البيت المرواني

البيت المرواني :

نعيش مع بعض المواقف والطرائف والنوادر مع هذا البيت الكبير ؛ بيت مروان بن الحكم ، معه ومع بنيه ، كما تحكي عنهم كتب التاريخ .

– بطاقة تعارف :

مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي ، أبو عبد الملك ، المدني .

وعند عبد مناف يلتقي نسب مروان بن الحكم مع نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وهو ابن عم الخليفة الراشد عثمان بن عفان مباشرة .

البعض يجعله من صغار الصحابة ، والبعض يجعله من كبار التابعين .

( 2هـ – 65هـ / 28 مارس 623م – 7 مايو 685م ) في دمشق .

هو رابع خلفاء الدولة الأموية ( حكم : 64هـ – 65هـ / 683 – 685م ).

ويعتبر مروان بن الحكم مؤسس الدولة الأموية الثانية ، رغم قصر فترة حكمه ؛ فهو مؤسس السلالة التي حكمت العالم الإسلامي بين عامي 685 و 750م ، ومن ثم حكمت الأندلس بين عامي 756 و 1031م .

جاء من بعده ابنه الأكبر عبد الملك بن مروان ، ثم أحفاده : الوليد بن عبد الملك ، وسليمان بن عبد الملك ، وعمر بن عبد العزيز ، ويزيد بن عبد الملك ، وهشام بن عبد الملك .

وكان عبد العزيز بن عبد الملك أميرًا على مصر ، ووليًّا للعهد ، ولكنه مات قبل أخيه أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان .

– عبد الملك بن مروان :

هو الخليفة الخامس من خلفاء بني أمية ، ويعتبر المؤسس الثاني للدولة الأموية ؛ بحسب رأي الدكتور عبد الحليم عويس .

كان عبد الملك قبل توليه الخلافة من العُبَّاد الزُّهَّاد الفقهاء الملازمين للمسجد التالين للقرآن .

قال نافع :
{ لقد رأيت المدينة ما فيها شاب أشد تشميرًا ولا أفقه ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك بن مروان }.

وقال الأعمش عن أبي الزناد :
{ كان فقهاء المدينة أربعة : سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وقبيصة بن ذؤيب ، وعبد الملك قبل أن يدخل الخلافة }.

وقال الشعبي :
{ ما جالست أحدًا إلا وجدت لي الفضل عليه إلا عبد الملك بن مروان ، فإنني ما ذاكرته حديثًا إلا زادني فيه ، ولا شعرًا إلا زادني فيه}.

روى عبد الملك الحديث عن أبيه ومعاوية بن أبي سفيان وعن أم المؤمنين أم سلمة وعن بريرة مولاة عائشة بنت أبي بكر ، وعن جماعة من التابعين .

استلم الحكم بعد أبيه مروان بن الحكم سنة 65هـ الموافق 684م ، وحكم دولة الخلافة الإسلامية واحدًا وعشرين عامًا .

كانت خلافة عبد الملك بن مروان مليئة بالصراعات والثورات والحروب التي أخذت جُلَّ وقته وجهده ، وعلى الرغم من ذلك تذكر كتب التاريخ عددًا من إنجازاته أهمها :

سك أول دينار ذهبي إسلامي خالص عام 77هـ والاستغناء عن كافة الصور والرموز الملكية والمأثورات الدينية المسيحية التي يحتملها الدينار البيزنطي .

تعريب الدواوين من الفارسية إلى العربية ، إذ يُعَد أول من بدأ تعريب الدواوين في التاريخ الإسلامي .

قيامه بجهود كبيرة في العمارة والبناء : فقام ببناء الكعبة على بناء قريش ، وبناء مسجد قبة الصخرة ، بالإضافة لبناء مدينتي واسط في العراق وتونس في الشمال الإفريقي .

من العجب أن كتب التاريخ تقول : إن أول من سُمِّي باسم عبد الملك في الإسلام هو عبد الملك بن مروان ، وقيل أول من سُمِّي عبد الملك وعبد العزيز هما أبناء مروان بن الحكم .

ندعوكم لقراءة : الإخوة الخلفاء 1

– عبد العزيز في مصر :

عندما بويع مروان بن الحكم بالخلافة بعد موت معاوية بن يزيد ، في وقت كان نفوذ الأمويين قد ضعف ، وكانت أغلب الأقاليم قد بايعت عبدالله بن الزبير خليفةً للمسلمين .

استطاع مروان بن الحكم السيطرة على الشام ، وخرج بجيشه إلى مصر التي كانت قد بايعت عبدالله بن الزبير ودخلها وولَّى ابنه عبد العزيز عليها ، لكنه فشل في السيطرة على الحجاز والعراق .

وعبد العزيز بن مروان بن الحكم ( 27هـ ـ 86هـ ) أمير مصر أبو الأصبغ المدني ولي العهد بعد عبد الملك ، عقد له بذلك أبوه واستقل بملك مصر عشرين سنة وزيادة .

اهتم عبد العزيز بن مروان بأعمال الإصلاح والتعمير في مصر ؛ فأقام الأبنية والحمَّامات ، وكان عهده عهد رخاء وتقدم واطمئنان .

أقام مقياسًا على النيل لتحيد ارتفاع المياه ومقدار الضرائب ، وقام بأعمال جليلة لخدمة المصريين .

كان عبد العزيز بن مروان كريمًا سخيًّا ، عالي الهمة في هذه المهمة ، وكان يقول :
{ عجبًا لمؤمن يوقن أن الله يرزقه ، ويوقن أن الله يخلف عليه ، ثم يدخر مالًا عن عظيم أجر أو حسن سماع }.

وروى الكندي أنه كانت لعبد العزيز ألف قصعة تُنصَب حول داره ، ومئة تدار في البلد ليأكل الناس .

وفي ذلك يقول الشاعر عبدالله بن قيس الرقيات :
كل يوم كأنه يوم أضحى … عند عبد العزيز أو يوم فطرِ
وله ألف جفنة مترعات … كل يوم تمدها ألف قدرِ

وهي ذرية بعضها من بعض ؛ فقد كان عمر بن عبد العزيز من أسخى الخلفاء على الإطلاق ، وذلك على المساكين والمحتاجين والفقراء .

وهذه ابنته أم البنين كانت تقول كلمة عجيبة :
{ أُفٍّ للبخل ، لو كان قميصًا ما لبسته ، ولو كان طريقًا ما سلكته }.

وكانت تقول :
{ جُعل لكل قوم نَهمة في شيء ، وجعلت نَهمتي في البذل والعطاء .
واللهِ الصلة والمواساة أحبُّ إليَّ من الطعام الطيب على الجوع ، ومن الشراب البارد على الظمأ }.

قال ابن أبي مليكة : شهدت عبد العزيز عند الموت يقول : { ياليتني لم أكن شيئًا ، ياليتني كهذا الماء الجاري }.
وقيل : قال : { هاتوا كفني ، أُفٍّ لك ، ما أقصر طويلك وأقل كثيرك }.

وعن حماد بن موسى قال : لما احتضر عبد العزيز أتاه البشير يبشره بماله الواصل في العام ، فقال : مالك ، قال : هذه ثلاث مئة مدى من ذهب ، قال : مالي وله ، لوددت أنه كان بعرًا حائلًا بنجد ، قلت : هذا قول كل ملك كثير الأموال فهلا يبادر ببذله .

قال ابن سعد وسعيد بن عفير والزيادي وغيرهم مات سنة خمس ثمانين ، وقد كان مات قبله ابنه أصبغ بستة عشر يومًا فحزن عليه ومرض ومات بحلوان مدينة صغيرة أنشأها على بريد فوق مصر .. وعاش أخوه عبد الملك بعده فلما جاءه نعية عقد بولاية العهد لابنيه الوليد ثم سليمان .

وبعد سليمان كان الخليفة العادل الذي جاء من صلب عبد العزيز بن مروان ، عمر بن عبد العزيز ، عليهما سحائب الرحمات .

Exit mobile version