داعي السماء
داعي السماء :
كتب الأديب الكبير الأستاذ عباس محمود العقاد كتابًا عن بلال مؤذن الرسول ، أفرد فيه فصلًا كاملًا للحديث عن الأذان ، وياله من حديث .
وكان من جملة قوله : إن أشبه الأشياء بالدعوة إلى الصلاة ، دعوة تكون من معدن الصلاة ، وتتم على صوت من أصوات الغيب .. دعوة حيّة كأنما تجد الإصغاء والتلبية من عالم الحياة بأسرها ، وكأنما يبدأ الإنسان فى الصلاة من ساعة مسرى الدعوة إلى سمعه واتصاله بعالم الغيب من لحظة إصغائه إليها .
والأذان فى كلمات ، هو دعوة تلتقى فيها الأرض بالسماء ، ويمتزج فيها خشوع المخلوق بعظمة الخالق عز وجل .
الله أكبر .. الله أكبر
تلك هى دعوة الأذان التى يدعو بها المسلمين إلى الصلاة ، دعوة حيّة تنطق بالحقيقة الخالدة ، تلك الحقيقة البسيطة والعجيبة ؛ لأنها أغنى الحقائق عن التكرار فى الأبد ، وفى الوقت نفسه هى أحوج الحقائق إلى التكرار لتنبيه الإنسان وسط شواغل الدنيا .
تُسمَع هذه الدعوة بالليل كما تُسمَع بالنهار ، وتوقظ النفوس والأرواح للخروج بالإنسان من ضجيج الشواغل والشهوات ، يودع بها الهاتف ضياء النهار ويستقبل خفايا الليل ، مثلما يودع الليل ويستقبل ضياء الصباح .
ندعوكم لقراءة : الأذان والمؤذنون
- كتاب [ داعي السماء بلال بن رباح مؤذن الرسول ] لعباس محمود العقاد :
الأديب ، والمفكر ، والصحفي ، والشاعر المصري ، المولود في أسوان عام 1889م .
كان العقاد عضوًا سابقًا في مجلس النواب المصري ، وعضوًا في مجمع اللغة العربية ، لم يتوقف إنتاجه الأدبي بالرغم من الظروف القاسية التي مر بها ؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة [ فصول ] ، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات. ويُعد العقاد أحد أهم كتاب القرن العشرين في مصر ، بل في العالم العربي أجمع .
وقد ساهم بشكل كبير في الحياة الأدبية والسياسية ، وأضاف للمكتبة العربية أكثر من مائة كتاب في مختلف المجالات .
- العقاد الموسوعي :
هو موسوعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ؛ نجح في الصحافة ؛ ويرجع ذلك إلى ثقافته الموسوعية ، فقد كان يكتب شعرًا ونقدًا وفكرًا على السواء ، وظل معروفًا عنه أنه موسوعي المعرفة ؛ يقرأ في التاريخ الإنساني ، والفلسفة ، والأدب ، وعلم الاجتماع ، وفي كل الفنون .
- الإسلام العظيم :
ساوى الإسلام العظيم ، وهو الدين الحق ، بين الأعراق المختلفة ، سابقًا الحضارة العصرية الحديثة ؛ فجميع البشر سواء مهما اختلفت ألوانهم ، وجعل المفاضلة بينهم مرجعها التقوى والعمل الصالح ؛ « إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ ».
وقد حَفِل التاريخ الإسلامي بنماذج رائعة لأشخاص ليسوا بعرب أو كانوا في مكانة اجتماعية أدنى ، فلم يزدرِهم المجتمع المسلم ، بل أعطاهم فرصهم في العيش وتحقيق ذواتهم طالما كانت لديهم الإمكانات المناسبة ، وهم بالمناسبة كُثُر ؛ منهم ” بلال بن رباح “ ، فقد كان عبدًا حبشيًّا في مجتمع جاهلي مُتعنِّت يُقيِّم البشر حسب أنسابهم ولون بشرتهم فيغمط حقوقهم ولا يقيم لأرواحهم وزنًا .
فلما جاء الإسلام مساويًا بين البشر ، أفسح له مكانة كأول مُؤذِّن يرفع الأذان ( دعوة السماء ) بصوته النديِّ معلنًا أن لا عبودية إلا لله.
وأصبح بلال بن رباح عَلَمًا من أعلام الإسلام ، يعرفه القاصي والداني في العالم الإسلامي أجمع .
بلال بن رباح … بلبلٌ صدَّاح
حيَّ على الصلاة … حيَّ على الفلاح
والكتاب الذي نحن بصدده ، يعرض العقاد فيه لمحات من حياة بلال رضي الله عنه وقصة إسلامه وما فيها من بطولة لرجل طالما علا صوته بدعوة الحق .