سنة الوضوء

ها هو المعلم صلى الله عليه وسلم يعلم الأمة كلها سنة الوضوء من خلال هذا الحديث الذي رواه الإمامان البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى : فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال لبلال : ” يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام ؛ فإني سمعت دف نعليك بين يديّ في الجنة ” .. قال : ما عملت عملًا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كُتب لي أن أصلي . (متفق  عليه ، وهذا لفظ البخاري)

ومعنى دف نعليك ؛ الدف هو صوت النعل على الأرض حينما تكون في مكان ، وتسمع إنسانًا يمشي ؛ تسمع صوت نعليه ، فهذا دف النعلين ، وقد سمعه المعلم صلى الله عليه وسلم في الجنة ، وهذا أمرٌ من أمور الغيب ، وأمر الغيب لا مجال للعقل فيه ، وبلال حينها -كما هو معلوم- حي يرزق لم يمت ، وسأله النبي ﷺ عن ذلك ، فالله -تبارك وتعالى- على كل شيء قدير .

وكون النبي ﷺ سمع دف نعليه بين يديه في الجنة لايعني مطلقًا أن بلالًا رضي الله عنه قد تقدم على النبي ﷺ ؛ فإن ذلك من قبيل تقدم الخادم على المخدوم بين يديه ، فلا يُقال إنه تقدم ، بل هو تقديم للمخدوم -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا الذي حصل لبلال ما حصل إلا لأنه من أهل الجنة ؛ فيُفهَم من هذا أنه منقبة لبلال رضي الله عنه .

صلى الله على المعلم .. صلى الله عليه وسلم .

فما سنة الوضوء يا عباد الله ؟

ومن بلال بن رباح صاحب هذه المنقبة ؟

أما عن سنة الوضوء :

فقد سُئل الإمام ابن باز عنها ، فأجاب بقوله : ثبت عنه ﷺ أنه توضأ فأحسن الوضوء ، ثم صلى ركعتين ، ثم قال : ” من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفسه غُفر له ما تقدم من ذنبه ” ، هذا ثابت عنه ﷺ من حديث عثمان ، ومن أحاديث أخرى .

وسنة الوضوء عددها ركعتان .

وثبت أيضًا أنه ﷺ رأى بلالًا أمامه في الجنة ، لما دخل الجنة لما عُرج به إلى السماء ، فسأله ﷺ قال : إني سمعت دف نعليك أمامي في الجنة ، فأي عملك أرجى ؟ قال : ما أحدثت إلا توضأت ، ولا توضأت إلا صليت ركعتين ؛ كما أسلفنا في بداية المقال .. فصلاة الركعتين سنة وقُربة بعد الوضوء .

ومن توضأ ثم صلى ركعتي تحية المسجد، أو راتبة الظهر ، أو راتبة الفجر ، أو سنة الضحي قامت مقام سنة الوضوء وحصل بها المقصود ، تكون عن هذا وعن هذا ، والحمد لله .

ندعوكم لقراءة : الأذان والصلاة

أما عن صاحب المنقبة في الحديث السابق ( بلال بن رباح ) رضي الله عنه :

فهو صحابي جليل من السابقين الأولين في الإسلام ، ومؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه .

وكان بلال من المستضعفين الذين عُذّبوا ؛ ليتركوا دينهم تحت وطأة التعذيب ، ولكن الله أبي أن يرجع عن دينه ( الإسلام ) ؛ لأنه علم صدق نيته ؛ فأعانه على الثبات حتى الممات .

وقد كان عبدًا لبني جمح من قريش ، فعذبه سيده أمية بن خلف بعدما أعلن إسلامه ، فاشتراه أبوبكر الصديق وأعتقه .

ولقد طبقت شهرته الآفاق ؛ بسبب صبره على التعذيب ، وقولته الشهيرة تحت التعذيب « أحدٌ أحد ».

والسبب الآخر أنه كان ( مؤذن الرسول ) صلى الله عليه وسلم .

وقد شهد بلال المشاهد كلها .

وُلد بلال بمكة المكرمة عام 580م ، أما عن تاريخ ومكان الوفاة : فقد كانت في الثاني من مارس 640م ، دمشق ، سوريا .

مكان الدفن: مقبرة باب الصغير ، دمشق ، سوريا .

رضي الله عنك سيدي بلال بن رباح ؛ فقد قالها عمر بن الخطاب ذات يوم بأعلى الصوت : أبوبكر سيدنا ، وأعتق سيدنا .. رضي الله عن هذا الثلاثي من الصحابة الكرام ، وعن كل أصحاب الرسول العظام .

Exit mobile version