أئمة وفقهاء :
- الشافعي وورقة التوت :
قال الشافعي -رحمه الله- : ” ورقة التوت تدل على الله سبحانه وتعالى !! قالوا : كيف يا إمام ؟
قال تأكلها الدودة فتخرج حريرًا طريًا ، وتأكلها النحلة فتخرجها عسلًا شهيًا ، وتأكلها الشاة فتخرجها لبنًا صفيًا ، وتأكلها الغزالة فتخرجها مسكًا زكيًا ، فالمادة واحدة ، والصفة مختلفة ، فمن الصانع ؟ إنه الله سبحانه وتعالى “.
(عن كتاب ” من وصايا الرسول ” للشيخ طه العفيفي : ج 9 / ص 75)
واللهِ الَلّهُ أعلم منا أن هناك أناسًا عاديين يفقهون أكثر من حاملي شهادات الدكتوراه الذين يشركون مع الله آلهة أخرى ، ومنهم على سبيل المثال ذلكم الأعرابي الذي علم بالفطرة أن لهذا الكون إلهًا خالقًا لطيفًا خبيرًا ، قال الأعرابي : ” البعرة تدل على البعير ، وأثر السير يدل على المسير ، فسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحار ذات أمواج ؟ ألا يدل ذلك على اللطيف الخبير ؟! “.
(عن كتاب ” لطائف الكلام ” لجمال محمود جادالله ، ص 29)
من أقوال الشافعي : ” من تعلم القرآن عظمت قيمته ، ومن كتب الحديث قويت حجته ، ومن نظر في الفقه نبل قدره ، ومن تعلم اللغة رق طبعه ، ومن تعلم الحساب جزل رأيه ، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه “.
- الشافعي والحِلم :
يقول الشافعي -رحمه الله – :
إذا سبني نذلٌ تزايدتُ رفعةً … وما العيب إلا أن أكون مساببُه
ولو لم تكن نفسي عليَّ عزيزةٌ … لمكنتها من كل نذلٍ تحاربُه
ولو أنني أسعى لنفسي وجدتني … كثير التواني للذي أنا طالبُه
ولكنني أسعى لأنفع صاحبي … وعارٌ على الشبعان إن جاع صاحبُه
ويقول عن حلمه مع السفيه :
يخاطبني السفيه بكل قبح … فأكره أن أكون له مجيبًا
يزيد سفاهة فأزيد حلمـًا … كعودٍ زاده الإحراق طيبًا
وينصحك فيقول لك :
إذا نطق السفيه فلا تجبه … فخيرٌ من إجابته السكوتُ
فإن كلمته فرجت عنه … وإن خليته كمدًا يموتُ
(عن ” ديوان الشافعي ” ، تحقيق الدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي)
- الشافعي الفقيه :
قالوا : سُئل الشافعي ذات يوم عن ثمانية أمور :
واجب وأوجب ، وعجب وأعجب ، وصعب وأصعب ، وقريب وأقرب ؟
فقال -رحمه الله- :
من واجب الناس أن يتوبوا … لكن ترك الذنوب أوجب
والدهر في صرفه عجيب … وغفلة الناس عنه أعجب
والصبر في النائبات صعب … لكن فوات الثواب أصعب
وكل ما ترتجي قريب … والموت من دون ذاك أقرب
- ابن حنبل والبيضة :
شَبَّه الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- كيفية الخلق بقلعة حصينة ملساء لا فرجة فيها ، ظاهرها كالفضة المذابة ، وباطنها كالذهب الإبريز ، ثم انشقت الجدران ، وخرج من القلعة حيوان سميع بصير !!
قال رحمه الله : ” أفيحدث هذا من ذاك بلا صانع ؟!! “
وهو يعني بالقلعة : البيضة ، وبالحيوان : الفرخ ، وبالفضة : البياض ، وبالذهب : الصفار ، وكيف خُلق منها حيوان ” الكتكوت ” ، يسمع ويبصر ، ويغدو ويروح . (” من وصايا الرسول ” للشيخ طه عبد الله العفيفي ج 1 / ص : 96 – نقلًا من كتاب ” لطائف الكلام ” لجمال محمود جادالله)
- ابن حنبل ونفسه :
زارَ تلميذٌ لأحمد بن حنبل شيخه ابن حنبل في بيته ، ولما انصرف ووصل إلى بيته ، فإذا الباب يدق وإذا هو بأحمد بن حنبل .
فقال التلميذ : ألم أكن عندك من دقائق ؟
قال ابن حنبل : لقد كان في نيتي أن أزورك اليوم ، ولا أريد أن أُعَوِّد نفسي أن لا أعزم على شيء ولا أفعله !!
