من هَدي الحبيب ﷺ

خمس هدايا

خمس هدايا :

خير البرايا ، محمد ﷺ ، خير الخلق من كل الوجوه والزوايا ، يقدم لنا أجمل وصايا ، وهي في الحقيقة خمس هدايا :

** الهدية الأولى :

روى البخاري (3293) ومسلم (2691) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ؛ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ ، إِلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ “.

قال الإمام النووي رحمه الله :
وَظَاهِرُ إِطْلَاقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُحَصِّلُ هَذَا الْأَجْرَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ هَذَا التَّهْلِيلَ مِائَةَ مَرَّةٍ فِي يَوْمِهِ سَوَاءٌ قَالَهُ مُتَوَالِيَةً ، أَوْ مُتَفَرِّقَةً فِي مَجَالِسَ ، أَوْ بَعْضَهَا أَوَّلَ النَّهَارِ وَبَعْضَهَا آخِرَهُ .
لَكِنَّ الْأَفْضَلَ : أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مُتَوَالِيَةً ، فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ؛ لِيَكُونَ حِرْزًا لَهُ فِي جَمِيعِ نَهَارِهِ .
(انتهى من [ شرح النووي على مسلم ]).

وقال ابن رجب رحمه الله :
تحقيق كلمة التوحيد يوجب عتق الرقاب ، وعتق الرقاب يوجب العتق من النار ، كما ثبت في الصحيح : أن من قالها مائة مرة كان له عدل عشر رقاب .
وثبت أيضًا : أن من قالها عشر مرات كان كمن اعتق أربعة من ولد إسماعيل .
وفي سنن أبي دواد وغيره عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
” من قال حين يصبح أو يمسي : اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمدًا عبدك ورسولك ، أعتق الله ربعه من النار ، ومن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار ، ومن قالها ثلاث مرات أعتق الله ثلاثة أرباعه ، ومن قالها أربع مرار أعتقه الله من النار ”. (انتهى من [ لطائف المعارف ])

** الهدية الثانية :

عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسول الله ﷺ : ” كَلِمَتَانِ خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم “.
( متفق عليه ).

أخبر الحبيب النبي ﷺ في هذا الحديث الشريف أن الملك ﷻ يحب هاتين الكلمتين القليلات الحروف مع ثقلهما في الميزان : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ؛ لما تضمنتاه من تسبيح الله تعالى وتنزيهه عن النقائص وعما لا يليق بجلاله تبارك وتعالى ، والتأكيد على هذا التنزيه بالوصف بالعظمة .

ندعوكم لقراءة : هدايا خير البرايا

** الهدية الثالثة :

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول ﷺ :
” من قال : سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر “.

قال الأحوذي رحمه الله : من قال سبحان الله وبحمده ؛ أي في يوم كما في رواية الشيخين مائة مرة ، قال الطيبي : سواء كانت متفرقة أو مجتمعة ، في مجلس أو مجالس ، في أول النهار أو آخره ، إلا أن الأَوْلَى جمعها في أول النهار . اهـ .

** الهدية الرابعة :

روى أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ أنه قال : ” من سبَّح الله في دُبُر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين ، وحَمِدَ الله ثلاثًا وثلاثين ، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين ، وقال تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ؛ غُفِرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر “.
( أخرجه مسلم ).

فهذا يدل على فضل هذا الدعاء الكريم ، وهذا الذكر العظيم بعد كل صلاة ، وفيه هذا الخير العظيم .

يقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى :
ينبغي لكل مؤمن وكل مؤمنة الإكثار من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ؛ ففي ذلك خير عظيم ، وهو من أسباب تكفير الخطايا وحط السيئات ومضاعفة الحسنات .

** الهدية الخامسة :

عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ : ” يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى “.
( رواه مسلم ).

فالمشروع للمؤمن أينما كان الإكثار من ذكر الله بالتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار والدعاء وسائر أنواع الذكر .

أخرج الإمام مسلم في صحيحه (1007) ، من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
” إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ ، فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ ، وَحَمِدَ اللهَ ، وَهَلَّلَ اللهَ ، وَسَبَّحَ اللهَ ، وَاسْتَغْفَرَ اللهَ ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ ، أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ ، عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِمِائَةِ السُّلَامَى ، فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ “.

ومعنى هذا الحديث : أن في بدن الإنسان ثلاثمائة وستين مفصلًا ، وهي السُّلَامَى التي جاء ذكرها في الحديث ، والمراد بها جميع عظام البدن ومفاصله .

قال الإمام النووي رحمه الله ، في [ شرح مسلم ] (5/233) : وَأَصْلُهُ عِظَامُ الْأَصَابِعِ ، وَسَائِرِ الْكَفِّ ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي جَمِيعِ عِظَامِ الْبَدَنِ وَمَفَاصِلِهِ . (انتهى)

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى