التوبة

التوبة :

لله در القائل :

قبورنا تُبْنَى ، وماتُبْنَا … ياليتنا تُبْنَا ، قبل أن تُبْنَى

توجد سورة كاملة في القرآن الكريم تحمل هذا الاسم :
” التوبة ” ؛ وهي السورة رقم ( 9 ) في ترتيب المصحف ، وعدد آياتها ( 129 ) آية .

أمر الله عز وجل عباده بالتوبة والأوبة والرجوع إليه ، وبيّن سبحانه وبحمده حبّه للتوّابين ؛ قال عز وجل :
” إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين “. (البقرة : 222)

وهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تتحدث عن التوبة ؛ منها :

” إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَـٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ “. (البقرة : 160)

” إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الضَّالُّون “. (آل عمران : 89-90)

” وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ “. (آل عمران : 135)

” إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّـهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّـهِ فَأُولَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ”. (النساء : 146)

” فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّـهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ “. (المائدة : 39)

” أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّـهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ “. (المائدة : 74)

” وَإِذا جاءَكَ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِآياتِنا فَقُل سَلامٌ عَلَيكُم كَتَبَ رَبُّكُم عَلى نَفسِهِ الرَّحمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُم سوءًا بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِن بَعدِهِ وَأَصلَحَ فَأَنَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ ”. (الأنعام : 54)

” وَأَنِ استَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ يُمَتِّعكُم مَتاعًا حَسَنًا إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤتِ كُلَّ ذي فَضلٍ فَضلَهُ وَإِن تَوَلَّوا فَإِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ كَبيرٍ “. (هود : 3)

” ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذينَ عَمِلُوا السّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابوا مِن بَعدِ ذلِكَ وَأَصلَحوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِها لَغَفورٌ رَحيمٌ “. (النحل : 119)

” إِلّا مَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا فَأُولـئِكَ يَدخُلونَ الجَنَّةَ وَلا يُظلَمونَ شَيئًا “. (مريم : 60)

من أجمل ما قرأت كلمة للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ، يقول فيها :

{ وسَّع الله سبحانه وتعالى على عباده غاية التَّوسِعة ، في دينه ورزقه وعفوه ومغفرته ، وبسط عليهم التَّوبة ما دامت الرُّوح في الجسد ، وفتح لهم بابًا لها لا يغلقه عنهم إلى أن تطلع الشَّمس مِن مغربها ، وجعل لكلِّ سيِّئةٍ كفارةً تكفِّرها مِن توبةٍ أو صدقةٍ أو حسنةٍ ماحيةٍ أو مصيبةٍ مكفِّرةٍ ، وجعل بكلِّ ما حرَّم عليهم عوضًا مِن الحلال أنفع لهم منه وأطيب وألذَّ ، فيقوم مقامَه ليستغني العبد عن الحرام ، ويسعه الحلال فلا يضيق عنه ، وجعل لكلِّ عسرٍ يمتحنهم به يسرًا قبله ويسرًا بعده ، فلن يغلب عسرٌ يسرين .
فإذا كان هذا شأنه سبحانه مع عباده ، فكيف يكلِّفهم ما لا يسعهم ، فضلًا عمَّا لا يطيقونه ولا يقدرون عليه }.

ندعوكم لقراءة : التواب

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ﷺ :

” كانَ في بَنِي إسْرائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ إنْسانًا ، ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ ، فأتَى راهِبًا فَسَأَلَهُ فقالَ له : هلْ مِن تَوْبَةٍ؟ قالَ : لا ، فَقَتَلَهُ ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ ، فقالَ له رَجُلٌ : ائْتِ قَرْيَةَ كَذا وكَذا ، فأدْرَكَهُ المَوْتُ ، فَناءَ بصَدْرِهِ نَحْوَها ، فاخْتَصَمَتْ فيه مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذابِ ، فأوْحَى اللَّهُ إلى هذِه أنْ تَقَرَّبِي ، وأَوْحَى اللَّهُ إلى هذِه أنْ تَباعَدِي ، وقالَ : قِيسُوا ما بيْنَهُما ، فَوُجِدَ إلى هذِه أقْرَبَ بشِبْرٍ ، فَغُفِرَ له ”.
( متفق عليه ، وهذا لفظ البخاري ).

قال علماء الحديث : إن حديث قاتل المائة نفس ، حديثٌ صحيح ؛ أخرجه الشيخان في صحيحيهما ، وهو بذلك في أعلى درجات الصحة سندًا ومتنًا .

يقول علماؤنا الأكارم :
إن لفظ التوبة من الألفاظ المركزية في كتاب الله المعجز ، بل ثمة سورة برأسها تُسَمَّى سورة التوبة ؛ وما ذلك إلا لأن التوبة باب عظيم من أبواب الرجوع إلى الله تبارك وتعالى ، وهي طريق لتصحيح العبد مساره في هذه الحياة ، ولضبط توجيهه نحو خالقه وبارئه ، فالحياة محفوفة بالشهوات ومليئة بالمغريات ، ومن يَسْلَم من الذنوب في هذه الحياة ؟!

التوبة : اسمًا وفعلًا : ورد لفظ ( التوبة ) ومشتقاتها في القرآن الكريم في سبعة وثمانين موضعًا ، جاء في ثلاثة وستين منها بصيغة الفعل ، من ذلك قوله عز وجل : ” وتوبوا إلى الله جميعا “. (النور : 31)

وجاء في أربعة وعشرين موضعًا بصيغة الاسم ، من ذلك قوله سبحانه : ” إنما التوبة على الله “. (النساء : 17)

التوبة في الشرع : ترك العبد الذنبَ لقبحه ، والندمُ على ما فرط منه ، والعزيمة على ترك المعاودة ، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالأعمال بالإعادة ، فمتى اجتمعت هذه الأربع فقد كملت شرائط التوبة .

قال الله التواب الرحيم :

” وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا “. (النساء : 18)

Exit mobile version