كلمة التوحيد :
( لا إله إلا الله ) ؛ أي : لا معبود بحق إلا الله ، وعلى هذا ، فقد تضمنت هذه الكلمة نفيًا وإثباتًا .
• فأما النفي ففي قوله : ( لا إله ) ، تنفي بذلك جميع ما يُعبد من دون الله .
• وأما الإثبات ففي قوله : ( إلا الله ) تثبت بذلك الإلهية لله وحده .
أعظم كلمة في الوجود ؛ لأجلها خُلقت الخليقة ، وأُرسلت الرسل وأُنزلت الكتب ، وهي العروة الوثقى .
– عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :
” من قال : لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائةَ مرةٍ ، كانت له عدلُ عشرِ رقابٍ ، وكُتبت له مائةُ حسنةٍ ، ومُحيت عنه مائةُ سيئةٍ ، وكانت له حِرزًا من الشيطان يومَه ذلك حتى يمسي ، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مما جاء به إلا أحدٌ عمل أكثرَ من ذلك “. (البخاري : 3293)
– بشرى نبوية :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” من تعار من الليل فقال حين يستيقظ : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد وهو على كل شيء قدير ، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له ، فإن قام فتوضأ ثم صلى قُبلت صلاته “. (رواه البخاري)
– التوحيد وشرح الصدر :
قَـالَ ابنُ القَيِّم رَحِمَهُ الله :
{ أعظم أسباب شرح الصدر : التوحيد ، وعلى حسب كماله ، وقوته ، وزيادته يكون انشراح صدر صاحبه ، قال الله تعالى : ” أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ” (الزمر : 22) ، وقال تعالى : ” فَمَن يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعّدُ فِي السَّمَاءِ “. (الأنعام : 125)
فالهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر ، والشرك والضّلال من أعظم أسباب ضيق الصّدر }.
– تروي القَلبَ توحيدا :
اللهُ أَكبَرُ ، تُحيي الرُّوحَ أَحرُفُها
اللهُ أَكبَرُ ، تروي القَلبَ تَوحيدا
اللّٰهُ أكبَرُ ، اللّٰهُ أكبَرُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللّٰهُ ..
اللّٰهُ أَكْبَرُ ، اللّٰهُ أكبَرُ ، وَلِلّٰهِ الحَمد .
– معنى : لا إله إلا الله :
يقول العلامة ابن باز رحمه الله تعالى :
لا إله إلا الله هي أفضل الكلام بعد القرآن ، هي أحب الكلام إلى الله ، وأفضل الكلام ، وهي كلمة الإخلاص ، وهي أول شيء دعت إليه الرسل -عليهم الصلاة والسلام- وأول شيء دعا إليه النبي ﷺ أن قال لقومه : قولوا : لا إله إلا الله ؛ تفلحوا .
هي كلمة الإخلاص كلمة التوحيد .
ومعناها : لا معبود حق إلا الله ، هذا معناها كما قال تعالى :
” ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ “. (الحج :62)
وهي نفي وإثبات ( لا إله ) نفي و( إلا الله ) إثبات ؛ ( لا إله ) تنفي جميع المعبودات ، وجميع الآلهة بغير حق ، و( إلا الله ) تثبت العبادة بالحق لله وحده ، فهي أصل الدين وأساس الملة .
والواجب على جميع المكلفين من جن ، وإنس ، أن يأتوا بها رجالًا ونساء ، مع إيمان بمعناها ، واعتقاد له ، وإخلاص العبادة لله وحده.
– شروطها :
وشروطها ثمانية ، جمعها بعضهم في بيتين ، فقال :
علم يقين وإخلاص وصدقك مع … محبة وانقياد والقبول لها
وزيد ثامنها الكفران منك بما … سوى الإله من الأشياء قد ألها
فالذي يعلم هذه الأمور فالحمد لله ، وإلا يكفي معناها ، وإن لم يعلم هذه الشروط ، إذا أتى بمعناها فعبد الله بالحق ، وأخلص له العبادة ، وترك عبادة ما سواه ، واستقام على دين الله ؛ كفى وإن لم يعرف الشروط ، والشروط معناها واضح :
- ( علم ) يعني : أن تعرف معناها ، وأن معناها لا معبود بحق إلا الله .
