حمار الوحش

حمار الوحش :
يقول الإمام الطبري رحمه الله تعالى :
{ الله الذي له الألوهة من كل خلقه الذي لا تصلح العبادة إلا له ، خالق كل شيء ، لا ما لا يقدر على خلق شيء ، وهو على كل شيء وكيل ، يقول : وهو على كل شيء قيم بالحفظ والكلاءة }.
فالله الخلاق العظيم ، العليم الحكيم ، سبحانه وبحمده ، هو خالق الأشياء كلها ، ومليكها ومدبر أمرها ، والمتصرف فيها ، وهو على كل شيء حفيظ ، يدَبِّر جميع شئون خلقه من إنسان وحيوان وغيرهما .
- خالق كل شيء :
{ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } ، عبارة تكررت في كتاب الله المعجز بصور متعددة ، وهي تدل على أن جميع الأشياء – غير اللّه – مخلوقة .
فيها رد على كل من سولت له نفسه ؛ فقال بِقِدَم بعض المخلوقات ، كالفلاسفة الذين يهرفون بما لايعرفون ، القائلين بِقِدَم الأرض والسماوات ، وكالقائلين بقدم الأرواح ، ونحو ذلك من أقوال أهل الباطل ، المتضمنة تعطيل الخالق عن خلقه ، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا .
ويقول الخالق العظيم ، في قرآنه الكريم :
” وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ “. (سورة النور : 45)
ونأتي إلى أحد المخلوقات جميلة المنظر ، وهو حمار الوحش ، وهو من أكثر المخلوقات تميزًا في مملكة الحيوان ؛ وذلك بجلده الأسود والأبيض وبدنه الناعم .
ولقد جاء ذكره في القرآن الكريم في سورة المدثر ، يقول الملك ﷻ :
” كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ “. (المدثر : 50-51)
قال الإمام ابن كثير في التفسير :
{ كأنهم في نفارهم عن الحق ، وإعراضهم عنه حمر من حمر الوحش إذا فرت ممن يريد صيدها من أسد ، قاله أبو هريرة وابن عباس – في رواية عنه – وزيد بن أسلم ، وابنه عبد الرحمن .
أو : رام ، وهو رواية عن ابن عباس ، وهو قول الجمهور .
وقال حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس : الأسد ، بالعربية ، ويقال له بالحبشية : قسورة ، وبالفارسية : شير وبالنبطية : أويا }.
شبَّه الله تعالى الكفار في نفورهم عن القرآن بحمر نافرة فقال : ( كأنهم حمر مستنفرة ) ، قال ابن عباس : يريد الحمر الوحشية ، ومستنفرة ؛ أي نافرة .
قال أبو علي الفارسي : الكسر في مستنفرة أولى ، ألا ترى أنه قال : ( فرت من قسورة ) وهذا يدل على أنها هي استنفرت ، ويدل على صحة ما قال أبو علي أن محمد بن سلام قال : سألت أبا سوار الغنوي ، وكان أعرابيًّا فصيحًا ، فقلت : كأنهم حمر ماذا ؟ فقال : مستنفرة طردها قسورة ، قلت : إنما هو ” فرت من قسورة ” ، قال : أفرت؟ قلت : نعم ، قال : فمستنفرة إذًا .
- خطوط حمار الوحش :
وُجدت دراسة جديدة أجريت في جامعة بريستول وجامعة كاليفورنيا ، أن خطوط حمار الوحش تحمي الحيوان من لدغ الحشرات الماصة للدماء ، وكذلك تعمل بمثابة تمويه .
وقدم علماء أدلة جديدة للرد على سؤال قديم بشأن سبب وجود خطوط على جسد حمار الوحش ، حيث تبين أن هذه الخطوط تهدف لتضليل حشرة ذباب الخيل مصاصة الدماء ، التي تتغذى على دماء هذه الفصيلة من الحيوانات وتنقل أمراضًا مميتة .
وأشار الباحثون ، إلى تجارب كشفت أن ذباب الخيل يواجه صعوبة في الهبوط على جسد حمار الوحش ، بينما يهبط بسهولة على أجساد الخيول ذات اللون الواحد .
