– كاتم سر رسول الله ﷺ .. رجل متزن ذو رؤية ثاقبة يعرف جيداً كيف يحفظ لسانه ..
– تمكن بتلك الخصال الفريدة من مساندة الرسول والمسلمين فكان له دور بارز فى يوم الخندق .. حفظ الأمانة ولم يبح لأحد بأسماء المنافقين فهو صاحب سر رسول الله صلى عليه وسلم ..
– وهو أيضًا أكثر الصحابة سؤالًا عن «الشر» خوفًا من أن يدركه ، كما يروى عن نفسه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أسرّ إليه بأسماء المنافقين وذكر له الفتن الكائنة في الأمة من بعده كما يروي الذهبي في سير أعلام النبلاء ..
– وقد توفي ( رضي الله عنه ) بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنهما بأربعين ليلة ، حامدًا الله عز وجل وهو على فراش الموت أن وفاته سبقت الفتن التي أخبر بها وحدّث عنها .
– فيقول الذهبي :
كان رضي الله عنه صاحب طاقة عقلية وفكرية فذة ، فمن مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يسأله عن الشر مخافة أن يدركه ، فعن أبي إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول : كان الناس يسألون رسول الله عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله ، إنا كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : «نعم». قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : «نعم ، وفيه دخن». قلت : وما دخنه ؟ قال : ” قوم يهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر”. قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : «نعم ، دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها». قلت : يا رسول الله ، صفهم لنا . فقال : «هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا». قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم». قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : «فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك».
– أما عن شجاعته -رضي الله عنه- فكان له مهمة خاصة وخطيرة في غزوة الأحزاب اختاره لها رسول الله صلي الله عليه وسلم .
فقد قال عن نفسه : ” لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب ، وأخذتنا ريح شديدة وقُرٌّ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا رجلٌ يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة ؟ فسكتنا فلم يجِبْهُ منا أحد ، ثم قال : ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة ؟ فسكتنا فلم يجبه منا أحد ، ثم قال : ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة ؟ فسكتنا فلم يجبه منا أحد ، فقال : قم يا …. ، فأتِنا بخبر القوم ، فلم أجد بدًّا إذ دعاني باسمي أن أقوم ، قال : اذهب فأتني بخبر القوم ، ولا تَذْعَرْهم عليَّ ، فلما وليتُ من عنده جعلت كأنما أمشي في حمَّامٍ حتى أتيتُهم ، فرأيت أبا سفيان يَصْلي ظهره بالنار ، فوضعتُ سهمًا في كبد القوس فأردتُ أن أرميَه ، فذكرتُ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولا تذعرهم عليَّ ، ولو رميتُه لأصبتُه ، فرجعتُ وأنا أمشي في مثل الحمَّام ، فلما أتيتُه فأخبرته بخبر القوم ، وفرغتُ قُرِرْتُ ، فألبسني رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضلِ عباءةٍ كانت عليه يصلي فيها ، فلم أزل نائمًا حتى أصبحت ، فلما أصبحت قال : قُمْ يا نومانُ “. (مسلم : 1788)
فيا لإقدامه وشجاعته وحسن طاعته لرسوله وصاحبه -صلي الله عليه وسلم- فقد خرج وحيدًا في هذه الليلة المظلمة الباردة بين أعداء الله ورسوله لينقل خبرهم لرسول الله صلي الله عليه وسلم وقد أتم مهمته علي خير وجه ؛ فنعم الاختيار من رسول الله صلي الله عليه وسلم .
– كان ذكياً ، ورآه الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب بديهية ، ورآه كتوماً للسر ؛ لذلك كلفه وأفضى إليه بأسماء المنافقين الذين أطلعه الله عليهم ، فكان صاحب سر رسول الله .
– ولذلك جاء سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصحابي الجليل ، ثاني الخلفاء الراشدين ، الذي ملأ الأرض بعدله ، والذي ملأ العين والسمع بأخلاقه ، واندفاعه ، وجرأته ، كان قلقاً على نفسه ، ويخشى عليها ، إلى أن التقاه يوماً ، وقال : «يا …. أنشدك الله هل وجدت اسمي بين المنافقين ؟» فخجل هذا الصحابي أشد الخجل وقال : «لا والله أنت أكرمنا ، ولكن لا أزكي بعدك أحداً» ، يعني اعذرني لا تحرجني بأسماء أخرى ، لأن الله عز وجل قال في القرآن : ” وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ “. (سورة التوبة الآية : 84)