هذا خلق الله

وفي أنفسكم

وفي أنفسكم :

قال الله الملك الحق :

” وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ “. (الذاريات : 21)

  • في التفسير الميسر :

وفي خلق أنفسكم دلائل على قدرة الله تعالى ، وعِبَر تدلكم على وحدانية خالقكم ، وأنه لا إله لكم يستحق العبادة سواه ، أغَفَلتم عنها ، فلا تبصرون ذلك ، فتعتبرون به ؟

  • تفسير الجلالين :

« وفي أنفسكم » آيات أيضًا من مبدأ خلقكم إلى منتهاه ، وما في تركيب خلقكم من العجائب « أفلا تبصرون » ذلك فتستدلون به على صانعه وقدرته .

  • ويقول العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله :

” وفي أنفسكم أفلا تبصرون “
كذلك في نفس العبد من العبر والحكمة والرحمة ما يدل على أن الله وحده الأحد الفرد الصمد ، وأنه لم يخلق الخلق سدى .

  • تفسير البغوي : مضمون الآية 21 من سورة الذاريات

( وفي أنفسكم ) آيات ، إذ كانت نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظمًا إلى أن نُفخ فيها الروح .

  • وقال عطاء عن ابن عباس : يريد اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع .
  • وقال ابن الزبير : يريد سبيل الغائط والبول يأكل ويشرب من مدخل واحد ويخرج من سبيلين .

( أفلا تبصرون ).

  • قال مقاتل : أفلا تبصرون كيف خلقكم فتعرفوا قدرته على البعث .
  • ويقول الدكتور محمد سيد طنطاوي في الوسيط :

ويستفاد من هذه الآية ، ثم لفتة أخرى إلى النفس البشرية ، قال تعالى : ” وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ “.

أي : وفي أنفسكم وذواتكم وخلقكم .

أفلا تبصرون إبصار تذكر واعتبار ، فإن في خلقكم من سلالة من طين ، ثم جعلكم نطفة فعلقة فمضغة فخلقًا آخر ، ثم في رعايتكم في بطون أمهاتكم .

ثم في تدرجكم من حال إلى حال ، ثم في اختلاف ألسنتكم وألوانكم ، ثم في التركيب العجيب الدقيق لأجسادكم وأعضائكم .

ثم في تفاوت عقولكم وأفهامكم واتجاهاتكم .

في كل ذلك وغيره ، عبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين .

  • ورحم الله صاحب الكشاف ، فقد قال عند تفسيره لهاتين الآيتين :

( وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ ) تدل على الصانع وقدرته وحكمته وتدبيره ، حيث هي مدحوّة كالبساط .

وفيها المسالك والفجاج للمتقلبين فيها ، والماشين في مناكبها .

وهي مجزأة : فمن سهل وجبل ، وبر وبحر ، وقطع متجاورات : من صلبة ورخوة ، وطيبة وسبخة ، وهي كالطروقة تلقح بألوان النبات.

وتسقى بماء واحد ، ونفضل بعضها على بعض في الأُكُل ، وكلها موافقة لحوائج ساكنيها .

في كل ذلك آيات لِلْمُوقِنِينَ أي : للموحدين الذين سلكوا الطريق السوى .

فازدادوا إيمانًا على إيمانهم .

( وَفِي أَنْفُسِكُمْ ) في حال ابتدائها وتنقلها من حال إلى حال ، وفي بواطنها وظواهرها ، من عجائب الفطر ، وبدائع الخلق ، ما تتحير فيه الأذهان ، وحسبك بالقلوب ، وما ركز فيها من العقول ، وخصت به من أصناف المعاني ، وبالألسن والنطق ومخارج الحروف ، وما في تركيبها وترتيبها ولطائفها : من الآيات الدالة على حكمة المدبر .

فتبارك الله أحسن الخالقين .

– مياه مختلفة :

انظر إلى هذه المياه المختلفة : ماء الأذن مُرّ ، وماء العين مالح ، وماء الفم عذب !

اقتضت رحمة الله أن جعل ماء الأذن مُرًّا في غاية المرارة ؛ لكي يقتل الحشرات والأجزاء الصغيرة التي تدخل الأذن .

وجعل ماء العين مالحًا ليحفظها ؛ لأن شحمتها قابلة للفساد ، فكانت ملوحتها صيانة لها .

وجعل ماء الفم عذبًا ؛ ليدرك طعم الأشياء على ما هي عليه ، إذ لو كانت على غير هذه الصفة لأحالها إلى غير طبيعتها .

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم .

ندعوكم لقراءة : وفي أنفسكم أفلا تبصرون

– النوم والوفاة :

جاءت الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة الصحيحة تدل على أن الروح تقبض عند النوم ، وأن النوم صورة من صور الوفاة ، ومن هذه الأدلة :

  • قول الله عز وجل : ” اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ “. (الزمر : 42)
  • وقوله سبحانه : ” وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ “. (الأنعام : 60)
  • وعن أبي قتادة رضي الله عنه حِينَ نَامُوا عَنِ الصَّلاَةِ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم : ” إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ ، وَرَدَّهَا حِينَ شَاءَ “. (رواه البخاري : 7474)
  • وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرِهِ الَّذِي نَامُوا فِيهِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ : ” إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْكُمْ أَرْوَاحَكُمْ ، فَمَنْ نَامَ عَنْ صَلاةٍ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا اسْتَيْقَظَ ، وَمَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَ “. (رواه أبو يعلى في [ المسند ] : 2/192 ، وصححه الألباني في [ إرواء الغليل ] : 1/293).
  • وعن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من النوم قال : ” الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ “. (رواه البخاري : 6312 ، وهو عند مسلم في صحيحه : 2711 من حديث البراء رضي الله عنه)

وقد ذكر هذه الأدلة الحافظ ابن رجب رحمه الله ثم قال :
{ فدلت الآية على أن النوم وفاة ، ودل الحديث على أن النوم قبض ، ودلَّا على أن النفس المتوفاة هي الروح المقبوضة }. (انتهى من [ فتح الباري ] لابن رجب : 3/325)

ولكن قبض الروح في النوم لا يستلزم انفصالها انفصالًا كليًّا كما يحدث عند الموت ، بل بقاء الحياة في الجسم أثناء النوم دليل على استمرار تعلق الروح بالجسد أثناء النوم ، ولكنه تعلق ناقص عن التعلق أثناء الاستيقاظ ، فليس كل انفصال للروح عن الجسد يستلزم الموت ، بل ما يحدث للجسد يختلف بحسب نوع الانفصال .

قال ابن رجب رحمه الله :
{ قبض الأرواح من الأبدان لا يشترط له مفارقتها للبدن بالكلية ، بل قد تُقبض ويبقى لها به منه نوع اتصال ، كالنائم }. (انتهى من [ فتح الباري ] لابن رجب : 3/326)

– آرثر أليسون :

عالم بريطاني شهير ، وهو رئيس قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية بجامعة لندن .

انشغل ذلكم الرجل بالطاقة الموجودة داخل الإنسان وهو حي وهو ميت .

قال له طالب مصری مسلم كان يدرس تحت إشرافه : زن بأجهزة قياس الطاقة ، الطاقة في جسد الإنسان وهو يقظ ثم وهو نائم ، ففعل العالِم ؛ ووجد أن النائم يفقد قدرًا من الطاقة تساوي ما يفقده الميت تقريبًا ، وعلم أن هذا النقص في كلا الحالتين ناتج عن خروج الروح.

سأل العالمُ الطالبَ المصري اللمّاح الذكي : كيف عرفت أن الروح تخرج أيضًا عند النوم ؟

فأجابه الطالب : آية من القرآن الكريم وهي : ” اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ “. (الزمر : 42)

فأعلن البروفيسور [ آرثر أليسون ] إسلامه ، وقال : إن الإسلام هو دين الحق ، ودين الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، ثم أعلن في المؤتمر عن اسمه الجديد : [ عبدالله أليسون ].

هي واللهِ آيات في إثر آيات في أنفسنا من مبدأ الخلق حتى منتهاه .. سبحان الله .. سبحانه .

ولله در القائل :

{ كلما استكثرت معرفة عجائب المصنوعات ، كانت معرفتك بجلال الصانع أتم }.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى