المفاليس

المفاليس :

أيها الناس ، يا كل الناس :
ما الإفلاس ، وهل له من مقياس ؟!

يجيب على سؤالي سيد الناس ﷺ ؛ ليزيل عنا الالتباس .

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : ” أتدرون من المفلس؟ “
قالوا : المفلس فينا من لا دِرْهَمَ له ولا متاع .
فقال : ” إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا ، وَقَذَفَ هذا ، وأكل مال هذا ، وسَفَكَ دم هذا ، وضرب هذا ، فيعُطَى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطُرِحَتْ عليه ، ثم طُرح في النار “.
( رواه مسلم ).

فلا تكن من المفاليس ، الذين يضعون المتاريس ، في الطريق إلى الفراديس .

{ والعجب كل العجب من حال أكثر الناس ، كيف ينقصي الزمان ، وينفد العمر ، والقلب محجوب عن الله والدار الآخرة ، وخرج من الدنيا كما دخل إليها ، بل عاش عيش البهائم ، انتقل منها انتقال المفاليس ؛ فكانت حياته عجزًا ، وموته كمدًا ، ومعاده حسرة وأسفًا }.

أعجبني جدًّا هذا التعليق من موقع [ إسلام ويب ] على حديث النبي الحبيب ﷺ :

{ لقد حدثوه عن مفاليس أهل الدنيا ، وحدثهم عن مفاليس يوم القيامة .

حدثوه عن الإفلاس المؤقت ، وحدثهم عن الإفلاس الدائم .

حدثوه عن إفلاس قد يأتي بعده غنى ويستغني صاحبه بعده ، وحدثهم عن إفلاس لا غنى بعده أبدًا .

حدثوه عن إفلاس ربما لا يضر بدين صاحبه ، وحدثهم عن إفلاس يدخل صاحبه النار }.

** جنة الخلد خير :

قال حكيم : أصعب الحرام “أوله” ، ثم يسهل ، ثم يُستسَاغ ، ثم يُؤلَف ، ثم يَحلو ، ثم يطبع على القلب ، ثم يَبحث القلبُ عن حرامٍ آخر .

فإذا دعتك نفسك إلى معصية ، فحاورها حوارًا لطيفًا بهاتين الآيتين من سورة الفرقان ؛ حتى لا تكون من المفاليس :

« قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا * لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا ». (الفرقان : 15-16)

ندعوكم لقراءة : تحذير نبوي

** هل تقبل ؟!

هل تقبل يا مسلم أن تنقضي حسناتك ؛ ثواب الصلاة ينتهي ، وثواب الزكاة ينتهي ، وثواب الصيام ينتهي ، وثواب الحج ينتهي ، وثواب الصدقات ينتهي ، كلُّ ما عندك من حسنات ينتهي ؟!

هل تقبل أن يؤخذ من سيئاتهم ويُطرَح عليك ثم تُطرح في النار ، والعياذ بالله ؟!

بالطبع ، لابد أن تقول : لا ، وألف لا .
لا أقبل ذلك كله .

من أجل ذلك عليك أن تحتاط للأمر ؛ فهو جد خطير ؛ إما جنة وإما نار .

يقول الله التواب الرحيم ، في قرآنه الكريم :
« وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ». (هود : 114)

كم هو ربٌّ عظيم ، خيره عميم ، وملكه مقيم ؛ تأتي بالحسنة ، فيمحو ربك بها سيئة .

قال الحسن البصري رحمه الله :
{ استعينوا على السيئات القديمات بالحسنات الحديثات ، وإنكم لن تجدوا شيئًا أذهب بسيئةٍ قديمة من حسنةٍ حديثة }.

سبحانك ربي ما أعظم عفوك وكرمك .

** الإفلاس الدنيوي :

أما عن الإفلاس الدنيوي ، فلا حاجة لنا به ، ولكن نقرأ عنه من خلال شاعرين كبيرين .

إِن دامَ إِفلاسي عَلى ما أَرى … هَجَرتُ إِخواني وَأَصحابي

وَبعتُ أَثوابي وَإِن بِعتُها … بَقيتُ بَينَ الدارِ وَالبابِ

قالوا فُلانٌ قَد غَدا تائِبًا … وَاليَومَ قَد صَلّى مَعَ الناسِ

قُلتُ مَتى ذاكَ وَأَنّى لَهُ … وَكَيفَ يَنسى لَذَّةَ الكاسِ

أُمسِ بِهَذي العَينِ أَبصَرتُهُ … سَكرانَ بَينَ الوَردِ وَالآسِ

وَرُحتُ عَن تَوبَتِهِ سائِلًا … وَجَدتُها تَوبَةَ إِفلاسِ

Exit mobile version