من رحيق كلامهم

هي دنيا

قال الله الملك الحق :
” اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ “. (الحديد : 20)

وفي التفسير:
اعلموا -أيها الناس- أنما الحياة الدنيا لعب ولهو ، تلعب بها الأبدان وتلهو بها القلوب ، وزينة تتزينون بها ، وتفاخر بينكم بمتاعها ، وتكاثر بالعدد في الأموال والأولاد ، مثلها كمثل مطر أعجب الزُّرَّاع نباته، ثم يهيج هذا النبات فييبس ، فتراه مصفرًا بعد خضرته ، ثم يكون فُتاتًا يابسًا متهشمًا ، وفي الآخرة عذاب شديد للكفار ومغفرة من الله ورضوان لأهل الإيمان .
وما الحياة الدنيا لمن عمل لها ناسيًا آخرته إلا متاع الغرور .

وقال المعصوم صلى الله عليه وسلم : ” الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر”. (رواه مسلم)

فالدنيا : إذا حلت أوحلت ، وإذا كست أوكست ، وإذا جلت أوجلت ، وإذا دنت أودنت .
ولأنها دنيا : فهي كذلك : إن أقبلت بلت ، وإن أدبرت برت ، وإن أطنبت نبت ، وإن أركبت كبت ، وإن أبهجت هجت ، وإن سامحت محت ، وإن صالحت لحت ، وإن وصلت صلت ، وإن بالغت لغت .

قالوا عن الدنيا :

1- الدنيا ستة أشياء :

قال الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لعمار بن ياسر -رضي الله عنهما- : ” لاتحزن على الدنيا ؛ فإن الدنيا ستة أشياء : مأكول ، ومشروب ، وملبوس ، ومشموم ، ومركوب ، ومنكوح ؛ فأحسن طعامها العسل وهو بزقة ذبابة ( النحلة ) ، وأكثر شرابها الماء ، ويستوي فيه جميع الحيوان ، وأفضل ملبوسها الديباج ( الحرير ) وهو من نسج دودة ، وأفضل المشموم المسك وهو دم فأرة( فأرة المسك : وعاؤه الذي يجتمع فيه ) ، وأفضل المركوب الفرس وعليها يُقتل الرجال ، وأما المنكوح فالنساء ، وهو مبال في مبال “.

2- من أين تأتي الأحزان ؟!

قال ابن القيم -رحمهُ الله- :
” وإنما تحصل الهموم والغموم والأحزان من جهتين :
إحداهما : الرغبة في الدنيا والحرص عليها ..
والأخرى : التقصير في أعمال البر والطاعة “.

فأيهما أنت ؟

3- أوراق :

قال حكيم : ماالدنيا إلا مجموعة أوراق :
شهادة الميلاد : ورقـــــة
شهادة التطعيم : ورقــــة
شهادة النجاح : ورقــــة
شهادة التخرج : ورقـــــة
وتتوالى الأوراق
عقد الزواج : ورقــــــــة
جواز السفر : ورقــــــــة
وثيقة ملكـية البيت : ورقـــة
حسن السير والسلوك : ورقـــــة
وصفة العلاج : ورقــــــــة
الدعوة للمناسبات : ورقــــة
حياتنا عبارة عن ورق في ورق !!

تطويها الأيام ، وتمزقها ، ثم ترميها ..

الدنيا كلها .. أوراق ..

فكم يحزن الإنسان ، لورقة !!
وكم يفرح ، لـــــــورقة !

لكن …
الورقة الوحيدة التي لايمكن للإنسان أن يراها هي :
ورقــــــــة شهادة الوفاة ..

فاعمل لها ؛ فإنها أهم ورقــة .

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .

ندعوكم لقراءة : هــــــــي الجــــنـــــــــة 1

4- مراحل في حياتك :

قالها حكيمٌ مُجرِّب :
” حياتك عبارة عن ثلاث مراحل مضحكة ، وهي :
١) سن المراهقة :
تملك الوقت + الطاقة
لكن ليس لديك المال .
٢) مرحلة العمل :
تملك المال + الطاقة
لكن ليس لديك الوقت .
٣) مرحلة الشيب :
تملك المال + الوقت
لكن ليس لديك الطاقة !!

