ديننا الإسلام

رمضان في مصر

رمضان في مصر :

مازلنا مع رمضان ومؤذن رمضان قيثارة السماء ، الشيخ محمد رفعت كبير القراء ، الذي نال الشكر والثناء .
ومدفع الإفطار لسماع أعذب نداء ، أذان المغرب وحلول المساء ، ونرفع أكف الضراعة بالدعاء ، وصلاة المغرب يا أصدقاء ، ثم الإفطار الشهي بالهناء والشفاء .
وموائد الرحمن والأيادي البيضاء ، أطعم الله من أطعم الفقراء .

– مؤذن رمضان في مصر :

  • قصته مع الإذاعة :

رفض الشيخ محمد رفعت العمل في الإذاعة عند بدايتها وفضل عليها المساجد ، فحينما بدأت الإذاعة عملها عام 1934م تزاحم عليها المقرئون للاشتراك فيها ، في حين رفض الشيخ محمد رفعت التعاقد مع الإذاعة ، وأصرت الإذاعة أن تفتتح برامجها بصوته ، وألح عليه مدير الإذاعة في ذلك الأمر ، ولكنه استمر في الرفض ، فلجأ مدير الإذاعة إلى شيخ الازهر لإقناعه ؛ فذهب إليه وسأله عن سبب رفضه فقال له : أخشى أن يكون وجود الراديو في الأماكن العامة كالحانات والبارات يجعل القرآن الكريم يُقرأ على سُكارى ؛ فأرتكبُ إثمًا ، وهنا أقنعه شيخ الأزهر بأن هذا لو حدث ففيه توعية للغائبين فاقتنع الشيخ ؛ فافتتحت الإذاعة إرسالها بآيات القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت .

وفي سنة 1934م أُلغيت محطات الإذاعة الأهلية في مصر ، وأُنشئت شركة ماركوني للإذاعة المصرية ، وتم التعاقد مع الشيخ محمد رفعت ليرتل القرآن الكريم من إذاعة القاهرة ، فكان أول من تلا القرآن الكريم عبر الأثير ، وكانت سورة الفتح أول ما تلاه من سور القرآن الكريم .

ثم استمر في التلاوة مرتين كل أسبوع ، وكانت إذاعات لندن وبرلين وباريس تذيع تسجيلاته أثناء الحرب العالمية الثانية ؛ لتشد المستمعين في العالم الإسلامي إلى برامجها ونشراتها الإخبارية .

وفي عام 1942م انقطع الشيخ محمد رفعت عن التلاوة في الإذاعة بسبب مرض الزغطة .

وفي عام 1943م أقعده المرض تمامًا عن تلاوة القرآن ، وظل طوال حياته مقيمًا في البغالة والسيدة زينب حتى نهاية حياته .

وقد قيل -بعد ذلك- إن صوته يضم 18 مقامًا موسيقيًا .

ولقد لُقِّب شيخنا الجليل بألقاب كثيرة ؛ منها إمام المقرئين ، مقرئ الشعب ، ومؤذن رمضان .

– قارئ الشعب ومؤذن رمضان :

وكان الشعب يلتف حول الراديو في المقاهي والمنازل والنوداي يومي الإثنين والجمعة ؛ لسماع القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت لمدة نصف ساعة على الهواء مباشرة ؛ ولهذا لُقِّب بمقرئ الشعب .

وينتشر صوته ، وتطلب الدول العربية والإسلامية حضوره إليها ، ومع هذا يرفض ترك مصر ؛ فيضطهده مستشار الحكومة الإنجليزية بالإذاعة ، فيضطر لترك العمل بالإذاعة ؛ لتشتعل ثورة الشعب ، ويُصدَر قرار من الملك فاروق بعودته للإذاعة ، ليذاع صوته ثلاث مرات يوميًا ، ويقترن صوته بالأذان طوال شهر رمضان ؛ ومن يومها عُرف بمؤذن رمضان .

– مدفع الإفطار :

هو مدفع يُستخدم للإعلان عن موعد الإفطار وإخبار المسلمين عن هذا الموعد .

وهو تقليد متبع في العديد من الدول الإسلامية ؛ حيث يقوم الجيش بإطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس معلنًا انتهاء صيام اليوم .

– تاريخ مدفع الإفطار :

في عام 1853م أُطلق مدفع الإفطار لأول مرة من فوق أسوار قلعة صلاح الدين ؛ لتذكير أكبر عدد من سكان القاهرة بموعد الإفطار ، وبعد ذلك بعدة سنوات ، أمر الخديوي بوضعه فوق جبل المقطم ، حتى يسمعه أكبر عدد من سكان القاهرة .

وتتعدد الروايات التي تؤرخ لظهور مدفع الإفطار ، إلا أنها اتفقت جميعها على شيئين ، الأول أن القاهرة كانت أول مدينة ينطلق فيها مدفع رمضان ، والثانية هي استخدام المدفع إيذانًا بانتهاء وقت الصوم .

ومن أقوى الروايات التي تتردد ، أن بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل كانوا يقومون بتنظيف أحد المدافع ، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة ، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان ، فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليدًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار ، وصاروا يتحدثون بذلك .

وقد علمت «الحاجة فاطمة» ، ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث ، فأعجبتها الفكرة ، وأصدر الملك فاروق فرمانًا ليتم استخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية ، وارتبط اسم المدفع باسم الأميرة «الحاجة فاطمة» .

وهناك رواية أخرى تقول إنه عند غروب شمس أول يوم من شهر رمضان في عام 865 هجرية ، أراد السلطان المملوكي «خشقدم» أن يجرب مدفعًا جديدًا وصل إليه ، وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب ، فظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان ، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها ، وعندما رأى السلطان سرورهم ؛ قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار ، ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك .

وتوقف المدفع عن العمل في عام 1987م بسبب تحذير هيئة الآثار في ذلك الوقت ، من تأثير صوت المدفع على أسوار القلعة والمباني الأثرية ، ليعاود العمل من جديد اليوم ، بعدما تم ترميمه .

ندعوكم لقراءة : رمضان حول العالم

– موائد الرحمن :

من أهم المظاهر التي تشهدها مصر في شهر رمضان المبارك ، حيث تعكس الكرم والجود والترابط الاجتماعي بين المصريين فهى تُقدّم الطعام والشراب ، علاوة على الجو الرمضاني الذي يسوده الروحانيات والمودة والرحمة مع أناس قد لا تعرفهم ، لكنك تستأنس بهم ، وتسعد بمجاورتهم على تلك الموائد خلال الشهر الكريم .

– أصل التسمية :

وجاءت تسمية تلك الموائد بـ ” موائد الرحمن ” من سورة المائدة ، حيث أنزل الله على سيدنا عيسى ابن مريم -عليه السلام- مائدة طعام من السماء لتكون آية للعالمين ؛ كذلك فإن اسم ” الرحمن ” يحثّ على التراحم والمودة بين المسلمين ، حيث إن المودة تُعتبر الهدف الرئيسي لتلك الموائد .

وانتشرت موائد الرحمن بكثرة في مصر خلال السنوات الأخيرة ، وصارت متنفّسًا للفقراء ، حيث يتناولون فيها الطعام والشراب ، وساحة تنافس بين الأغنياء لتقديم ما لذّ وطاب في موائدهم .

ومن أشهر موائد الرحمن التي تُقام في مصر مائدة الأزهر ، والتي يفطر عليها ما يقرب من أربعة آلاف صائم يوميًا ، ومائدة الحسين ، ومائدة السيدة زينب ، ومائدة ميدان رمسيس التي يقيمها مسجد الفتح وتظل مفتوحة طوال العام .

– تاريخها :

يعود تاريخ موائد الرحمن في مصر إلى عهد أحمد بن طولون حيث يُعتبر أول من أقامها ، وكان يقوم بجمع كبار التجار والأعيان في مصر في أول يوم من شهر رمضان على الإفطار ، ثم يُلقي عليهم خطبة يذكر لهم فيها ، أن الغرض من المائدة هو أن يذكرهم بالإحسان والبر بالفقراء والمساكين .

أمر ابن طولون أن تظل هذه المائدة موجودة طوال شهر رمضان ، كما طلب من التجار وكبار الأعيان أن يفتحوا منازلهم ، ويمدوا موائدهم للمحتاجين .

وفي عهد الفاطميين أُطلق على موائد الرحمن ( سماط الخليفة ) ؛ حيث كان العاملون في قصر الخليفة يقومون بتوفير مخزون كبير من الطعام ، ليكون كافيًا لأكبر عدد ممكن من المصريين .

– المعز لدين الله والموائد :

المعز لدين الله الفاطمي كان أول مَنْ أقام مائدة في شهر رمضان يفطر عليها أهل جامع ” عمرو بن العاص ” ، وهو مَنْ وضع تقليد الإكثار من المآدب الخيرية في عهد الدولة الفاطمية .

كانت الموائد تُعدّ في عهد الفاطميين تحت اسم ” دار الفطرة ” ، وتُقام بطول 175 مترًا وعرض 4 أمتار .

ومن أشهر أصحاب الموائد في تلك الفترة ” الأمير بن الضرات ” المولود بحي شبرا بالقاهرة ، حيث كان ينفق على موائده ما يقرب من مليوني دينار سنويًا والتي كانت بطول 500 متر ، ويجلس على رأسها ، وأمامه 30 ملعقة من البلور ، يأكل بكل ملعقة مرة واحدة ثم يلقي بها ويستخدم غيرها !!

وفي العصر الحديث ومنذ عام 1967م ، تولى بنك ناصر الاجتماعي الإشراف على موائد الرحمن بشكلها الحالي ، والتي ينفق عليها من أموال الزكاة ، بجانب الموائد التي تقيمها الجمعيات الخيرية والإسلامية ، ويشرف عليها رجال الدين .

وتطوّرت مائدة الرحمن في العصر الحديث لتتواكب مع متغيّرات العصر ، وتحوّلت من مائدة يوضع عليها الطعام ويأتي إليها الصائمون لتناوله ، إلى وجبات تُعدّ وتُرسل إلى الفقراء في البيوت ، أو تُوزع على المستشفيات ودور الأيتام والمسنين ، وأيضًا تُقدّم للمارة في الشوارع في وقت الإفطار .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى