حكايات عصرية

معلم ويفتخر

معلم ويفتخر :

يقول المعلم المصري بلسان الحال ، لا بلسان المقال :

أنا معلم وأفتخر بمهنتي السامية ، ذات المهام الغالية ، أعمل بضمير يقظ وهمة عالية ؛ من أجل الأجيال الحالية ، وكذلك الآتية .

أتعب وأكدح في هذه الدنيا الفانية ؛ من أجل حياة باقية .

وأطمع أن أكون من أهل هذه الآيات التالية :
” فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئًَا بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ “. (الحاقة : 19-24)

وأنا أفتخر بشهادة أمير الشعراء أحمد شوقي القائل :

قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا … كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا

أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي … يَبني وَيُنشِئُ أَنفُسًا وَعُقولا

سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ … عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى

– المعلم على القمة :

ويواصل المعلم المصري الأصيل المكافح كلامه الذي هو بلسان حاله بهذه المعلومات :
يحظى المعلم في الدول المتقدمة بمكانة خاصة داخل المجتمع نظرًا لما يقدمه من خدمات جليلة ، تتمثل في تنشئة وتعليم الأجيال الجديدة حتى تكون قادرة على القيادة والتأثير بشكل إيجابي داخل المجتمع في المستقبل ، هذا ما جعل العالم يخصص يومًا عالميًّا للاحتفال بالمدرسين كل سنة في الخامس من شهر أكتوبر ، تقديرًا لمجهوداتهم في تعليم وتنشئة الأجيال المستقبلية .

ولكي يقوم المدرس بمهامه المنوطة به على أحسن وجه لا بد من توفير الدعم المادي والمعنوي له ، ففي المجتمعات الراقية يُنظَر إلى المعلم على أنه في القمة ويحصل على اهتمام خاص من الدولة ، كما أن كل الأديان أعلت من شأن العلم والعلماء وقدست عمل المعلم وجعلته في مرتبة عظيمة نظرًا للأمانة والمسؤولية التي يحملها على عاتقه .

وتعتبر دولة لوكسمبورج -حسب منظمة التنمية والتعاون الاقتصاي- من أكثر الدول سخاء مع ممارسي مهنة التعليم ، حيث يحصل المدرس المبتدئ على ما يقارب 79 ألف دولار سنويًّا أي 6583 دولار شهريًّا ويصل راتبه عند الذروة إلى 137 ألف دولار سنويًّا أي أكثر من 11 ألف دولار شهريًّا ، فيما حلت كل من ألمانيا في المرتبة الثانية ، ثم هولندا وكندا ، وفي المركز الخامس الولايات المتحدة .

وجاء ترتيب الدول المتقدمة الـ 10 الأعلى في العالم في الدخل السنوي الذي يحصل عليه المدرسون على النحو التالي :
لوكسمبورج : 116321 دولار في السنة .
ألمانيا : 80993 دولار في السنة .
هولندا : 70006 دولار في السنة .
كندا : 67301 دولار في السنة .
الولايات المتحدة : 64467 دولار في السنة .
أستراليا : 63393 دولار دولار في السنة .
أيرلندا : 62135 دولار في السنة .
الدنمارك : 58349 دولار في السنة .
كوريا الجنوبية : 57242 دولار في السنة .
النمسا : 54406 دولار في السنة .

وفي اليابان ، سُئل رئيس وزراء اليابان ذات يوم عن سر تقدم اليابان ، فأجاب قائلًا :
{ لقد أعطينا المعلم راتب وزير ، وحصانة دبلوماسي ، وإجلال إمبراطور! }.

هذه أحوال رواتب الأساتذة والمربين في العالم المتقدم ، فماذا عن رواتب نظرائهم في العالم العربي والتي لا تتجاوز بضع عشرات من الدولارات في بعض الدول شهريًّا باستثناء بعض الدول العربية الخليجية التي تشكل استثناء في هذا المجال مثل قطر والإمارات ، والتي يحصل فيها المدرس على راتب محفز مما جعل هذه الدول تقفز إلى مراتب متقدمة عالميًّا في جودة التعليم .

ندعوكم لقراءة : تقدير المعلم

– سيد المدرسين :

والمعلم المصري له رأي في موضوع : المعلم والمدرس ؛ فالمدرس برأيه ليس معلمًا ناجحًا في الغالب ، أما المعلم فهو «سيد المدرسين» ، والفرق بين الاثنين أن التدريس هو نقل المادة العلمية إلى الطلبة بأي وسيلة كانت ، وهي مهمة محصورة في الدراسة والتحصيل العلمي أكثر من أي جانب آخر ، في حين أن المعلم هو المدرس والمربي والموجه والأب والأخ والصديق ، الذي يجده الطالب إلى جانبه في كافة الظروف وشتى المواقف .

– مُعَلِّم مُيَسِّر :

ويفتخر المعلم المصري الأصيل أن نبي الإسلام العظيم ، معلم ؛ فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
” إن الله لم يبعثني معنِّتًا ولا متعنتًا ( مُشِقًّا ومُعَسِّرًا ) ، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا “. (رواه مسلم)

ومع حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على تعليمهم كان أرفق الناس بهم ، وهذا ما نوَّه به القرآن الكريم عند الإشارة إلى أخلاقه صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى :
” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ “. (آل عمران : 159)

وهذا معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عن اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم أصحابه رضي الله عنهم مشيرًا إلى رفقه وحسن تعليمه بقوله :
” بأبي هو وأمي ، ما رأيتُ معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه “.

– نماذج من المعلمين :

ويعبر المعلم المصري عن وجهة نظره في زملائه ، ولسان حاله يقول :

يوجد معلمون ومعلمات -أعرفهم حق المعرفة- يتعاملون مع تلاميذهم كأنهم آباء وأمهات ؛ يتلطفون معهم ، ويبسطون المادة العلمية بطريقة يفهمها الضعيف منهم ، وإذا عجز عن الفهم داخل الحصة خصص له وقتًا إضافيًّا في وقت فراغه !

ولأنه مثقف وقارئ جيد ، يقول : المعلم : اسم فاعل لفعل عَلَّم ، ونقول معلم أي قام بفعل التعليم ، والمعلم هو من يقوم بتربية وتعليم المتعلم ؛ وذلك بتوجيه مجموعة الخبرات التي اكتسبها إلى المتعلم وذلك بطرق ووسائل مبسطة تجعل المتعلم يتقبل ذلك بسهولة .

إذًا فهو اللبنة الأساسية لعملية التعليم .

– شخصية المعلم :

وعن شخصية المعلم ، يقول المعلم المصري المكافح :

يستطيع المعلم تحريك الطلاب وتكوين عقلياتهم بأسلوبه وتصرفاته وحتى من خلال زيه الذي يرتديه !
هناك شخصيات من المعلمين تترك انطباعات ذاتية في ذهن الطلاب ؛ منهم الشخصية العصبية التي يهابها الجميع وتسبب لهم قلقًا كبيرًا وخوفًا عميقًا وعدم حب للمدرسة ؛ فهذا مدرس عادي أو أقل من العادي !
وهناك الشخصية المغرورة التي تفتخر دائمًا بأعمالها وبأنها دائمًا على حق والجميع على خطأ ، وتشعر الطالب بأنه لن يصل لمستواها الأكاديمي .
والغرور داء ما أعدله ؛ يبدأ بصاحبه فيقتله !
وهناك الشخصية المُحْبِطَة التي تحبط الطلبة ؛ كلما أخطأ الطالب توبخه وتقلل فاعليته في عمله ولا تعطيه فرصة لتعديل الأخطاء .
مثل هذا مدرس فاشل .
بينما نجد داخل أروقة المدارس وفي فصولها هذه الشخصية المطلوبة في كل وقت وحين ، وهي الشخصية الطيبة التي تحتضن الطلاب بكل مشاعرها وتساعدهم للصعود على سلالم النجاح وتعتبرهم أبناءها .
لله درهم ، بارك الله فيهم ، معلمون أكفاء .
إذًا هناك بعض المدرسين يشذ عن القاعدة ؛ فيكون عاتي الخلق .
وفي هذا يقول الشاعر اللبيب :

إن المربي في شرع الله رحمٌ … بَرٌّ بمرعيّه لا عاتيَ الخُلُقِ

يدمي بسوط الأذى القطعان وهو يرى … في نفسه ضَيغَمًا قد صال في غَسَقِ

أطفالنا يا رعاة الجيل عندكم … وديعةٌ لا دُمَى حَطْم لذي النَّزَقِ

ندعوكم لقراءة : تيدي ومعلمته

  • ويقول الشاعر الأموي المتوكل الليثي :

يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ … هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ

تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا … كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ

وَتَراكَ تُصلِحُ بالرشادِ عُقولَنا … أَبَدًا وَأَنتَ مِن الرَّشادِ عَديمُ

فابدأ بِنَفسِكَ فانهَها عَن غَيِّها … فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ

فَهُناكَ يُقبَلُ ما تَقولُ وَيَهتَدي … بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ

لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ … عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ

– ابتسم مع هؤلاء المعلمين :

يقول جبران خليل جبران :
{ تعلمت الصمت من الثرثار ، والتساهل من المتعصب ، واللطف من الغليظ .. والأغرب أنني لا أعترف بجميل هؤلاء!! }.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى