الكريم والكليم

الكريم والكليم :

هما نبيان عظيمان ، كريمان جليلان ، لكل منهما قصة رائعة البيان ، في كتاب الله المحكم القرآن ، نتعلم منهما كيف يكون الإتقان ، وكيف يكون العفو والغفران ، وكيف يكون الإحسان ؛ مع المخطئين من بني الإنسان .

عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
” الكَريمُ ، ابنُ الكَريمِ ، ابنِ الكَريمِ ، ابنِ الكَريمِ يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عليهم السلام “.
( رواه البخاري ).

قال الله تعالى :
” وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا “. (النساء : 164)

تصريحٌ بالكلام ، مؤكَّدٌ بالمصدر ؛ وذلك دليل على بطلان قول المعتزلة : إنّ الشجرة هي التي كلمت موسى عليه السلام .

تكرر اسمه في القرآن الكريم 27 مرة .

فهو أكثر الأنبياء ذكرًا في القران ؛ فقد جاء اسمه 136 مرة .

– وصلتني هذه المقارنة البديعة بين قصتي الكريم والكليم ( يوسف وموسى ) عليهما السلام ؛ مفادها في النقاط التالية :

1- كلاهما بدأت قصته ( بمصر ).

2- كلاهما كان ( مفقودًا ).

3- كلاهما تم ( إلقاؤه ) :

أحدهما في ( الجب ) واﻵخر في ( اليم ).

سيدنا ( يوسف ) أُلقي في ( الجب ) : ( بيدٍ مبغضيه ) : إخوته ، ﴿ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ﴾.

وسيدنا ( موسى ) أُلقي في ( اليم ) : ( بيدٍ محبة ) : أمه بأمر ربها ؛ ﴿ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ﴾.

بين كلمتي : أَلْقُوهُ ، وأَلْقِيهِ .

الأولى : تحمل قدرًا كبيرًا من الحقد والكره .

والثانية : تحمل قدرًا كبيرًا من ( الحنان والعطف والرعاية ) ؛ ﻷن اﻷولى من تدبير البشر ، والأخرى من تدبير رب البشر .

4- كلاهما عاش في قصرٍ ذي شأن .

5- أم موسى ، كانت حزينة عليه ، وأبو يوسف ( يعقوب عليه السلام ) كان حزينًا عليه .

6- في القصر الذي سكن به موسى :
( امرأة صاحب القصر ) هي من طلبت أن يتربى موسى عندها ؛ ﴿ وَقالَتِ امرَأَتُ فِرعَونَ قُرَّتُ عَينٍ لي وَلَكَ لا تَقتُلوهُ عَسى أَن يَنفَعَنا أَو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُم لا يَشعُرونَ ﴾.

وفي القصر الذي عاش فيه يوسف :
الزوج هو من طلب أن يتربى يوسف لديه ؛ ﴿ وَقالَ الَّذِي اشتَراهُ مِن مِصرَ لِامرَأَتِهِ أَكرِمي مَثواهُ عَسى أَن يَنفَعَنا أَو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾.

7- ( امرأة ) صاحب القصر الذي عاش فيه ( موسى ) : كانت مصدر أمن وأمان له .

( امرأة ) صاحب القصر الذي عاش فيه ( يوسف ) : كانت مصدر أذى وقلق له .

8- الكريم والكليم كلاهما تحدث القرآن عند بلوغه سن الرشد بصيغتين متشابهتين :

الصيغة الخاصة بيوسف عليه السلام :
﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾.

الصيغة الخاصة بموسى عليه السلام :
( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚوَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾.

9- ( أم موسى ) حكى عن ( حزنها ) القرآن :
﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا ﴾.

( أبو يوسف ) حكى عن ( حزنه ) القرآن :
﴿ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ ﴾.

10- إخوة يوسف هم من ألقوا أخاهم وآذوه .

وأخت موسى هي من بحثت عنه وساعدته .

11- عند البحث عن موسى ( أم موسى ) هي من طلبت البحث عنه ، وأرسلت أخته ؛ ﴿ وَقالَت لِأُختِهِ قُصّيهَِ ﴾.

وعند البحث عن يوسف ( أبو يوسف ) هو من طلب البحث عنه وأرسل إخوة يوسف ؛ ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ ﴾.

12- بداية الفرج ﻷم موسى بلقاء ولدها :
﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ ﴾.

بداية الفرج ﻷبي يوسف بلقاء ابنه :
﴿ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ﴾.

13- رب العالمين أوحى إل أم موسى أنه سيرد إليها ابنها :
﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.

رب العالمين أوحى ﻷبي يوسف أنه سيرد إليه ابنه :
﴿ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

14- أصحاب القصر الذي عاش به ( موسى ) عندما كَبُر تصادم معهم وطاردوه ؛ ﴿ فَأَتبَعوهُم مُشرِقينَ. فَلَمّا تَراءَى الجَمعانِ قالَ أَصحابُ موسى إِنّا لَمُدرَكونَ ﴾.

أصحاب القصر الذي عاش به ( يوسف ) عندما كَبُر ، تصالحوا معه وقرّبوه ؛ ﴿ وَقالَ المَلِكُ ائتوني بِهِ أَستَخلِصهُ لِنَفسي فَلَمّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ اليَومَ لَدَينا مَكينٌ أَمينٌ ﴾.

15- في قصة يوسف لم تُذكَر أمه ، وفي قصة موسى لم يُذكر أبوه .

ندعوكم لقراءة : رسل وأنبياء 1

Exit mobile version