وفي إحدى التجارب وضع الباحثون أغطية بها خطوط على أجساد الخيول ولاحظوا أن عددًا أقل من الذباب وقف عليها مقارنة بالعدد ، الذي هبط على أجساد نفس الخيول عندما وضع العلماء أغطية ذات لون واحد عليها .
ندعوكم لقراءة : الجمل سفينة الصحراء
- أسماؤه :
حِمَارُ الزَّرَدِ ، أو الحِمَار العَتَّابِيّ ، أو العَتَّابِيّ ، أو الحمار المخطط ، أو حمار الوحش .
وهو حيوان من الثدييات يشبه الحصان ومن فصيلة الخيليات .
يعيش بقطعان بريّة في المناطق الحارّة الجافّة شبه الصحراويّة ، والمناطق الجبليّة من أفريقيا الشرقيّة والجنوبيّة .
- تصويب واجب :
في اللغة العربية ، وعند عامة الناس في البلاد العربية ، يُعرف حمار الزرد خطأ بتسمية ” الحمار الوحشي ” ، وهذا الاسمٌ خاطئ للأسباب التالية : الحيوان الوحشي هو وفقًا للتعريف المُعاصر الحيوان الذي كان أليفًا ثُمَّ «استوحش» ؛ أي عاد إلى الحياة الوحشيَّة ، وبناءً عليه فإنَّ الحمار الوحشي يكون الحمار المُستأنس الذي أُطلق سراحه في البريَّة فعاش وحشيًّا وفقد صلته بالإنسان ، وأيضًا يجب تميزه عن الحمار البري ، فهذا الأخير هو الذي لم يُستأنس أصلًا .
هذا النوع المُخطط من الخيليَّات لم يُسمه العرب يومًا بالحمار الوحشي ، بل سموه «العتابي» ؛ لأنَّ جلده مُخطط كقماش العتابي ، أو «المُزرَّد» أو «الزرد» أي المُخطط ، وفي عصر النهضة اللُغويَّة العربيَّة أواخر القرن التاسع عشر فطن اللُغويون لِهذا الأمر والخطأ الشائع بين الناس ، وكي يتم التمييز بين هذه الحُمر وغيرها ، أصبحت تُسمّى : «حُمر الزرد» أو «الحُمر العتابيَّة» أو «حُمر الوحش» وليس «الوحشي» للسبب سالف الذِكر .
في معجم المعاني الجامع ، قالوا :
حمار الوَحْش : ( حيوان ).
حيوان بريّ ، من ذوات الحوافر وفصيلة الخيليّات ، معروف بألوانه المخطّطة بالأبيض والأسود .
- أنثاه الأتان :
تلد أتان الوحش ؛ وهي أنثى حمار الوحش في أي وقت من أيّام السنة ، وترضع مولودها نحو عام كامل ، بالإضافة إلى تناوله الأعشاب الغضّة بعد عدّة أيّام من ولادته ، ويتضاعف وزنه خلال عدّة أسابيع من ولادته ، وينضمّ إلى القطيع الذي يؤمّن له الحماية من الحيوانات المفترسة .
- فريسة :
حمار الزرد فريسة مفضلة للحيوانات المفترسة ، مع أنه سريع في الجري ويستخدم قدميه الخلفيتين بالرفس دفاعًا عن نفسه ، إلا إنه يصبح فريسة سهلة عند طلبه للماء قرب البرك .
وتتعرّض قطعان حمار الوحش للتهديد بالانقراض بسبب نقص المياه الحاصل في أماكن وجوده ، وبسبب الصيد الجائر للاستفادة من جلده ، ولحمه أحيانًا .
يا خالق هذا الحيوان البديع ، وخالق كل شيء :
سبحانك .
سبحان : ” الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ “. (الأعلى : 2)
قال القرطبي :
{ وقوله : ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ) يقول : الذي خلق الأشياء فسوىّ خلقها ، وعدّلها ، والتسوية التعديل }.