عمر الثاني

عمر الثاني :

عندما أكتب عن أمثاله تعجز الكلمات ، ولم لا وقد بعث الأمل في دجى الظلمات ، وساس الأمة بلا شبهات ، أقام العدل وفاض بالخيرات ، وكان كثير البكاء في الصلوات ، لم تكن له هفوات ، لم تكن له زلات .

كان كثير الصدقات ، مبادرًا إلى الخيرات ، قاضيًا للحاجات .

لقد سطر بعدله أنصع الصفحات .. سلام على أيامه النضرات .

ولد -رحمه الله تعالى- في حلوان بمصر سنة 61 هجرية ، وشرفت به حلوان ، وشرفت به مصر كلها .

كان أبوه واليًا على مصر حين ولادته .. كان شديد التنعم ولكنه ترك كل النعيم بعد توليته الخلافة ، فصار يلبس الغليظ !!

وَلَّى على البلاد والقضاء والجيش خيرة الناس وقتها كالحسن البصري ، والفزاري ، وإياس بن معاوية ، والشعبي ، وعبد الرحمن الغافقي ، والسمح بن مالك الخولاني .

رفع رواتب الولاة إلى ثلاثمائة دينار ليغنيهم عن الناس .

وصلت جيوش المسلمين في عهده بقيادة السمح بن مالك إلى فرنسا .

أعطى الفقراء ، وزَوَّج الشباب ، وامتلأت خزائن بيت مال المسلمين .

أصلح الأراضي الزراعية ، وحفر الآبار ، وعمَّر الطرق ، وأعدَّ الخانات لأبناء السبيل ، وأقام المساجد ولم يزخرفها ، وأعاد الأراضي المغتصبة لبيت مال المسلمين .

كان شديد المحاسبة لولاته .

بُويع بالخلافة بعد موته ابن عمه سليمان بن عبد الملك سنة 99 هـ .

قال لوزيره المخلص رجاء بن حيوة ذات يوم : { إنَّ لي نفسًا تواقة ، وما حققت شيئًا إلا تاقت لما هو أعلى منه .. تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة فتزوجتها ، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها ، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها . والآن يا رجاء تاقت نفسي إلى الجنة ، فأرجو أن أكون من أهلها }.

تولى عمه وأبناء عمه الأربعة الخلافة ، وولي أبوه إمارة مصر ولكنه اختلف عنهم جميعًا في البر والتقوى والخشية والمراقبة والاستعانة واليقين والتوكل والخوف والرجاء ، وكثرة البكاء ، والعفاف والزهد ، والحلم والرفق واللين ، واحتمال الأذى ، وفي الحياء والوفاء وحسن الإصغاء .

ملأ الدنيا عدلًا خلال مدة حكمه القصيرة حتى أطعم الطير فوق رءوس الجبال .

تُوفي -رحمه الله- سنة 101 هـ .

لقد صدق فيه قول رسولنا صلى الله عليه وسلم : ” إن المقسطين عند الله على منابر من نور : الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا “. (رواه مسلم : 1827)

إنه : عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – .

ندعوكم لقراءة : البيت المرواني

Exit mobile version