هذه هي الدنيا ، عندما تمنحك شيئًا ، تسلب منك شيئًا آخر “.

  • دائمًا نعتقد أن حياة الآخرين هي أفضل من حياتنا ..
    والاخرون يعتقدون أن حياتنا أفضل ..
    كل ذلك لأننا نفقد شيًا مهمًا في حياتنا ، وهو :
    القناعة .

5- الحياة قصيرة :

يقول الدكتور محمد راتب النابلسي :

” نحن لا نملك تغییر الماضي ، و لا رسم المستقبل ؛ فلماذا نقتل أنفسنا حسرةً على شيء لا نستطيع تغييره ؟! الحياة قصیرة ، وأهدافها كثيرة ؛ فانظر إلى السحاب ، ولاتنظر إلى التراب “.

إذا ضاقت بك الدروب ؛ فعليك بعلام الغيوب ، وقل الحمد لله على كل شيء .

  • سفينة ( تايتنك ) بناها مئات الأشخاص ..
    وسفينة ( نــوح ) بناها شخصٌ واحد ..
    الأولى غرقت والأخرى حملت البشــرية !
  • حاول أن تعمل ما بوسعك ؛ للحاق بقافلة الصالحين .
  • الحياة ما هي إلا قصة قصيرة :
    ( من تراب ، وعلى تراب ، وإلى تراب ..
    ثم حساب ؛ فثواب أو عقاب ).
    عش حياتك لله ؛ تكن أسعد خلق الله .

6- أين الملوك ؟!

قال أعشى قيس :

أين الملوك ومن بالأرض قد عمروا … قد فارقوا ما بنوا فيها وما عمروا

أين العساكر ما ردَّت وما نفعت … وأين ما جمعوا فيها وما ادخروا

أتاهم أمر رب العرش في عَجَلٍ … لم ينجهم منه لا مالٌ ولا وَزَرُ

7- أربعة وأربعة :

قال حاتم الأصم⁩ رحمه الله :
‏” أربعة لا يعرف قدرها إلا أربعة :
‏قدر الشباب لا يعرفه إلا الشيوخ ..
‏وقدر العافية لا يعرفه إلا أهل البلاء ..
‏وقدر الصحة لا يعرفه إلا المرضى ..
‏وقدر الحياة لا يعرفه إلا الموتى “.

8- هو الحي الذي لايموت :

رجلٌ يبكي على قبر ، فقال له الفقيه : يا هذا ! ما الذي يبكيك ؟
قال الرجل : أبكي على من أحببت ، ففارقني ..
فقال له الفقيه : ذنبك أنك أحببت من يموت ، لو أنك أحببت الحي الذي لا يموت .. لما فارقك ابدًا .

9- من كتاب ( الفوائد ) للإمام ابن القيم رحمه الله ، اخترت لكم هذه الكلمات التي تذكرنا بالله سبحانه وتعالى :
قال :

” أيامك الحالية التي تجمع فيها الزاد لمعادك ، هي والله إما إلى الجنة ، وإما إلى النار ..
فإن اتخذت منها سبيلًا إلى ربك ؛ بلغت السعادة العظمى والفوز الأكبر في هذه المدة اليسيرة ، التي لا نسبة لها إلى حياة الأبد ..
وإن آثرت الشهوات والراحات واللهو واللعب ، انقضت عنك بسرعة ، وأعقبتك الألم العظيم الدائم ..
الذي مُقاساته ومُعاناته أشقّ وأصعب وأدوم ، من معاناة الصبر عن محارم الله ، والصبر على طاعته ، ومخالفة الهوى لأجله “.
كلام قَيِّم للإمام ابن القيم عليه سحائب الرحمات ؛ فكم له من كلمات ، تصل إلى القلوب في لحظات .

إنه الإخلاص يا سادة ، جعلكم الله من أهل السعادة .

زر الذهاب إلى الأعلى