انظر وتدبر :
قال الله تعالى في محكم التنزيل :
” وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ “. (القمر : 22)
سهَّل الله تبارك وتعالى ألفاظ القرآن الكريم ، ويَسَّر معناها لمن أراد ذلك ؛ ليتذكر أولو الألباب ؛ كما قال عز من قائل :
” كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ “. (ص : 29)
وقال جل شأنه :
” فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا “. (مريم : 97)
قال مجاهد رحمه الله : ” وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ” ؛ يعني هَوَّنَا قراءته .
وقال السدي : يَسَّرنا تلاوته على الألسن .
وقال الضحاك عن ابن عباس : لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحدٌ من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل .
– والضَّحاك هو :
الضحاك بن مزاحم الهلالي ، تابعي ، مفسر ؛ وقد أخذ التفسير عن سعيد بن جبير عن عبدالله بن عباس .
وهو أحد رواة الحديث النبوي ، ولقد روى له أصحاب السنن .
قال عنه الذهبي في [ السير ] : كان من أوعية العلم ، وهو صدوقٌ في نفسه .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله : ومن تيسيره تعالى على الناس تلاوة القرآن ، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف ” ، وقوله ” فهل من مدكر ” أي فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يسَّر الله حفظه ومعناه ؟
وقال محمد بن كعب القرظي : فهل من منزجر عن المعاصي ؟
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا الحسن بن رافع حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر هو الوراق في قوله تعالى : ” فهل من مدكر ” ؛ هل من طالب علم فيُعان عليه ، وكذا علَّقه البخاري بصيغة الجزم عن مطر الوراق ورواه ابن جرير وروى عن قتادة مثله .
– أمثلة واضحة :
قال الله تبارك وتعالى :
” واضرب بعصاك البحر … “.
” وهُزي إليك بجذع النخلة … “.
” فألقيه في اليم … “.
انظر وتدبر : العصا لا تشق بحرًا ، وهَزُّ النخلة لا يسقط بلحًا ، وإلقاء طفل في النهرِ هلاكٌ لا نجاة فيه .
ولكن الثقة كانت بمن أمرهم وليس بمنطق الأمر ذاته ؛ فكانت لهم المعجزات .
من بثقَ بالله ، يبلغ ما يتمناه .
ندعوكم لقراءة : انظر إلى طعامك
– مسؤولية فردية :
يقول الله تعالى في كتابه العزيز :
” فمن أبصر فلنفسه “. (الأنعام : 104)
” من عمل صالحًا فلنفسه “. (فصلت : 46)
” ومن شكر فإنما يشكر لنفسه “. (النمل : 40)
” ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه “. (فاطر : 18)
” ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه “. (العنكبوت : 6)
” فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه “. (الإسراء : 15)
” ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه “. (محمد : 38)
” فمن نكث فإنما ينكث على نفسه “. (الفتح : 10)
” ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه “. (النساء : 11)
” قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ “. (الأنعام : 104)
من الآيات السابقة تتضح المسؤولية الفردية وتحمُّل نتائجها في أوضح صورة وأقوى عبارة في تأكيدها .
نجاتك يوم القيامة مشروع شخصي لن تؤاخذ على تقصير الناس معك ، بل ستُعاتَب وتؤاخذ على تقصيرك بحق نفسك .
فاستعن بالله ولا تعجز .
” كل نفس بما كسبت رهينة ” ؛ فأنقذ نفسك .
اللهم أعنا على إنقاذ أنفسنا وتطهيرها .
قال السعدي رحمه الله في قوله تعالى : ” وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ “.
كرَّر تعالى ذلك رحمة بعباده وعناية بهم ، حيث دعاهم إلى ما يصلح دنياهم وأخراهم .
قال سعيد بن جبير رحمه الله :
ليس من كتب الله كتاب يقرأ كله ظاهرًا إلا القرآن .