أهل الله وخاصته

أهل الله وخاصته :

بشراكم يا حفظة كتاب الله ، هنيئًا لكم هذا الصنيع ، فقد بشركم النبي الشفيع ، صلى الله عليه وسلم ، الذي قال للجميع ، إنكم أهل الله وخاصته ؛
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
” إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ “.
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ هُمْ ؟
قَالَ : ” هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ “.
( رواه أحمد وابن ماجه ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ).

قال الإمام المناوي في [ فيض القدير ] : هم حفظة القرآن العاملون به ، هم أولياء الله المختصون به اختصاص أهل الإنسان به ، سموا بذلك تعظيمًا لهم كما يقال : ” بيت الله “.

وقال الحكيم الترمذي : وإنما يكون هذا في قارئ انتفى عنه جور قلبه ، وذهبت جناية نفسه ، وليس من أهله إلا من تطهر من الذنوب ظاهرًا وباطنًا ، وتزين بالطاعة ، فعندها يكون من أهل الله . انتهى .

ولا يكفي مجرد التلاوة ليكون من أهل القرآن ، حتى يعمل بأحكامه ، ويقف عند حدوده ، ويتخلق بأخلاقه .

يقول الله عز وجل :
” إِنّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيرًا “. (الإسراء : 9)

لن تجد حاملًا للقرآن إلا وتراه عزيز الجانب ، عظيم القدر ، كريم الخُلق ، ذا مكانة في النفوس كأنّ القرآن يُعطيه شيئًا من بركته يُقوِّم به اعوجاج نفسه ، فتجده بين الناس آية من آيات الله تمشي علىٰ الأرض .

ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنًا يمشي على الأرض .

وعندما سئلت أمنا عائشة رضي الله عنها ، عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : { كان خُلُقُه القرآن } ؛ أي كان متمسكًا بآدابه وأوامره ونواهيه وما يشتمل عليه من مكارم الأخلاق ومحاسن الأمور .

الفَرحُ بالقرآن لا يَنتهي ؛ فتارةً تفرح عند إتقان آية ، وتارة تَفرح عند فهم آية ، وتارة لضبطِ سورة .
أفراح متتالية ومسرات لا تنقطع .
ثم الفرح الأكبر يوم يأتي ‎القرآن شفيعًا لأصحابه .

نسأل الله أن نكون منهم .

أتدري مَعنى أن يَهبَك اللّٰه القُرآن ، ويأذن لك بتلاوته إليكَ رَغمَ حشرجَة صَوتِك ، وَقِصَر أنفاسِك ، وتعثُّراتِك في التِّلاوة ، وَ بُطئك في الحِفظِ ، وَقلّة فِهمِك للآياتِ ، وَعَجزِك أحيانًا عَن التَّفريق بينَ المُتشابهات !

أتدري مَعنى أن تَحفظ المَلائكة صَوتك ، وتُميّز تِلاوَتك مِن بين آلاف التِّلاوات ، وتُحبُ قراءتِك في التفخيمِ والقَلقَلة !

أتدري مَعنى أن يُكافئك اللّٰه حتَّى على الصمتِ بين الآيات ، حتى ذلك النَفسُ العَميق الذي تأخذه لتُكمل التِّلاوة ؛ تؤجر عليهِ .

أتدري مَعنى أن يَحببك الله في ما يحب ؛ لِأنَّهُ يُحبّك ، وَيجتبيك أنتِ تحديدًا لتجلس مع كلامه لأنّه اصطفاك وَيُريد أن يُدخلك الجنّة !

فَلا تَستَسلِم ولا تَترُك هذا الطّريق .

واعلم أنَّ ثَمرة الثّبات على القُرآن عَظيمة ، فاشدُد عليهِ لأنَّك لا تَملُك وسيلة أمان غَيره .

اللهم إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع كتابك في قلوبنا وصدورنا وفقهنا فيه وادبنا بأدابه وارزقنا العمل به وتعلمه وتعليمه بفضلك ورحمتك يا واسع الفضل والعطاء .

قال أحد حفظة القرآن :
إذا أردت أن تعلم ما عندك ، وعند غيرك ، من محبة الله ؛ فانظر محبة القرآن من قلبك .

ندعوكم لقراءة : عن القرآن يتحدثون

لا بأس أن تَحفظ كُل يوم آية واحدة في القُرآن ، بشَرط أن تُراجع ما حَفظت وتُكرر ما فَهمتَ ، وتَعمل بما تعلَّمتَ ، وتُجدِّد النيِّة يوميًا .

لا بأس أن تَترُك الزِحام ، وتعتزل السِباق الذي يؤذيك ، وتذهب إلى القُرآن بقلبٍ مُحبٍ لترتيله وليس ك كمُتسابق يُريد أن يَحفظ فقط ليُلقَّب بحامل القُرآن ، تحرَّر من هذا اللَقب الدُنْيَويّ ولا تتسارع عليه .

القُرآن حَظ عظيم يستحقُ أن يكون رفيق الحياة ، فلا تتعجَّل بدون إتقان ، ولا تُرتِّل بدون عَمل ، وكُن من الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ .

جدِّد الهمَّة ، وافتح نوافذ الأمل ، واستنشق هّواءً جديدًا وثق بأن ثمرة تعثراتك أثناء حفظ القُرآن لن تراها وتشعُر بها إلا بمرور الزمن .

تنفس القُرآن بَصدر يعقوب ، وكُن صابرًا على الحِفظِ كصبرِ أيوب ، واحِلم بما شئت فأحلامك في مُلك اللّٰه ، فلابأس أن تَحلم بأن تكون أعظم قارئ يوم القيامة ، أو أن تُرتل تحت ظِل عرش الرحمٰن .

تذكَّر دائمًا أن تِلاوتك مُميزة عند اللّٰه وَمَلَائِكَتِهِ .

1- عثمان بن عفان .
2- أبو الدرداء .
3- زيد بن ثابت .
4- علي بن أبي طالب .
5- أبو موسى الأشعري .
6- عبدالله بن مسعود .
7- أبي بن كعب .

1- قراء المدينة المنورة .
2- قراء الكوفة .
3- قراء مكة .
4- قراء الشام .

1- ابن كثير .
2- ابن عامر .
3- عاصم .
4- نافع .
5- الكسائي .
6- أبو عمرو .
7- حمزة .

قال صاحب مناهل العرفان : وكان حفاظ القرآن في حياة الرسول جمًّا غفيرًا منهم الأربعة الخلفاء وطلحة وسعد وابن مسعود وحذيفة وسالم مولى أبي حذيفة وأبو هريرة وابن عمر وابن عباس وعمرو بن العاص وابنه عبدالله ومعاوية وابن الزبير وعبدالله بن السائب وعائشة وحفصة وأم سلمة وهؤلاء كلهم من المهاجرين رضوان الله عليهم أجمعين .

وحفظ القرآن من الأنصار في حياته أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو الدرداء ومجمع بن حارثة وأنس بن مالك وأبو زيد الذي سئل عنه أنس فقال : إنه أحد عمومتي رضي الله عنهم أجمعين .. وقيل : إن بعض هؤلاء أكمل حفظه للقرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .

ولا شك أن من هؤلاء من حضروا العرضة الأخيرة ، ولذلك كان بعضهم في اللجنة التي عينها عثمان رضي الله عنه لكتابة المصحف وتوزيعه على الأمصار .

Exit mobile version