ديننا الإسلام

التقوى أصل السلامة

التقوى أصل السلامة :

التقوى ؛ هي السلاح الأقوى ؛ فهي أقوى علامة ، وأصل السلامة ، تُدخِل المسلم دار المقامة ؛ وذلك يوم القيامة ، بإذن الله تبارك وتعالى صاحب الفضل والكرامة .

وسُمِّيَت الجنة ” دار مقامة ” ؛ لأن أهلها يقيمون فيها ، ولا يخرجون منها ، ولا يتحولون .

ولقد ورد ذكر دار المقامة في قوله تعالى :
« وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ». (فاطر : 34-35)

** التقوى لغةً واصطلاحًا :

التقوى لغة : هي الاسم من اتقى ، والمصدر : الاتقاء ، وكلاهما الاسم والمصدر مأخوذ من مادة وقى .
والوقاية : حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره ، فأصل التقوى : أن يجعل الإنسان بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية .

أما المعنى الشرعي : فعل ما أمر الله عز وجل به ، وترك ما نهى الله عنه .

وعرفت على أنها ” وقاية النفس من عصيان أوامر الله ونواهيه وما يمنع رضاه ” ، أو ” حفظ النفس حفظًا تامًا عن الوقوع في المحظورات بترك الشبهات “.

  • ‏قال ابن الجوزي رحمه الله في [ صيد الخاطر ] :

‏” اعلم أن الزمان لا يثبت على حال ؛ فتارة فقر ، وتارة غنى ، وتارة عز ، وتارة ذل ، وتارة يفرح الموالي ، وتارة يشمت الأعادي ، فالسعيد من لازم أصلًا واحدًا على كل حال ؛ وهو : تقوى الله عز وجل ، فإنه : إن استغنى ؛ زانته ، وإن افتقر ؛ فتحت له أبواب الصبر ، وإن عُوفي ؛ تمت النعمة عليه ، وإن ابتُلي ؛ حملته ، ولا يضره إن نزل به الزمان أو صعد ، أو أعراه ، أو أشبعه ، أو أجاعه ؛ لأن جميع تلك الأشياء تزول وتتغير ، ‏والتقوى أصل السلامة ، حارسٌ لا ينام “.

** التقوى في القرآن :

مواقع التقوى في القرآن الكريم كثيرة ؛ كلها خير وثواب وسعادة ؛ فكم رُتِّب عليها من خير ، وكم وُعِد عليها من ثواب ، وكم أُضيف إليها من سعادة .

ندعوكم لقراءة : تقوى الله

** وصية للأولين والآخرين :

وصَّى الله تبارك وتعالى الأولين والآخرين بقوله :

« وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ». (النساء : 131)

  • يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

{ وَصَّى الله عز وجل الأولين والآخرين ؛ من أهل الكتب السابقة واللاحقة ، بالتقوى المتضمنة للأمر والنهي ، وتشريع الأحكام ، والمجازاة لمن قام بهذه الوصية بالثواب ، والمعاقبة لمن أهملها وضيعها بأليم العذاب ، ولهذا قال : ” وَإِنْ تَكْفُرُوا ْ” بأن تتركوا تقوى الله ، وتشركوا بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا ، فإنكم لا تضرون بذلك إلا أنفسكم ، ولا تضرون الله شيئًا ولا تنقصون ملكه ، وله عبيد خير منكم وأعظم وأكثر ، مطيعون له خاضعون لأمره }.

  • ويقول الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق :

{ ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم من الأمم السابقة وَإِيَّاكُمْ ؛ أي : وصينا كلًّا منهم ومنكم بتقوى الله ؛
أي بمراقبته وخشيته وتنفيذ أوامره والبعد عن نواهيه }.

ويواصل الدكتور طنطاوي تفسيره بقوله :
{ ويرى صاحب الكشاف أن قوله -تبارك وتعالى- وَإِنْ تَكْفُرُوا عطف على اتقوا ، فقد قال : وقوله : وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ عطف على اتقوا .
لأن المعنى : أمرناهم وأمرناكم بالتقوى ، وقلنا لهم ولكم : إن تكفروا فإن لله ما في السموات وما في الأرض .
والمعنى : إن لله الخلق كله وهو خالقهم ومالكهم والمنعم عليهم بأصناف النعم كلها ، فحقه أن يكون مطاعًا في خلقه غير معصى .
يتقون عقابه ويرجون ثوابه .
ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من الأمم السابقة ووصيناكم أن اتقوا الله .
يعنى : أنها وصية قديمة ما زال يوصي الله بها عباده ، لستم بها مخصوصين : لأنهم بالتقوى يسعدون عنده ، وبها ينالون النجاة في العاقبة .
وقلنا لهم ولكم : وإن تكفروا فإن لله في سماواته وأرضه من الملائكة والثقلين من يوحده ويعبده ويتقيه .
وجواب الشرط في قوله «وإن تكفروا محذوف ، والتقدير : إن تكفرا بما وصاكم به فلن يضره كفركم فإنه -سبحانه- له ما في السموات وما في الأرض ثم ختم -سبحانه- الآية بقوله : وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ؛ أى : وكان الله وما زال غنيًّا عن خلقه وعن عبادتهم ، مستحقًا لأن يحمده الحامدون لكثرة نعمه عليهم فالجملة الكريمة تذييل مقرر لما قبله }.

** وصية ابن باز :

{ أوصي من تركت من أهلي وذريتي وسائر أقاربي بتقوى الله ، وإصلاح ذات البين ، وطاعة الله ورسوله ، والتواصي بالحق والصبر عليه ، وأوصيهم بمثل ما أوصى به إبراهيم عليه السلام بنيه ويعقوب :
” يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ “ [البقرة : 132] }.

زر الذهاب إلى الأعلى