الخنس الجوار الكنس
الخنس الجوار الكنس :
الله وحده هو من يقسم بما شاء من عباده ، ولا يقسم ربنا إلا بعظيم ، فالمقسم به أمر عظيم دائمًا ، قال تعالى :
” فَلَاۤ أُقۡسِمُ بِرَبِّ ٱلۡمَشَـٰرِقِ وَٱلۡمَغَـٰرِبِ إِنَّا لَقَـٰدِرُونَ “. (المعارج : 40)
فالله في هذه الآية أقسم بالمشارق والمغارب ، وأقسم الله بالفجر فهو مخلوق فقال تعالى :
” وَٱلۡفَجۡرِ * وَلَیَالٍ عَشۡر “. (الفجر : 1-2)
والمقسم عليه منه توكيد الأمر ، وخاصة الأمور الغائبة والخفية التي يريد الحق سبحانه وتعالى إثباتها ، كما جاء في قوله تعالى :
” وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ “. (النجم : 1-2)
ويأتي جواب القسم ، يُذكر مرّة وهو الغالب ، وتارة يُحذف كما جاء في قوله تعالى :
” لَاۤ أُقۡسِمُ بِیَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ * وَلَاۤ أُقۡسِمُ بِٱلنَّفۡسِ ٱللَّوَّامَةِ * أَیَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ * بَلَىٰ قَـٰدِرِینَ عَلَىٰۤ أَن نُّسَوِّیَ بَنَانَهُۥ “. (القيامة : 1-4)
فهنا جاء جواب القسم محذوفًا ، دلَّ عليه قوله تعالى : ” أَیَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ ” والتقدير : لتُبْعَثُنَّ ولَتُحَاسَبُنّ .
وأسلوب القسم في القرآن الكريم جاء لتأكيد الحكم ، وبه يتم سوق الأدلة والبراهين على تأكيد وتقرير وتوضيح المعنى .
والقسم واليمين واحد ، وتمّ إطلاق كلمة اليمين عليه ؛ وذلك لأنّ العرب كان الواحد فيهم يأخذ بيمين صاحبه عند الحلف .
– الثقوب السوداء :
قال الله الملك الحق :
” فَلَا أُقْسِمُ بالخُنَّس * الجَوَارِ الكُنَّس “. (التكوير : 15-16)
اكتشف العلماء حديثًا وجود نجوم أسموها الثقوب السوداء ، وتتميز بثلاث خصائص : أنها لا تُرى ، وتجري بسرعات كبيرة ، وتجذب كل شيء إليها وكأنها تكنس صفحة السماء ، حتى إن العلماء وجدوا أنها تعمل كمكنسة كونية عملاقة .
وقد بيّن لنا القرآن الكريم هذه الحقيقة العلمية ، فعبرت عنها الآيات الكريمات بثلاث كلمات جامعة ، يقول تعالى في سورة التكوير :
” فَلا أُقْسِمُ بالخُنَّسِ * الجَوَارِ الكُنَّسِ “.
وهذه الآية الكريمة هي سبق للقرآن الكريم في الحديث عن الثقوب السوداء قبل أن يكتشفها العلماء ، ففي لسان العرب يأتي معنى كلمة ” الخنس ” أي التي لا تُرى ، أما الجوارِ فتأتي بمعنى التي تجري ، والكُنَّس أي التي تكنس وتجذب إليها كل شيء بفعل الجاذبية الهائلة لها .
يقول الدكتور عبد الدائم الكحيل : { حتى عام 1790 ميلاديًا لم يكن العلماء قد اكتشفوا أن السماء تحتوي نجومًا تكنس وتجذب كل ما تصادفه في طريقها ، حتى طرح العالم الإنجليزي جون ميشيل والفرنسي بيير سايمون نظرية تقول : إن هناك نجومًا مخفية في السماء ، وفي عام 1915م توقعت نظرية النسبية لأينيشتاين هي الأخرى وجود هذه الأجسام في الفضاء وأنها تؤثر على الزمان والمكان .
