من أنباء الرسل

تثبيت قلب النبي ﷺ

تثبيت قلب النبي ﷺ :

أراد الله تعالى أن يثبت قلب النبي محمدًا ﷺ ؛ ليطمئن ويصبر حضرة النبي المصطفى والرسول المجتبى ﷺ ، كما صبر أولو العزم من الرسل ؛ نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ، عليهم السلام ، فإن النفوس تأنس بالاقتداء ، وتنشط على الأعمال ، وتريد المنافسة لغيرها ، ويتأيد الحق بذكر شواهده ، وكثرة من قام به .

من أجل ذلك قص الله تبارك وتعالى عليه من أنباء الرسل السابقين .

يقول الرب العليّ ﷻ لحضرة النبي ﷺ :
« وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ». (هود : 120)

يخبر الملك ﷻ نبيه المصطفى ﷺ أنَّ كل أخبار يقصها الله تبارك وتعالى عليه من أنباء الرسل الكرام ، عليهم السلام ، المتقدمين قبله مع أممهم ، وكيف جرى لهم من التكذيب والأذى ، وكيف نصر الله العزيز القدير حزبه المؤمنين ، وخذل أعداءه الكافرين .

كل هذا مما يُثَبِّت به الملك ﷻ فؤاد نبيه وحبيبه ومصطفاه محمد رسول الله ﷺ ؛ ليكون له بمن مضى من إخوانه من المرسلين أسوة .

  • وقال ابن كثير رحمه الله :

وقوله : ( وجاءك في هذه الحق ) أي : [ في ] هذه السورة .
قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وجماعة من السلف .
وعن الحسن – في رواية عنه – وقتادة : في هذه الدنيا .
والصحيح : في هذه السورة المشتملة على قصص الأنبياء وكيف نجاهم الله والمؤمنين بهم ، وأهلك الكافرين ، جاءك فيها قصص حق ، ونبأ صدق ، وموعظة يرتدع بها الكافرون ، وذكرى يتوقر بها المؤمنون .

  • قالوا في التفسير الميسر :

ونقصُّ عليك – أيها النبي – من أخبار الرسل الذين كانوا قبلك ، كل ما تحتاج إليه مما يقوِّي قلبك للقيام بأعباء الرسالة ، وقد جاءك في هذه السورة وما اشتملت عليه من أخبار ، بيان الحق الذي أنت عليه ، وجاءك فيها موعظة يرتدع بها الكافرون ، وذكرى يتذكر بها المؤمنون بالله ورسله .

والتفسير الميسر هو لنخبة من العلماء .

ويجد القارئ الكريم للتفسير الميسر مقدمة في الكتاب ؛ كتبها وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف ، والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية السابق ؛ الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ، وهو المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف .

  • مع الإمام الطبري :

القول في تأويل قوله تعالى : وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ . قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : (وكلا نقصّ عليك) ، يا محمد ، (من أنباء الرسل) ، الذين كانوا قبلك ، (ما نثبت به فؤادك) ، فلا تجزع من تكذيب من كذبك من قومك ، وردَّ عليك ما جئتهم به ، ولا يضق صدرك ، فتترك بعض ما أنـزلتُ إليك من أجل أن قالوا : لَوْلا أُنْـزِلَ عَلَيْهِ كَنْـزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ؟ إذا علمت ما لقي من قبلك من رسلي من أممها ، كما حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قوله : (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك) ، قال : لتعلم ما لقيت الرسل قبلك من أممهم.

ندعوكم لقراءة : سمو قدر النبي ﷺ

  • الوسيط :

وقال شيخنا الجليل الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر السابق ؛ الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي رحمه الله تعالى :

أهم الفوائد التي تعود على الرسول صلى الله عليه وسلم من وراء إخباره بأحوال الأنبياء السابقين مع أقوامهم فقال : وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ….والتنوين في قوله وَكُلًّا للعوض عن المضاف إليه .
والأنباء جمع نبأ وهو الخبر الهام ؛ أي وكل نبأ من أنباء الرسل الكرام السابقين نقصه عليك – أيها الرسول الكريم – ونخبرك عنه .
فالمقصود به تثبيت قلبك ، وتقوية يقينك ، وتسلية نفسك ونفوس أصحابك عما لحقكم من أذى في سبيل تبليغ دعوة الحق إلى الناس .
وقوله – سبحانه – وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ بيان لما اشتملت هذه السورة الكريمة من أخبار صادقة ، وعظات بليغة .
أي وجاءك – أيها الرسول الكريم – في هذه السورة الكريمة وغيرها من سور القرآن الكريم : الحق الثابت المطابق للواقع ، والعظات الحكيمة ، والذكرى النافعة للمؤمنين بما جئت به .
وأما الذين في قلوبهم مرض فقد زادتهم هذه السورة وأمثالها رجسًا إلى رجيم ، وماتوا وهم كافرون .

  • آية الإسراء :

ويقول الله تبارك وتعالى في الآية الرابعة والسبعين من سورة الإسراء :
« وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ».

أرأيتم ، كيف يحب الملك ﷻ ، رسولَه محمدًا ﷺ ، ويثبته ويدافع عنه ضد أعدائه ؟!
لم يتركه نهبًا لهؤلاء الكفار المعاندين ، بل قال له : إنك بأعيننا .

يقول الإمام الطبري في تأويله لهذه الآية الكريمة :

يقول تعالى ذكره : ولولا أن ثبَّتناك يا محمد بعصمتنا إياك عما دعاك إليه هؤلاء المشركون من الفتنة ( لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا ) يقول : لقد كدت تميل إليهم وتطمئنّ شيئًا قليلًا وذلك ما كان صلى الله عليه وسلم همّ به من أن يفعل بعض الذي كانوا سألوه فعله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر حين نزلت هذه الآية ، ما حدثنا محمد بن بشار، قال : ثنا سليمان، قال: ثنا أبو هلال ، عن قتادة ، في قوله ( وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكلني إلى نَفْسي طَرْفَةَ عَيْنٍ .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى