الله المُنَزَّلة وآياته الدالة على ربوبيته وألوهيته ، فإن الله سريع الحساب ، وسيجزيهم بما كانوا يعملون .

يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
هو الذي لا يُقبل من أحدٍ دينٌ سواه ، وهو متضمن للإخلاص له في الحب والخوف والرجاء والإنابة والدعاء ومتابعة رسوله في ذلك ، وهذا هو دين الرسل كلهم ، وكل من تابعهم فهو على طريقهم ، وإنما اختلف أهل الكتاب بعد ما جاءتهم كتبهم تحثهم على الاجتماع على دين الله ، بغيًا بينهم ، وظلمًا وعدوانًا من أنفسهم ، وإلا فقد جاءهم السبب الأكبر الموجب أن يتبعوا الحق ويتركوا الاختلاف ، وهذا من كفرهم ، فلهذا قال تعالى { وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب } فيجازي كل عامل بعمله ، وخصوصًا من ترك الحق بعد معرفته ، فهذا مستحق للوعيد الشديد والعقاب الأليم .

ويقول الإمام الأكبر شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوي رحمه الله ، في الوسيط :
والإسلام في اللغة هو الاستسلام والانقياد ، يقال : أسلم أى انقاد واستسلم .
وأسلم أمره الله سلمه إليه والمراد به هنا -كما قال ابن جرير الطبري- : «شهادة أن لا إله إلا الله ، والإقرار بما جاء من عند الله ، وهو دين الله الذي شرعه لنفسه وبعث به رسله ، ودل عليه أولياءه ، لا يقبل غيره ولا يجزى بالإحسان إلا به ».
وهو الدين الحنيف الذي جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم .
وقال ابن كثير : وقوله -تبارك وتعالى- ” إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ ” إخبار منه -تعالى- بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام ، وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى ختموا بمحمد ﷺ الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد ﷺ ، فمن لقى الله -تعالى- بعد بعثة محمد ﷺ بدين على غير شريعته فليس بمتقبل كما قال -تبارك وتعالى- ” وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ” الآية .
وقال في هذه الآية مخبرا بانحصار الدين المتقبل عنده في الإسلام إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وقوله : عِنْدَ اللَّهِ ظرف العامل فيه لفظ الدين لما تضمنه من معنى الفعل ، أي الذي شُرِع عند الله الإسلام .
ويصح أن يكون صفة للدين فيكون متعلقًا بمحذوف أي الكائن أو الثابت عند الله الإسلام .

ندعوكم لقراءة : كلمة التوحيد

نحن نسأل ، والعلماء الربانيون يجيبون :

س : ما الإسلام ؟

ج : الإسلام هو توحيد الله سبحانه ، وإفراده ﷻبالعبادة ، وهو دين الأنبياء جميعًا ، لا دين غيره ، وكل ما عداه من أديان ، فهو ليس من السماء ، ولم ينزل الله به كتابًا ولا بعث به نبيًا أو أرسل رسولًا .

س : ما دين الأنبياء :

ج : دين الأنبياء جميعًا هو الإسلام ؛ ولهذا يقول الله تعالى مخاطبًا رسوله محمدًا خاتمهم ﷺ : ” وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ “. (الأنبياء : 25)

فكل الأنبياء جاءوا بأصل هذه الدعوة : عبادة الله ، واجتناب الطاغوت ؛ ومن هنا يقول الله تعالى : ” إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ ” (آل عمران : 19) ، فلا دين عند الله غيره ، ويقول ﷻ : ” وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ “. (آل عمران : 85)

س : ما الدليل النقلي على ذلك :

ج : الأدلة قاطعة من القرآن الكريم :

هذا نوح عليه السلام ، شيخ المرسلين يقول لقومه : ” فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ “. (يونس : 72)

وإبراهيم : ” إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ “. (البقرة : 131-132)

وموسى يقول لقومه : ” يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ “. (يونس : 84)

والحواريون أصحاب عيسى عليه السلام يقولون : ” آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ “. (آل عمران : 52)

وسحرة فرعون حين آمنوا قالوا : ” رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ “. (الأعراف : 126)

وسليمان حيث بعث لبلقيس قال لها بعد البسملة : ” أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ “. (النمل : 31)

فالإسلام دين الأنبياء جميعًا فكلهم دعوا إلى الإسلام ، واعترفوا بالإسلام .

س : لمَ بُعِث النبي محمد ﷺ ؟

ج : الإسلام الذي بعث الله به محمدًا ﷺ  هو خاتمة هذه الأديان ؛ جاء ليُكمِّلها ويُتمِّمها ، ويصحح ما حدث فيها من انحراف أو زيادات أو شوائب ؛ يخلصها ويُكمِّلها كما قال ﷺ : ” إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق “. (رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والحاكم والبيهقي في الشعب)

فهو ﷺ بُعث مُتَمِّمًا ومُصَدِّقًا لما بين يديه من الكتب ومهيمنًا عليها جميعًا ومصححًا لها .

س : ما القول الفصل في إبراهيم عليه السلام ؟

ج : مِن العجب أن يُقال عن إبراهيم عليه السلام إنه يهودي أو نصراني ، يقول الله عز وجل : ” مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ “. (آل عمران : 67)

إنه صاحب الملة الحنيفية السمحة .

س : من الذي سَمَّانَا مسلمين :

ج : خليل الرحمن ، إبراهيم عليه السلام هو الذي سمَّانا مسلمين ؛ قال الله عز وجل : ” وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ “. (الحج : 78)

س : هل هناك اختلافات فرعية في الشرائع السماوية :

ج : شاء الله أن يطلق على هذا الدين الإسلام ، هذا الاسم للدين السماوي الأصلي ، الذي أنزله الله لهداية عباده ، وأرسل به رسله ، ولم يُسمّه الله ولا المسلمون باسم ” المحمدية ” مثلًا كما هو شأن ” المسيحية ” المنسوبة إلى المسيح عيسى عليه السلام ، فهو الدين الإسلامي العام الذي اشترك فيه الأنبياء جميعًا ؛ قال الله تعالى : ” شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ “. (الشورى : 13)

فالإسلام إذن هو مجموع العقائد وأمهات الأخلاق والفضائل التي جاء بها الأنبياء جميعًا ، وأصول المحرمات التي نهى عنها الأنبياء جميعًا .

وهناك أشياء اختلفت فيها الديانات وهي التشريعات الفرعية التفصيلية التي تعالج حياة الناس .. فهذه اختلفت باختلاف الأعصار والأزمان والبيئات والأجيال ، كما قال الله تعالى : ” لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ” (المائدة : 48) ؛ ولهذا كان في بعض الشرائع أشياء محرمة تحلها شرائع أخرى ، كما جاء مثل ذلك عن المسيح عليه السلام ، حيث يقول القرآن عن المسيح : ” وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ” (آل عمران : 50) ، وجاءت شريعة الإسلام هي الناسخة للشرائع جميعًا ، وأبقت منها ما يصلح ، وأزالت ما حُرِّف وأتمَّت ما نقص ، وشرعت الشريعة العامة الخالدة الصالحة المصلحة لكل زمان ومكان .

س : ما خير الأمم ؟

ج : خير الأمم هي أمة النبي محمد ﷺ .

يا أمة النبي محمد ﷺ ، الله ﷻ اصطفاكم واختاركم على سائر الأمم ، وفضَّلكم وشرَّفكم وخصَّكم بأكرم رسول وهو نبيكم الكريم ﷺ ، وأكمل شرع .

قال الله الملك الحق ﷻ :
” كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ “. (آل عمران : 110)

Exit mobile version