- ( يقين ) وأن تكون مُوقنًا بذلك ما هو عن شك ، عن يقين أنه لا معبود بحق إلا الله .
- ( وإخلاص ) لا بد من إخلاص العبادة لله وحده ، صلاتك ، صومك ، صدقاتك كلها لله وحده .
- ( مع محبة ) لا بد المحبة تكون لله ، تحب الله محبة صادقة ، تحب رسوله ﷺ .
- وهكذا ( الصدق ) لا بد تكون صادقًا ، صادقًا في ذلك ، بخلاف المنافقين يكذبون ، أما أنت تقولها صادقًا أنه لا معبود بحق إلا الله .
- ( وانقياد ) تنقاد لما دلت عليه من إخلاص العبادة لله وحده ، وترك عبادة ما سواه ، وأداء الشرائع التي شرعها الله لك من الأوامر ، وترك النواهي عن محبة ، وانقياد .
- وهكذا ( القبول ) تقبل ما جاء به الشرع ، ولا ترده ، تقبل ما دلت عليه من العبادة ، والتوحيد ، والإخلاص ، ولا ترده .
- ولا بد من ( الكفران ) بما يُعبد من دون الله ، كما قال سبحانه : ” فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ “. (البقرة : 256)
والمعنى أنك تبرأ من ….. تبرأ منها ، تعتقد بطلانها ، تؤمن بأن الله المعبود بالحق وأن ما عبده الناس من دون الله باطل ؛ فتكفر به ، وتبرأ منه ، هذه معنى الشروط الثمانية .
علم يقين وإخلاص وصدقك مع … محبة وانقياد والقبول لها
وزيد ثامنها الكفران منك بما … سوى الإله من الأشياء قد ألها
فإذا عرفها طالب العلم طبقها ، والذي لا يعرفها يكفيه المعنى إذا أتى بهذه الكلمة عن إيمان ، وإخلاص لله ، ويقين ، وصدق في ذلك ، وتبرأ من عبادة غير الله ، وانقاد للشرع ، فقد أتى بالمقصود مع محبة الله سبحانه ، ومحبة دينه .
– كلمة التقوى :
كلمة : ( لا إله إلا الله ) هي كلمة التقوى ، وهي العروة الوثقى ، وهي كلمة الإخلاص ، وهي الكلمة الطيبة التي جاء في فضلها الشيء الكثير في كتاب الله وفي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وألف أهل العلم الكتب المطولة والمختصرة في فضلها .
تعتبر لا إله إلا الله هي أعلى شعب الإيمان : لما رواه الشيخان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة ، فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان “. (متفق عليه)
– 37 مرة :
وقد جاءت كلمة لا إله إلا الله 37 مرة في القرآن الكريم .
ومن هذه الآيات :
- ” اللَّهُ لا إله إلا هو الحي القيوم لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ …. “. (البقرة : 255)
- ” اللّهُ لا إله إلا هو الحي القيوم * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ “. (آل عمران : 2-3)
- ” هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ “. (آل عمران : 6)
- ” اللّهُ لا إله إلا هو لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله حَدِيثًا “. (النساء : 87)
- ” فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهو رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ “. (التوبة : 129)
- ” اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى “. (طه : 8)
- ” فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ “. (المؤمنون : 116)
- ” وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لا إله إلا هُوَ رَبُ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ “. (النمل : 25-26)
- ” وَهُوَ الله لا إله إلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ “. (القصص : 70)
- ” إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ “. (الصافات : 35)
- ” لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ رَبّكُمْ وَرَبّ آبَآئِكُمُ الأوّلِينَ “. (الدخان : 8)
- ” اللَّهُ لا إله إلا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ “. (التغابن : 13)
– مفتاح الإسلام :
مفتاح الإسلام : الشهادتان ، فلا يدخل العبد في دين الله إلا بهما ، والواجب عليه النطق بهما ، إلا إذا كان عاجزًا .
وهي شعار الإسلام الأعظم ، لا يصح دينه بذلك ، وقد علم أمرهما في دين الإسلام بالضرورة ، لا يختلف في أمرهما أحد من المسلمين .
– قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : { الشهادتان ” شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ” هما مفتاح الإسلام ، ولا يمكن الدخول إلى الإسلام إلا بهما ؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه ، حين بعثه إلى اليمن أن يكون أول ما يدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله }. (انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين : 1/79)