عالم قريش

عالم قريش :

صاحب الهمة ، الذي بلغ القمة ، الحريص على السُّنَّة ؛ للوصول إلى الجَنَّة .

وهو المتواضع القائل :

أُحِبُّ الصالِحينَ وَلَستُ مِنهُم … لَعَلّي أَن أَنالَ بِهِم شَفاعَة
وَأَكرَهُ مَن تِجارَتُهُ المَعاصي … وَلَو كُنّا سَواءً في البِضاعَة

المولد والوفاة : ( 150 – 204هـ / 767 – 820م ).

هو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة ، وصاحب مذهب مشهور في الفقه الإسلامي ، ومؤسس علم أصول الفقه ، وهو أيضًا إمام في علم التفسير وعلم الحديث .

عمل قاضيًا ، فعُرف بالعدل والذكاء .

وكان فصيحًا شاعرًا ، وراميًا ماهرًا ، ورحّالًا مسافرًا .

ولله در القائل فيه :

بدا إلى البادية فَهَذَّ شعر هُذَيْل ، فكان رأسًا وسواه ذَيْل .

جمع بين النثر والشعر ، وله ديوانٌ رائعٌ في الشعر .

إن خطب أطرب ، وأتى بكل أطيب .

عروبة حجازية ، وفصاحة عراقية ، ورِقة مصرية .

فلج خصوم الإسلام ، ونكس رايات الأقزام ، وأبقى ذكره للأيام .

هو بذاته حكاية ، جمع بين الرواية والدراية .

أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه ، حتى قال فيه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : كان كالشمس للدنيا ، وكالعافية للناس .

وقيل إنه هو إمامُ قريش الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
” عالم قريش يملأ الأرض علمًا “.

يا ابن إدريس أيها الشهم الأَجَلّ … أنت سيفُ الحقِّ في العلياء سُلّ

إمام العباقرة ، وعبقري الأئمة ، له في العلم سبب ، وفي البيت نسب ، وفي المروءة حسب .

سالت قريحته فتفجرت أنهار الحكمة من على لسانه ، وساقت رياح التوفيق سحب علمه فسالت أودية بقدرها .

ذاكرته أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين .

أخذ من الأثر روحه ، ومن الفقه خلاصته ، ومن البيان ناصيته ، ومن الشعر حلاوته ، ومن المجد ذروته .

قعّد للعلماء القواعد فغضب عليه أعداء الشريعة ؛ لأنهم رضوا بأن يكونوا مع القواعد .

فخَرَت به قريش ، وتبجحت به العراق ، وخرجت إليه مصر ، حاور محمد بن الحسن فقطع أزراره ، ورد على المريسي فأطفأ ناره ، وجاور أحمد فشكر جواره .

هو لدنيا العلوم شمس ، ولأبدان الأخبار عافية ، ولليل المدلهم قمر .

في الشرع شعرُه ، في الحق بذلُه ، للآخرة طلبُه ، لله سعيه .

لما خرج إلى البلاد لبست بغداد الحداد وأمست في سواد .

الألفاظ سكر ، والقصد نضيد ، حفر لحدًا للملاحدة ، وعزل في زنزانة الإحباط المبتدعة ، ورد الأباطيل في جوه أهل التعطيل .

إن سألنا عن أهل الكلام ، فالجريد والنعال .
وأهل السنة : رواد الجنة ، والفلاسفة : أهل سفه .
ومالك : نجم الممالك ، وأحمد بن حنبل : زرع سنبل .

صال بالأصول ، على أعداء الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).

ميزته التفرد ، ومنقبته التجرد .

هو شهابٌ ثاقب ، أُحرقت به شياطين الإنس ولهم عذابٌ واصب .

أهل فارس يعرفونه ، وأهل الصين يذكرونه ، وأهل الأندلس يمدحونه ، وأهل الباطل يبغضونه .

ناشر السُّنَّة بين أهلها ، وناصرها على أعدائها ، وحافظها لمحبيها ، وشارحها لناقليها .

ورث أنوار الرسالة ، فأَلَّف للأمة الرسالة .

مات أبوه فكفلته الأم ، فقدَّم للناس كتاب الأم .

في الفقه إمام ، في النقل حجة ، في النسك علَم ، في اللغة أستاذ في الذكاء آية .

لم يستند إلى النسب ولو أنه مُطلّبيّ ، ولم يتكل على الجاه فهو أبيّ .

يلتقي الإمام -رحمه الله- مع النبي صلى الله عليه وسلم عند جدهما عبد مناف ، وذلك أنه : محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي .

كذا قال الخطيب : في تاريخ بغداد .
وابن عساكر : في تاريخ دمشق .
وابن الجزري : في غاية النهاية .

والله أعلم .


إنه عالم قريش والإمام العَلَم : محمد بن إدريس الشافعي .

رحمه الله رحمة واسعة .

ندعوكم لقراءة : مذاهب الفقه الأربعة

Exit mobile version