رجال
رجال :
هم رجال ، ويا لهم من رجال ، يسبحون الله الكبير المتعال ، في بيوته الكثيرة بالغدو والآصال .
هم : ” رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ “. (النور : 37)
- يقول العالم الجليل عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله :
يُتَعَبَّد لله فِي بُيُوتٍ عظيمة فاضلة ، هي أحب البقاع إليه ، وهي المساجد .
أَذِنَ اللَّهُ أي : أمر ووصى أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ هذان مجموع أحكام المساجد ، فيدخل في رفعها ، بناؤها ، وكنسها ، وتنظيفها من النجاسة والأذى ، وصونها من المجانين والصبيان الذين لا يتحرزون عن النجاسة ، وعن الكافر ، وأن تُصان عن اللغو فيها ، ورفع الأصوات بغير ذكر الله.
وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يدخل في ذلك الصلاة كلها ، فرضها ، ونفلها ، وقراءة القرآن ، والتسبيح ، والتهليل ، وغيره من أنواع الذكر ، وتعلم العلم وتعليمه ، والمذاكرة فيها ، والاعتكاف ، وغير ذلك من العبادات التي تُفعل في المساجد ، ولهذا كانت عمارة المساجد على قسمين : عمارة بنيان ، وصيانة لها ، وعمارة بذكر اسم الله ، من الصلاة وغيرها ، وهذا أشرف القسمين ، ولهذا شرعت الصلوات الخمس والجمعة في المساجد ، وجوبًا عند أكثر العلماء ، أو استحبابًا عند آخرين .
ثم مدح تعالى عمارها بالعبادة فقال : يُسَبِّحُ لَهُ إخلاصًا بِالْغُدُوِّ أول النهار وَالْآصَالِ آخره ، خص هذين الوقتين لشرفهما ولتيسر السير فيهما إلى الله وسهولته .
ويدخل في ذلك ، التسبيح في الصلاة وغيرها ، ولهذا شرعت أذكار الصباح والمساء وأورادهما عند الصباح والمساء .
** ابن عباس والمساجد :
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :
” المساجد بيوت الله في الأرض ، وهي تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض “.
وروى صالح بن حيان عن ابن بريدة في قوله تعالى «في بيوت أذن الله» ، قال : إنما هي أربعة مساجد لم يبنها إلا نبي : الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل فجعلاها قبلة ، وبيت المقدس بناه داود وسليمان ، ومسجد المدينة بناه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ومسجد قباء أُسس على التقوى بناه رسول الله ﷺ .
ندعوكم لقراءة : من المؤمنين رجال
** وصف الرجال :
هم { رجال ، وأي : رجال ، ليسوا ممن يؤثر على ربه دنيا ، ذات لذات ، ولا تجارة ومكاسب ، مشغلة عنه ، { لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ } وهذا يشمل كل تكسب يقصد به العوض ، فيكون قوله : { وَلَا بَيْعٌ } من باب عطف الخاص على العام ، لكثرة الاشتغال بالبيع على غيره ، فهؤلاء الرجال ، وإن اتجروا ، وباعوا ، واشتروا ، فإن ذلك ، لا محذور فيه ، لكنه لا تلهيهم تلك ، بأن يقدموها ويؤثروها على { ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ } بل جعلوا طاعة الله وعبادته غاية مرادهم ، ونهاية مقصدهم ، فما حال بينهم وبينها رفضوه .
ولما كان ترك الدنيا شديدًا على أكثر النفوس ، وحب المكاسب بأنواع التجارات محبوبًا لها ، ويشق عليها تركه في الغالب ، وتتكلف من تقديم حق الله على ذلك ، ذكر ما يدعوها إلى ذلك -ترغيبًا وترهيبًا- فقال : { يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ } من شدة هوله وإزعاجه للقلوب والأبدان ، فلذلك خافوا ذلك اليوم ، فسهل عليهم العمل ، وترك ما يشغل عنه }.
( عن تفسير السعدي ).
** فيهم نزلت :
روى سالم عن ابن عمر أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة فقام الناس وأغلقوا حوانيتهم فدخلوا المسجد ، فقال ابن عمر : فيهم نزلت : ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ).