الصلاة على النبي

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :

قال الله الملك الحق : ” خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ “. (التوبة : 103)

وفي التفسير :

خذ -أيها النبي- من أموال هؤلاء التائبين الذين خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا صدقة تطهرهم مِن دنس ذنوبهم ، وترفعهم عن منازل المنافقين إلى منازل المخلصين ، وادع لهم بالمغفرة لذنوبهم واستغفر لهم منها ، إن دعاءك واستغفارك رحمة وطمأنينة لهم .
والله سميع لكل دعاء وقول ، عليم بأحوال العباد ونياتهم ، وسيجازي كلَّ عامل بعمله .

‏فإذا كانت صلاته ﷺ على المسلمين سكنًا وطمأنينة لهم ، فكيف بصلاة ﷲ ﷻ عشر مرات عليك إذا صليت على النبي ﷺ مرةً واحدة ؟!

قال الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم : ” مَنْ صلى عليَّ صلاةً ، صلى الله عليه بها عشرًا “. (رواه مسلم)

قال الله الملك الحق : ” إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا “. (الأحزاب : 56)

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد في الأولين ، وفي الآخرين ، وفي النبيين ، وفي المرسلين ، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين ، وفي كل وقت وحين .

وفي تفسير الجلالين :

«إن الله وملائكته يصلُّون على النبي» محمد صلى الله عليه وسلم «يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا» أي قولوا : اللهم صل على سيدنا محمد وسلم .

وفي التفسير الميسر :

إن الله تعالى يثني على النبي صلى الله عليه وسلم عند الملائكة المقربين ، وملائكته يثنون على النبي ويدعون له ، يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه ، صلُّوا على رسول لله ، وسلِّموا تسليمًا ، تحية وتعظيمًا له .. وصفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثبتت في السنة على أنواع ، منها : ” اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميدٌ مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميدٌ مجيد “.

– وعظها ؛ فوعظته :

يُحدّث أحد المشايخ أنه وعظَ امرأةً من محارمه في نفسها ؛ لتلزم ذكر اللَّهِ سبحانه ، وخصوصًا كثرة الصلاة والسلام على رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ..
فقالت : بحمدِ اللَّهِ أنا أصلِّي على رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ليلة الجمعة إلى آخرها نحو ١٥ ألف مرة ؛ رجاء أن يُصلي اللَّه عليَّ بها مئة وخمسين ألف مرة !

يقول : فوعَظتني بأعظمَ مِمَّا وعظتُها به !

– أفضل العبادات :

‏قال سهل بن عبدالله التستري -رحمه الله تعالى- : الصلا‌ة على النبي ﷺ أفضل العبادات ؛ لأ‌ن الله تعالى تولا‌ها هو وملا‌ئكته ثم أمر بها المؤمنين ، وسائر العبادات ليست كذلك . (الجامع لأحكام القرآن القرطبي)

– عبادة واجبة :

الصلاة على النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، هي إحدى العبادات الواجبة على المسلمين وفقًا للآية القرآنية : ” إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا “. (الأحزاب : 56)

– صيغ للصلاة على الحبيب :

” اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ “. (رواه مسلم)

” اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ “. (رواه البخاري)

” اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ كما صلَّيتَ علَى إبراهيمَ وعلَى آلِ إبراهيمَ ، وبارِكْ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ كما بارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ في العالَمينَ إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ “. (صححه الألباني)

صلِّ على الحبيب ؛ قلبك يطيب .

– الوسيلة :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا ، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ “. (رواه مسلم)

– أكثروا من الصلاة عليه :

« اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله عدد حروف القرآن حرفًا حرفًا ، وعدد كل حرف ألفًا ألفًا ، وعدد صفوف الملائكة صفًا صفًا ، وعدد كل صف ألفًا ألفًا ، وعدد الرمال ذرة ذرة ، وعدد ما أحاط به علمك ، وجرى به قلمك ، ونفذ به حكمك في برك وبحرك ، وسائر خلقك ».

« اللهم صَلِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَصْلِ الأُصُول ، نُورِ الْجَمَالِ ، وَسِرِّ الْقَبُول ، أَصْلِ الْكَمَالِ ، وَبَابِ الْوُصُول ، صلاةً تَدُومُ وَلا تَزُول ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمِّدٍ أَكْرَمِ نَبِيٍّ ، وَأَعْظَمِ رَسُول مَنْ جَاهُهُ مَقْبُول ، وَمُحِبُّهُ مَوْصُول ، الْمُكَرَّمُ بِالصِّدْقِ فِي الْخُرُوجِ وَالدُّخُول ، صلاةً تَشْفِي مِنَ الأَسْقَامِ وَالنُّحُول وَالأَمْرَاضِ وَالذُّبُول ، وَنَنْجُو بِهَا يَوْمَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ مِنَ الذُّهُول ، صلاةً تَشْمَلُ آلَ بَيْتِ الرَّسُول وَالأَزْوَاجَ وَالأَصْحَابَ ، وَتَعُمُّ الْجَمِيعَ بِالْقَبُول ، الشَّبَابَ فِيهِمْ وَالْكُهُول ، وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِه أجمعين ».

ندعوكم لقراءة : معلم الصدق

– مواطن الصلاة على الرسول :

أولًا : في التشهد الأخير من الصلاة ، وقد اتفق على مشروعية الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الموضع واختلف في حكمه على النحو التالي :

1- فالشافعي وآخرون يقولون بوجوبها .

