الذبيح :
ضيفنا يتمثل فيه الإسلام والتسليم ، وغاية البر ، مهما بلغ به الضر ، حتى وهو صبي أغر ، لم يجزع ولم يفر ؛ فكان السر ، وياله من سر !!
إنه سر الرب الأبر .
طلب أبوه من ربه أن يهب له ولدًا من الصالحين ؛ فبشره ربه بغلام حليم ، ثم كان الابتلاء العظيم ، والفداء من رب كريم ، وسلام عليه وعلى أبي الأنبياء صاحب القلب السليم .
أطاع أباه في أمرين عظيمين لم ولن يتحققا في أحد سواه على مدار التاريخ الإنساني ( والله أعلى وأعلم ).
الأمر الأول معروف لنا جميعًا ؛ وهو قصة الذبح ، وتسليم الأمر لله ، ثم لأبيه في رؤيا رآها ، فقال : ” يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين “.
والأمر الثاني : لما نفذ أمر أبيه بتطليق زوجته الأولى ؛ لأنها ردت على أبيه بقولها : نحن بِشَرّ ؛ نحن في ضيق وشدة .
ورد اسمه الكريم في القرآن الكريم 12 مرة في 8 سور هي : سورة البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والأنعام ، وإبراهيم ، والأنبياء ، وص ، ومريم ، ومعظم المرات التي ذُكر فيها ، كان يُذكر فيها اسمه فقط ضمن أسماء مجموعة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
وفي سورة إبراهيم ورد اسمه مرة واحدة في الآية (39).
وفي سورة مريم ورد اسمه مرة واحدة أيضًا .
ومع تتبع آيات الذكر الحكيم التي تتحدث عن هذا النبي الكريم ابن الكريم ، تتضح لنا كثير من الصفات التي وُصف بها هذا النبي الكريم عليه السّلام والمقرون باسمه صريحًا في الآيات ، والتي من أهمها : هو رسول نبي ، وهو صادق الوعد ، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ، وهو مرضيٌّ من عند الله ، وهو من الصابرين الصالحين المرحومين ، كما أنه من الأخيار الذين اختارهم الله واصطفاهم عليهم الصلاة والسلام .
– أثنى الله عزّ وجلّ عليه بعدة خصال ، نذكر منها :
- الصدق والوفاء بالعهود :
من أعظم ما وَفَّى به الذبيح -عليه السلام- صبره على الذبح إذ قال : ” سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ” ، وفَّى بذلك ؛ فمَكَّنَ أباه عليه السلام منه ؛ لتنفيذ أمر الله ، وذلك جليُّ في قوله سبحانه عنه وعن أبيه : ” فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ “. (الصافات : 103)
ومن ذلك أيضًا وعده أباه بمعاونته في بناء البيت ، وفعل .
وهذه الخصلة الحميدة سمّة الأنبياء جميعًا ، وإنّما خصّه الله عز وجل بالثناء عليه بها تشريفًا وإكرامًا ؛ لأنَّه اشتهر بها وبرزت فيه بشكل خاص وتنبيهًا على عظمها ، ولذلك كان ضدّها وهو إخلاف الوعد من صفات النفاق .
- حرصه على الدعوة والإصلاح :
فقد بدأ بأهله وخاصته ، إذ كان أمرهم بالصلاة المتضمنة للإخلاص للمعبود وبالزكاة المتضمنة للإحسان إلى العبد .
” وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيًّا “.
- رضا الله عنه :
لامتثاله أمر ربّه واجتهاده في طاعته وفي حرصه على رضاه ، ارتضاه الله وجعله من خواص عباده وأوليائه المقرّبين ، قال الفخر الرازي عند قوله تعالى : ” وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ” : هو نهاية المدح ؛ لأنَّ المرضي عند الله هو الفائز في كل طاعاته بأعلى الدرجات .
- وصفه بالصبر :
الصّبر حمل النفس على ما تكره وتحمّل الأذى في سبيل الله ، والصّبر على الطاعات والكفِّ عن المعاصي والصّبر على أقدار الله المؤلمة ، وقد كان منهم هذا الصبر بنوعيه ؛ فلا يستحق العبد اسم الصّبر التام حتى يوفي هذين النوعين حقّهما .
- وصفه بالخيرية :
شهد المولى تبارك وتعالى له -عليه السّلام- في كتابه العزيز بالخيرية ، كما في الآية 48 من سورة (ص).
- وصفه بالنبوّة والرسالة :
هو نبي ورسول ؛ أرسله الله تبارك وتعالى رسولًا منه إلى قومه الذين يقيم معهم في مكة على فضل الله عليه ورحمته به ، ومنزلته عند الله عزّ وجل ، فالله لا يختار من يحمل رسالته ودعوته للناس إلا من كان كفؤًا لذلك ، قال الله تعالى : ” اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ “. (الأنعام : 124)
- وصفه بالحلم :
وُصف -عليه السّلام- بالحلم في قوله تعالى : ” فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ “. (الصافات : 101)
وصفة الحِلم تعني : الأناة ومعالجة الأمور بصبر وعلم وحكمة .
- وصفه بالقوة والعزم :
تظهر في أفعاله التي وصفها لنا رب العزّة في القرآن الكريم ، وكان راميًا ماهرًا .
- نسبه النبويّ :
هو جدّ نبينا وحبيبنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .