
لا تكونوا مثلها :
لا تكونوا في نقضكم للعهود بأسوأ الأمثال وأقبحها وأدلها على سفه متعاطيها ، مثل هذه الحمقاء التي تغزل غزلًا قويًّا ، حتى إذا استحكم وتم ما أريد منه نقضته فجعلته { أَنْكَاثًا } !!
فأين كان عقلها ؟!
مثل هذه لا عقل لها .
فكذلك من نقض ما عاهد عليه فهو ظالمٌ ، جاهلٌ ، سفيهٌ ، ناقصُ الدِّينِ والمروءة .
- يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز :
« وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ». (النحل : 92)
يروى أن امرأة حمقاء كانت بمكة تسمى ريطة بنت عمرو ، كانت تفعل ذلك ، فبها وقع التشبيه ؛ قال الفراء ، وحكاه عبدالله بن كثير والسدي ولم يسميا المرأة ، وقال مجاهد وقتادة وابن زيد : هذا مَثَل لمن نقض عهده بعد توكيده .
وقال الفراء : المعنى لا تغدروا بقوم لقلتهم وكثرتكم أو لقلتكم وكثرتهم ، وقد عززتموهم بالأيمان .
- يقول الإمام الطبري رحمه الله تعالى :
يقول تعالى ذكره ناهيًا عباده عن نقض الأيمان بعد توكيدها ، وآمرًا بوفاء العهود ، وممثلًا ناقض ذلك بناقضة غزلها من بعد إبرامه وناكثته من بعد إحكامه : ولا تكونوا أيها الناس في نقضكم أيمانكم بعد توكيدها وإعطائكم الله بالوفاء بذلك العهود والمواثيق ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ) يعني : من بعد إبرام .
وكان بعض أهل العربية يقول : القوّة : ما غُزِل على طاقة واحدة ولم يثن .
وفي التفسير الميسر :
ولا ترجعوا في عهودكم ، فيكون مَثَلكم مثل امرأة غزلت غَزْلا وأحكمته ، ثم نقضته ، تجعلون أيمانكم التي حلفتموها عند التعاهد خديعة لمن عاهدتموه ، وتنقضون عهدكم إذا وجدتم جماعة أكثر مالًا ومنفعة من الذين عاهدتموهم ، إنما يختبركم الله بما أمركم به من الوفاء بالعهود وما نهاكم عنه مِن نقضها ، وليبيِّن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون في الدنيا من الإيمان بالله ونبوة محمد ﷺ .
كانوا يحالفون الحلفاء فإذا وجد أكثر منهم وأعز نقضوا حلف أولئك وحالفوهم .
- الرجوع إلى الحق :
كان بين معاوية وبين ملك الروم أمد ، فسار معاوية إليهم في آخر الأجل ، حتى إذا انقضى وهو قريب من بلادهم ، أغار عليهم وهم غارون لا يشعرون ، فقال له عمرو بن عبسة : الله أكبر يا معاوية وفاءً لا غدرًا ، سمعت رسول الله – ﷺ – يقول :
” من كان بينه وبين قوم أجل فلا يحلن عقدة حتى ينقضي أمدها “.
فرجع معاوية بالجيش – رضي الله عنه -.
- وقفة مع الآية :
ما أكثر الدول التي تتشدق بالدفاع عن حقوق الإنسان ، ولكنها تتخذ من نقض عهدها سبيلًا لمصالحها الخاصة ، أو لشيء في نفس يعقوب ، إنما تسقي جذورَها بأسباب هلاكها ، وهذا واضحٌ وصريح في دول الغرب ، وحليفتهم المارقة المحتلة لأرض فلسطين العربية.
وقد تَعرِضُ للمرء سوانحُ تُغريه بالتفلُّت من العهد الذي يُبرِمُه مع الله تبارك وتعالى ، وخيرُ عاصمٍ من ذلك بعد الصبر أن يعلمَ أنه ابتلاءٌ إمَّا يُرفَع به وإمَّا يُخفَض .
كما لا ينبغي الإخلالُ بما هو صريحٌ في وجوب الوفاء به ، كذا ينبغي تخليةُ الذمَّةِ فيما يشتبهُ على الناس ويختلفون فيه .
- الأمم المتحدة :
أنشئت الأمم المتحدة يوم 24 أكتوبر/ تشرين الأول 1945 ، وقد أنشأها 51 بلدًا ملتزمًا بحفظ السلام عن طريق التعاون الدولي والأمن الجماعي .
وتنتمي إلى الأمم المتحدة اليوم كل دول العالم تقريبًا .
وعندما تصبح الدول أعضاء في الأمم المتحدة فإنها توافق على الالتزامات المنصوص عليها في ميثاق المنظمة .
وللأمم المتحدة – وفقًا للميثاق – أربعة مقاصد هي :
1- صون السلم والأمن الدوليين .
2- تنمية العلاقات الودية بين الأمم .
3- تحقيق التعاون على حل المشاكل الدولية وتعزيز احترام حقوق الإنسان .
4 – جعل هذه الهيئة مركزًا لتنسيق أعمال الأمم .
المقر :
يوجد مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية .
أجهزة الأمم المتحدة :
للأمم المتحدة ستة أجهزة رئيسية تقع مقار خمسة منها في المقر الرئيسي للأمم المتحدة بنيويورك ، وهي الجمعية العامة ، ومجلس الأمن ، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ، ومجلس الوصاية والأمانة العامة .
أما مقر الجهاز السادس وهو محكمة العدل الدولية ، فيقع في لاهاي بهولندا .
- نقض العهود :
هل تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية ، أو الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين بمواثيق ، وقرارات ، وعهود الأمم المتحدة ؟!
والإجابة القاطعة :
لا ، وألف لا ..
لا التزام ، بل نقض للعهود على الدوام .
فأكثر الأمم نقضًا للعهود مع الله تعالى أمة بني إسرائيل ؛ ولذا كثر إرسال الرسل إليهم دون غيرهم ؛ لكثرة نقضهم للعهود .
والمتأمل للقرآن الكريم يجد إخبار الله تعالى عن بني إسرائيل في نقضهم للعهود ، وهو إخبار عن عهد مجمل وهو عهد الأخذ بالدين والقيام به ، وإخبار عن عهود مفصلة لأحكام من الشرائع محددة .
فمن خبر الله تعالى عن نقض اليهود للعهود : أن الله تعالى لما أنزل التوراة على موسى رفضوا قبولها لما فيها من أحكام استثقلوها ، فرفع الله تعالى الجبل فوق رؤوسهم تهديدًا لهم ؛ فقبلوا التوراة وما فيها من أحكام ، ولكنهم نقضوا عهدهم مع الله تعالى ، ولم يأخذوا بما في التوراة :
« وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ». (البقرة : 63-64)