- ابن حنبل والعلم :
قال -رحمه الله- : ” الناس يحتاجون إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب ؛ لأن الطعام والشراب يُحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين ، والعلم يُحتاج إليه بعدد الأنفاس “. (البحر الرائق لأحمد فريد : ص 34)
- ابن حنبل وخلق القرآن :
دُعي -رحمه الله- إلى القول بأن القرآن مخلوق ، فرفض ، فحُبس نحوًا من ثمانية وعشرين شهرًا ، وعُذب وناله أذى كثير فيما عرف بفتنة ” خلق القرآن ” .
قال الإمام في هذا الصدد : ” كلمتان نفعني الله بهما في المحنة :
الكلمة الأولى لرجل حُبِس في شرب الخمر ، قال لي : اثبُت ، فإنك تجلد في السُّنَّة ، وأنا جُلدت في الخمر مرارًا وقد صبرت !!
والكلمة الأخرى لأعرابي ، قال لي وأنا مقيد في السلاسل : يا أحمد ، إن يقتلك الحق مُت شهيدًا ، وإن عشت عش حميدًا ؛ فقوي قلبي “.
- فقيه مصر الليث :
قال الشافعي عن فقيه مصر وإمامها ” الليث بن سعد ” -رحمه الله تعالى- : هو أفقه من مالك ، إلا أن أصحابه لم يقوموا به .
وكان الليث يقول عن نفسه : ليس كل ما في صدري في كتبي ، ولو كتبت ما في صدري ما وسعه هذا المركب !!
هل تعلم أن أهل مصر كانوا ينتقصون عثمان بن عفان -رضي الله عنه- حتى نشأ فيهم هذا الإمام الثبت الثقة ، فحدثهم بفضائله ، فكفوا .
وكان يطعم الناس الهرائس بعسل النحل وسمن البقر في فصل الشتاء ، وسويق اللوز بالسكر في فصل الصيف !!
كان دخله ثمانين ألف دينار كل سنة ، ما أوجب الله عليه زكاة درهم قط !! روي أن امرأة جاءت إليه وقالت : إن ابني عليل ويشتهي عسلًا ، فأمر غلامه أن يعطيها مرط عسل ، والمرط مائة وعشرون رطلًا !!
ولما سُئل في ذلك قال : طلبت مني على قدر حاجتها ، وأعطيتها بقدر فضل الله عليّ .. رحمه الله رحمة واسعة .
- الليث بن سعد والزهري :
ذهب الليث بن سعد والفقيه شهاب الزهري إلى المدينة المنورة ، والتقى به وتلقى عنه ، ثم ناظره ، ووجد فيه عمق الفكر وسعة العلم ، ودقة الفهم ما لم يجد في أحد قط ، فأكبره إكبارًا شديدًا حتى ليمسك له بالركاب !! استنكر أصحاب الليث ما رأوه بأعينهم وقال له أحدهم : أتمسك بركاب الزهري ؟! فقال قولته الشهيرة :
” نعم للعلم .. أما لغير ذلك فلا “.
- سفيان الثوري والعشيرة :
من أجمل ما قرأت عن الأقارب قول سفيان -رحمه الله- قال : ” عشيرتك من أحسن عشرتك ، وابن عمِّك من عَمَّك خيره ، وقرابتك من قرب منك نفعه ، وأحب الناس إليك أخفهم ثقلًا عليك “.
- سفيان والدنانير :
رأى بعض المريدين لسفيان الثوري بعض الدنانير في يده وهو في السوق ، فقال له أحدهم : أمعك دنانير مثلنا يا إمام ؟ ردَّ عليه الفقيه الواعي بقوله : اسكت ! فلولاها لتمندل بنا الملوك !! ( أي جعلونا مثل المناديل التي في أيديهم !! )
- ابن حزم والأخلاق :
قال ابن حزم الأندلسي : ” صوت الأخلاق : الكلمة الطيبة ، وصورة الأخلاق : الوجه البشوش الهادئ ، وجمال الأخلاق : سعة الصدر ، وحسن الإصغاء ، وطيب العمل “.
فللأخلاق صوت وصورة وجمال ، برأي الإمام ابن حزم !!
- بكاء الأوزاعي :
دخلت امرأة على امرأة الأوزاعي ، فرأت الحصير الذي يصلي عليه مبتلًا ، فقالت لها : لعل الصبي بال هاهنا !
فقالت امرأة الأوزاعي : هذا أثر دموع الشيخ من بكائه في سجوده ، هكذا يصبح كل يوم !! (البداية والنهاية : ج 10 / ص 120)
- الأصمعي والرافضة :
قال الأصمعي -رحمه الله- عن الشيعة الروافض :
” كانوا بايعوه ( أي زيد بن علي ) ثم قالوا له : ابرأ من الشيخين ( أي أبي بكر وعمر ) نقاتل معك ، فأبى ، وقال : كانا وزيري جدي فلا أبرأ منهما ، فرفضوه ، وارفضوا عنه ، فسُموا رافضة “. (لسان العرب : 7 / 157)
- ابن الجوزي والنساء :
ذكر الإمام ابن الجوزي أن شاعرًا غضب من امرأته فأنشد :
إن النساء شياطين خُلقن لنا … نعوذ بالله من شر الشياطين
فأجابته إحداهن :
إن النساء رياحين خُلقن لكم … وكلكم يشتهي شمَّ الرياحين
- النووي واللعب :
هو محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف النووي ، صاحب كتاب ” رياض الصالحين ” الذي يوجد في كل مسجد وكل بيت تقريبًا .
حدث له -وهو صغير- حادثة لطيفة دلت على تميزه واختيار الله له ليكون من العلماء العاملين ، وذلك أنه في سنة نيف وأربعين وستمائة ( وقد كان حينئذ ابن عشر سنين ) مر بقرية ” نوى ” الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي ، وكان من العارفين الزاهدين ، فرأى الصبيان يلعبون ويُكرهون الغلام ( النووي ) على اللعب معهم ، وهو يهرب منهم ويبكي ممسكًا بالقرآن ، وهو يقرأ ويحفظ على تلك الحال أثناء اللعب .. فقال الشيخ ياسين : وقع في قلبي محبته ، فأتيت الذي يُقرئه القرآن ، فوصيته به وقلت له : ” هذا الصبي يُرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم ، وينتفع به الناس ” ، فقال له : أمنجم أنت ؟ فقلت : لا ، وإنما أنطقني الله بذلك ، فذكر ذلك لوالده ، فحرص عليه إلى أن ختم القرآن ، وقد ناهز الحلم .
- ابن تيمية والعلماء :
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن علماء المسلمين :” كل أمة -قبل مبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم- فعلماؤها شرارها ، إلا المسلمين ، فإن علماءهم خيارهم ؛ فإنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في أمته ، والمحيون لما مات من سنته ، بهم قام الكتاب ، وبه قاموا ، وبهم نطق الكتاب ، وبه نطقوا “. (” رفع الملام عن الأئمة الأعلام ” لابن تيمية ، تحقيق محمد بكر إسماعيل)
- عبادته :
قال عنه تلميذه ابن القيم : حضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الصبح ثم جلس يذكر الله إلى قريب من منتصف النهار ، ثم التفت إليَّ وقال : هذه غدوتي ، ولو لم أتغد سقطت قوتي !!
وقال لابن القيم مرة : لا أترك الذكر إلا بنية إحمام نفسي وراحتها ، لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر . (عن كتاب ” الوابل الصيب ” لابن القيم)
- ابن تيمية والجنة :
قال -رحمه الله- : ” إن في الدنيا جنة من لم يدخلها ، فلن يدخل جنة الآخرة .. قالوا : ما هي ؟ قال : إنها جنة الإيمان “.
وقال : ” ما يصنع أعدائي بي ؟ جنتي وبستاني في صدري ، أنّى رحت فهي معي لا تفارقني .. إن حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة “.
- ابن القيم والذكر :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره : مثل الحي والميت “. (البخاري : 6407 – ومسلم : 779)
يعلق ابن القيم -رحمه الله- على هذا الحديث بقوله :
” الذاكر بمنزلة الحي في بيوت الأحياء ، والغافل كالميت في بيوت الأموات ، ولا ريب أن أبدان الغافلين قبور لقلوبهم ، وقلوبهم فيها كالأموات في القبور ” ، كما قيل :
فنسيان ذكر الله موت قلوبهم … وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم … وليس لهم حتى النشور نشور
- ابن القيم والنفس البشرية :
قال -رحمه الله- : ” في النفس كبر إبليس ، وحسد قابيل ، وعتوّ عاد ، وطغيان ثمود ، وجرأة نمرود ، واستطالة فرعون ، وبغي قارون ، وحيل أصحاب السبت ، وتمرد الوليد ، وجهل أبي جهل ، وحرص الغراب ، وشره الكلب ، ورعونة الطاووس ، ودناءة الجُعل ، وعقوق الضب ، وحقد الجمل ، ووثوب الفهد ، وصولة الأسد ، وفسق الفأرة ، وخبث الحية ، وعبث القرد ، وجمع النملة ، ومكر الثعلب ، ونوم الضبع “.
ومن أقواله : ” أجمع العارفون بالله على أن الخذلان أن يكلك الله إلى نفسك ، ويخلي بينك وبينها ، والتوفيق ألا يكلك الله إلى نفسك “.
(انظر ” لا تحزن ” لعائض القرني)