لا يغلق بابه
لا يغلق بابه :
سبحان ربي العظيم الذي لا يغلق الأبواب ، وليس بينه وبين عباده أي حجاب ، ويحب من عباده أولي الألباب ، ويتوب جل وعلا على من تاب ، ويساعد من يأخذ بالأسباب .
سبحانه وتعالي الكريم الوهَّاب .
قال الله تعالى :
” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ “. (الزمر : 53)
لم يغلق بابه ، ولم يسدل حجابه ، لم تنفد خزائنه ، ولم ينته فضله ، لم ينقطع حبله .
فارجع إليه وتوكل عليه .
– لا يغلق بابه :
ربٌّ كريم ، لا يغلق بابه أبدًا ، ونحن نسأله ، وهو خير معبود ، صاحب الكرم والجود ، الذي لا يجوز لغيره السجود ، ولا يستغني عنه أحد في الوجود :
اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعفُ عنا .
اللهم اجعل لنا القوة في الدين ، والحزم مع اللين ، والحكمة مع اليقين ، واجعلنا يا مولانا في الشدة من الصابرين ، وفي الرخاء من الشاكرين ، ونقِّ قلوبنا أجمعين ، وأحسن ظننا بالآخرين ، وزَيِّنا بأخلاق سيد المرسلين .
سبحان الذي لا تسكن النفوس إلا بحبه ، ولا تطمئن القلوب إﻻ بذكره ، ولا يُدرك نجاح إلا بتوفيقه ، وﻻ يقع أمر إﻻ بإذنه ، ولا تُنال سعادة إﻻ بطاعته .
– اخترنا لكم من التفاسير :
- أولًا : التفسير الميسر :
قل -أيها الرسول- لعبادي الذين تمادَوا في المعاصي ، وأسرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه نفوسهم من الذنوب : لا تَيْئسوا من رحمة الله ؛ لكثرة ذنوبكم ، إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها مهما كانت ، إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده ، الرحيم بهم .
- ثانيًا : المختصر في التفسير :
قل – أيها الرسول – لعبادي الذين تجاوزوا الحد على أنفسهم بالشرك بالله وارتكاب المعاصي : لا تَيْئَسُوا من رحمة الله ، ومن مغفرته لذنوبكم ، إن الله يغفر الذنوب كلها لمن تاب إليه ، إنه هو الغفور لذنوب التائبين ، الرحيم بهم .
- ثالثًا : تفسير الجلالين :
«قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا» بكسر النون وفتحها ، وقُرِئ بضمها تيأسوا «من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا» لمن تاب من الشرك «إنه هو الغفور الرحيم» .
- رابعًا : تفسير السعدي :
يخبر تعالى عباده المسرفين بسعة كرمه ، ويحثهم على الإنابة قبل أن لا يمكنهم ذلك فقال : قُلْ يا أيها الرسول ومن قام مقامه من الدعاة لدين اللّه ، مخبرًا للعباد عن ربهم : يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ باتباع ما تدعوهم إليه أنفسهم من الذنوب ، والسعي في مساخط علام الغيوب .
لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ؛ أي : لا تيأسوا منها ، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة ، وتقولوا قد كثرت ذنوبنا وتراكمت عيوبنا ، فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل يصرفها ، فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان ، متزودين ما يغضب عليكم الرحمن ، ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده ، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعًا من الشرك ، والقتل ، والزنا ، والربا ، والظلم ، وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار .
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ؛ أي : وصفه المغفرة والرحمة ، وصفان لازمان ذاتيان ، لا تنفك ذاته عنهما ، ولم تزل آثارهما سارية في الوجود ، مالئة للموجود .
تسح يداه من الخيرات آناء الليل والنهار ، ويوالي النعم على العباد والفواضل في السر والجهار ، والعطاء أحب إليه من المنع ، والرحمة سبقت الغضب وغلبته .
ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما أسباب إن لم يأت بها العبد ، فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة ، أعظمها وأجلها ، بل لا سبب لها غيره ، الإنابة إلى اللّه تعالى بالتوبة النصوح ، والدعاء والتضرع والتأله والتعبد .
فَهَلُمَّ إلى هذا السبب الأجل ، والطريق الأعظم .
– يقيني بالله يقيني :
كلّ يومٍ ، يزدادُ اليقينُ بأنَّنا في أشدّ الحاجةِ إلى لطفِ اللهِ ورحمته ، نحتاجُ أن يربطَ اللهُ على قلوبنا ويُثبتها ، وأن يرحمَ ضعفنا ، ويسترَ عَوراتِنا ، ويهبَ لنا منْ يأخذُ بأيدينا فلا نهونُ ولا نذبل .
نحتاجُ مغفرتهُ فلا نيأس ، ومعيّتهُ فلا يضُرّنا شيءٌ ، وأن يهبنا الرّضا فلا نسخطُ من شدّةِ الأقدارِ أحيانًا .
نحتاجُ إلى اللهُ دومًا لنملكَ القدرةَ على مواصلةِ المسيرِ في هذه الحياةِ بثبات ، ورجاءٍ كبيرٍ باللهِ ، رجاءٍ بأنّ الله يُخبئ لنا الأجملَ ، وأنّ الله لا يُضيعنا .
– مفتاح لدخول الجنة :
قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
{ مهما بلغ تقصيرك في العبادة ، فلا تفرط في حسن الخلق ، فقد يكون مفتاحك لدخول أعالي الجنة .
أتظنّ أن الصالحين بلا ذنوب؟!
إنهم فقط : استتروا ولم يُجاهروا ، واستغفروا ولم يُصروا ، واعترفوا ولم يبرروا ، وأحسنوا بعدما أساءوا }.
– كله بإذن الملك :
بعض الأبواب لم تُفتَح ؛ لأنها ليست لك .
بعض الأشخاص اختفوا من حياتك ؛ لأنهم صفحة وليسوا كتابًا .
بعض الأمنيات لم تتحقق ؛ لأن وقتها لم يحن بعد .
بعض الفرص ضاعت ؛ لأنك بحاجة للخبرة أكثر من الحظ .
بعض الآلام استمرت طويلًا ؛ لأن السعادة بعدها ستكون أطول بإذن الله عز وجلّ .
– دعاء من القلب :
جعلني اللهُ وإيّاكم ممّن أَطاعَ واتّقى ، وقامَ وارتَقى ، ومن ينابيعِ الرحمنِ استَقى ، وجعل الجنَّةَ لنا مُلتقى ، وحَشَرني وإيّاكم ووالدِينا والمسلمينَ أَجمعين بصُحبةِ المصطفى إمام النبيين والمرسلين .