2- والإمام مالك يرى أن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- واحدة بالجملة بعقد الإيمان ، ولكن لا تتعين في الصلاة .

3- أما الإمام أحمد فله فيها روايتان : الوجوب وعدمه .

ثانيًا : في التشهد الأول : وهو عند الشافعي مستحب وليس بواجب .

ثالثًا : مطلوب الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة وليلتها للحديث الصحيح : ” أكثروا الصلاة عليَّ يوم الجمعة وليلة الجمعة .. فمن صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه عشرًا “.
وعن أوس ابن أوس -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ” إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه قبض ، وفيه النفخة ، وفيه الصعقة ، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة عليّ ” ، فقالوا : يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ قال : يقولون : بليت ، قال صلى الله عليه وسلم : إن الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء “. (رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح)
وفي هذا يقول الإمام ابن القيم : ” ورسول الله صلى الله عليه سيد الأنام ، ويوم الجمعة سيد الأيام ، فالصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره مع حكمة أخرى ، وهي أن كل خير نالته أمته في الدنيا والآخرة فإنما نالته على يده ، فجمع الله لأمته بين خيري الدنيا والآخرة ، فأعظم كرامة تحصل لهم ، فإنما تحصل يوم الجمعة ، فإن فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة ، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة ، وهو يوم عيد لهم في الدنيا ، ويوم فيه يسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم ، ولا يرد سائلهم ، وهذا كله إنما عرفوه ، وحصل لهم بسببه وعلى يده ، فمن شكره وأداء القليل من حقه أن نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته “.

رابعًا : بعد التكبيرة الثانية في صلاة الجنازة ، ويرى الإمامان مالك وأبو حنيفة استحبابها ، ويرى الشافعي وأحمد وجوبها .

خامسًا : بعد إجابة المؤذن ، وعند الدعاء .

سادسًا : عند دخول المسجد وعند الخروج منه ، لحديث الترمذي وابن ماجه عن فاطمة -رضي الله عنها- قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل المسجد يقول : ” بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ” ، وإذا خرج قال : ” بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك “.

سابعًا : عند الصباح وعند المساء ، لحديث أبي الدرداء : ” من صلى عليَّ حين يصبح عشرًا وحين يمسي عشرًا أدركته شفاعتي يوم القيامة “.

ثامنًا : عند ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل حال وعلى كل حال ؛ وذلك للأحاديث المرهبة من عدم الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- كلما ذُكر اسمه الشريف .
واختلف العلماء نتيجة للأحاديث السابق بيانها ، هل حكم ذلك الوجوب أم الاستحباب .

تاسعًا : عند الشدائد والهم وطلب المغفرة لحديث أبي بن كعب حين قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- : أجعل لك صلاتي كلها ( أي اجعل كل دعائي صلاة عليك يا رسول الله ) ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ” إذًا تُكفي همك ويُغفر ذنبك ”. (رواه الترمذي وهو حسن)

عاشرًا : ومن المواطن أيضًا في الخطب كخطبة الجمعة والعيدين والاستسقاء وغيرها ، وفي الصلاة في غير التشهد ، نص عليه الإمام أحمد إذا مر ذكر اسمه -صلى الله عليه وسلم- أو صفته في النافلة .

وهناك مواضع أشار إليها العلماء وهي إما مبنية علي ما دار عليه العمل في الأجيال المختلفة دون معارضة ، أو على القواعد والأدلة العامة الدالة على استحباب الذكر ، وحيث إن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- من الذكر فقد أرشدوا إليه ، أو أنه ورد فيها نقول عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو التابعين ، ومن ذلك :

في آخر القنوت .
عند الفراغ من تلبية الأذان .
عند استلام الحجر .
إذا قام المسلم من نوم الليل .
عقب ختم القرآن .
عند القيام من المجلس .
عند تبليغ الناس العلم .
عند خطبة الرجل المرأة .
في كل موطن يجتمع فيه لذكر الله .
عقب الصلوات .
عند كل كلام ذي بال .
في أثناء صلاة العيد .

– المواطن والأوقات التي يكره فيها الصلاة والسلام عليه :

قال القاضي عياض في الشفا : وكره الصلاة عليه الصلاة والسلام عند التعجب ، وقال لا يصلح الصلاة عليه إلا على طريق الاحتساب وطلب الثواب .

كره الأحناف للتاجر أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند فتح بضاعته وعرضها على المشتري إذا قصد بذلك تحسين بضاعته وترغيب المشتري فيها ، لا الاحتساب وطلب الثواب ، وقالوا ينبغي أن يحمل على الكراهة التحريمية ، وإذا قصد المثوبة وغيرها فتكون كراهة تنزيهية .

قال العيني في تحفة الملوك : يحرم التسبيح والتكبير والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند عمل محرم ، ومن ذلك عند الإعجاب بامرأة تمر أمامه ، أو بمرتكب لمعصية أو غير ذلك .

كذلك يجب على المسلم أن يراجع نفسه فيما يفعله من قسم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد ورد النهي عن أن يقسم المسلم بغير الله تعالى .

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، طب القلوب ودوائها ، وعافية الأبدان وشفائها ، ونور الأبصار وضيائها .

Exit mobile version