سابق الصحابة وشيخهم

سابق الصحابة وشيخهم :

هو الطالب المتميز الأول في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم وهو الرفيق ، أفضل الناس بعد الأنبياء والرسل وهو بهذا الوصف خلیق ، صحابی رقیق ، ما أروعه من رفيق ، وما أسعده من صديق .

لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الطريق ، وهو على فراق حبيبه لا يطيق ؛ فالحب بينهما عمیقٌ عميق .

مكر بهما الكفار والمكر السيء بأهله يحيق .

مناقبه كثيرة ولها في سماء الإيمان بريق .

” ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ ” … ولا تعليق .

رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سرة الفضائل ، ويأتي هذا الصحابي بعده في أمة الحبيب ؛ ولم لا وهو أول الأوائل .

لا يوجد في الصحبة أحدٌ في مضماره ، لا في مهاجري الإسلام ولا في أنصاره .

هو وزير الرسول الأحزم ، أفضلُ الأُمَّة ، وسيد المهاجرين وخيرهم ، وسابق الصحابة وشيخهم ، عبدالله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي .

يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في النسب في الجد السادس مرة بن كعب .

ذكره القرآن الكريم في عدد من الآيات ؛ منها على سبيل المثال :

« إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ». (التوبة : 40)

« وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ». (الزمر : 33-34)

« إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المؤمنين وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ » (التحريم : 4) .. ذكر بعض أهل التفسير أن صالح المؤمنين : هو وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما .

قال الله عنه :
« وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى ». (الليل : 17-21)

كان يتصدق على مسطح ، ولما خاض مع الذين خاضوا في حادثة الإفك ، امتنع عن النفقة عليه ، فقال الملك جل في علاه معاتبًا إياه :
« وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ». (النور : 22)

فقال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : لا أنزعها منه أبدًا .

عاتبه ربه ومعه عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، عندما رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى :
« يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ». (الحجرات : 1-3)

ندعوكم لقراءة : بين النبي والصديق

كان أَمَنَّ الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحبته وماله .

ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متخذًا خليلًا غير ربه لاتخذه خليلًا ، ولكن إخوة الإسلام ومودته .

لا يبقين في المسجد باب إلا سُدّ إلا بابه هو رضي الله عنه وأرضاه .

هكذا تحدث عنه صاحبه وحبيبه محمد بن عبد الله صلى عليه ربه ومولاه .

سأل النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة قائلًا :
مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا ؟ قالَ ضيفنا : أنا ، قالَ : فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً ؟ قالَ ضيفنا : أنا ، قالَ : فمَن أطْعَمَ مِنكُمُ اليومَ مِسْكِينًا ؟ قالَ ضيفنا : أنا ، قالَ : فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا ؟ قالَ ضيفنا : أنا .. فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ : ” ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ “. (رواه مسلم)

سأل ضيفنا الكريم النبيَّ صلى الله عليه وسلم قائلًا : ( عَلِّمْنِي دُعَاءً أدْعُو به في صَلَاتِي ) ، قالَ :
” قُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا ، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ ، وارْحَمْنِي ، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ“. (رواه البخاري)

هو القائل : نظرتُ إِلَى أقْدَامِ المُشْرِكِينَ ونَحنُ في الْغَارِ وهُمْ علَى رُؤُوسِنا ، فقلتُ : يَا رسولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أحَدَهمْ نَظرَ تَحتَ قَدميْهِ لأبصرَنا .
فَقَالَ له النبي صلى الله عليه وسلم : ” مَا ظَنُّك باثْنْينِ اللَّهُ ثالثِهْما “. (متفقٌ عَلَيهِ)

وفي مرضه صلى الله عليه وسلم ، طلب أن يأمروه أن يصلي بالناس ، ولما صلى عمر غضب ، وقال لبعض نسائه : إنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ ، مُرُوه فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ .

قاتل من فَرَّق بين الصلاة والزكاة ، وقال : ( واللَّهِ لَأُقاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بيْنَ الصَّلاةِ والزَّكاةِ ، فإنَّ الزَّكاةَ حَقُّ المالِ ، واللَّهِ لو مَنَعُونِي عَناقًا كانُوا يُؤَدُّونَها إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقاتَلْتُهُمْ علَى مَنْعِها ).
( رواه البخاري ).

روى عددًا من الأحاديث عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ، إلّا أنّها قليلةٌ ؛ إذ إنّه توفي بعد الرسول بسنتَين وبضعة أشهر ، فكانت مدّة خلافته للمسلمين بعد الرسول عليه الصلاة والسلام قصيرةً .

روى مئة واثنين وأربعين حديثًا عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ، أخرج الإمامان البخاري ومسلم ستة منها ، وأخرج البخاري لوحده أحد عشر منها ، وأخرج مسلم لوحده واحدًا ، وتوزّعت بقيّة الأحاديث على كتب السُنن والمسانيد وغيرها .


إنه سابق الصحابة وشيخهم ( صِدّيق الأمة الأكبر ) : أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه .

Exit mobile version