وفي عام 1994م أثبت العلماء بواسطة مرصد [ هابل ] وجود جسم غير مرئي في المجرة M87 يلتف حوله الغاز في دوامة واضحة ، وقد قدروا وزن هذا الجسم بثلاثة آلاف مليون مرة ضعف وزن الشمس ، ثم توالت الأدلة على وجود هذه الأجسام بواسطة آشعة إكس .
وأخيرًا في عام 1967م تحدث العالم الأمريكي [ جون ولير ] عن الثقوب السوداء كنتيجة لانهيار النجوم ، وفي القرن العشرين وبعد التقدم الهائل في مجال علوم الفلك ظهر مفهوم علمي آخر لتفسير الظواهر المبينة لهاتين الآيتين ( الخنس ، الجوار الكنس ).
ولقد اكتشف العلماء في عام 2002م مجموعة من المجرات على بعد 250 مليون سنة ضوئية ، وأكدوا وجود عدد كبير من الثقوب السوداء ، ووجدوا كذلك أن انفجار النجوم هي المرحلة الأولى لتشكيل الثقوب السوداء ، وأن جميع النجوم ستنفجر بعد نفاد وقودها وتتحول إلى أشكال أخرى من النجوم ، ولكن الشكل الأخطر هو الثقب الأسود }.
– الخلاصة :
الآيتان 15 ، 16 من سورة التكوير تحتوي على معلومات دقيقة عما يسميه العلماء الآن بالثقوب السوداء The Black Holes ، فالآية تتحدث عن نجوم ( تُخنس ، وتجري ، وتكنس ) ، وقد وُجد في إحدى الدراسات العلمية عن الثقوب السوداء ما نصه :
It creates an immense gravitational pull not unlike an invisible cosmic vacuum cleaner . As it moves , it sucks in all matter in its way – not even light can escape .
أي : الثقوب السوداء تخلق قوة جاذبية هائلة تعمل مثل مكنسة كونية -لا تُرى- عندما تتحرك تبتلع كل ما تصادفه في طريقها ، حتى الضوء لا يستطيع الهرب منها .
بمعنى أنها ( لا تُرى – تتحرك باستمرار – جاذبيتها فائقة ) ، وهي حقيقة علمية ورد ذكرها في كتاب الله منذ أكثر من 1400 سنة .
ندعوكم لقراءة : إعجاز القرآن في الليل والنهار
– ناسا الأمريكية :
الخُنّس الجوار الكُنّس ، هي مكانس تكنس السماء وتنظفها !
اكتشفت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا شيئًا عجيبًا فى الفضاء ؛ فهناك من ينظف الكون من الغبار الكوني والدخان الناتج عن انفجارات النجوم .
نعم ، هي مكانس تشفط هذا الدخان والغبار الكوني تمامًا كالمكنسة .
أطلقت عليها ناسا اسم [ الثقوب السوداء ] ؛ لأنها لا تُرى فهي مثل ثقب يشفط أى غبار أو دخان فى الكون .
وفى الحقيقة هى نوع من أنواع النجوم ، تجرى فى السماء وتنظفها .
ناسا لم تكتشف شيئًا ؛ لأنها فقط التقطت صورًا لشىء تكلم عنه خالقه الواحد الأحد في القرآن الكريم ، فقد أتى ذكر هذه النجوم في قوله تعالى : ” فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الكُنَّسِ “. (التكوير : 15-16)
أقسم الملك جل في علاه ، ولايقسم ربنا إلا بعظيم ، ووصفها وصفًا دقيقًا ، فهي :
لا تُرى ؛ فهي خُنَّس ..
وتجري ، وهى جوار ..
وكالمكنسة : فهي كُنَّس .
الجوار الكنس :
أكبر بعشرين مرة من الشمس ، وهي كمكنسة كونية عملاقة تستطيع أن تبلع الأرض بلعًا !!
لها جاذبية عظيمة تجذب أي شيء يمر أمامها !
صدق الله الملك الحق :
” سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ “. (فصلت : 53)
تدبروا عظمة الخالق سبحانه وتعالى ، فسبحان الله يخلق ما يشاء ، ويفعل ما يريد .
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم .