أهمية التوحيد :
التوحيد ، وما أدراك ما التوحيد ؛ هو إفراد الرب العلي بالعبادة والتمجيد .
سبحانه وتعالى المبدئ المعيد ، الوارث الرشيد ، المطلع على كل شيء ؛ فهو الشهيد ، المستحق الحمد والثناء ، العزيز الحميد .
سبحانه المتفرد في ذاته وصفاته وأفعاله ، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد .
وإليكم هذا الحديث الفريد :
عن عِتْبَانَ بن مالك الأنصاري رضي الله عنه، قال : قال النبي ﷺ :
” لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ : ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) ؛ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ “.
( صحيح البخاري ).
– شرح الحديث :
هو -بالفعل- حديثٌ ٌفريد ؛ ولم لا وقد حرّم الله جل في علاه علينا النار إذا قلنا هذه الكلمة الغالية من أعماق قلوبنا بحقها ، وهذا من أعظم المكتسبات ، فإن من قالها فقد اهتدى ، ومن اهتدى فقد نجا .
وثمة أفعال ومعتقدات لها عند الله جل وعلا منزلة عظيمة ، فلا شيء في الدين يعدل : ( لا إله إلا الله ) ، فهذا الفضل من العمل إذا اقترن بالفضل من الإخلاص فاجتمع قلب صادق ، ومعتقد صحيح ، وكلمة طيبة وهي : ( لا إله إلا الله ) ، فلا يمكن بعد ذلك لهذا العبد أن تنال النار منه شيئًا .
يقول صلى الله عليه وسلم : ( لا يوافي الله عبد قال : لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) ، فلا إله إلا الله كلمة جليلة القدر من أجلها أنزل الله الكتب ، ومن أجلها بعث الله الرسل ، ومن أجلها نصب الله الموازين ، ومن أجلها أقام الله الحجج والبراهين ، ومن أجلها خلقت السماوات والأرض ، بل من أجلها خَلَقَ الثقلين : ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ” (الذاريات : 56) ، وعبادة ربهم أن يوحدوه في المقام الأول ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله يبتغي وجه الله حرمه الله جل وعلا على النار ).
– أهمية التوحيد :
هذا الحديثُ يُوضِّحُ حَقيقةً شَرعيَّةً ، وهي أهمِّيةُ التَّوحيدِ في الدُّنيا والآخِرةِ .
وفيه يُخبِرُ عِتْبانُ بنُ مالكٍ الأنصاريُّ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جاءه في صَباحِ يوْمٍ ، وأخبره أنَّه لنْ يأْتيَ عبْدٌ مُسلِمٌ يومَ القِيامةِ ، وهوَ يَشهَدُ للهِ بالتَّوحيدِ معَ ما يَلْزُمُهُ مِن الشَّهادةِ بِنُبوَّةِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والعملِ الصالحِ ، وهو يُريدُ بهذهِ الشَّهادةِ ولَوازِمِها وَجْهَ اللهِ خالِصًا دونَ إشراكٍ بهِ ، ويَطْلُبُ رِضا اللهِ سُبحانَه ، ولم يقُلْهَا لينالَ حظًّا مِن حُظوظِ الدُّنيا كمَغْنَمٍ ، أوِ اتِّقاءِ السَّيفِ ، أو رياءً وسُمعةً ، فيكونُ جَزاؤهُ أن يعافيَه اللهُ مِن دُخولِ النَّارِ ويُدْخِلَهُ الجنَّةَ .
( عن موقع : الدرر السنية ).
- والدرر السنية لمن لا يعرف :
هو موقع من المواقع الإسلامية المفيدة لطالب العلم ولعوام الناس ، ويقوم عليه الشيخ الفاضل/ علوي السقاف ، وهو من أهل العلم المتميزين في مجال الدعوة ، نحسبه كذلك ، والله حسيبه .
– مع الإمام ابن تيمية :
كلام يُكتَب بماء الذهب ، بل بماء العيون ؛ لأنه كلام في بيان معنى التوحيد ، وما يقتضيه لشيخ الإسلام ابن تيمية ، يقول عليه سحائب الرحمات :
{ وَالْمَشَايِخُ الصَّالِحُونَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- يَذْكُرُونَ شَيْئًا مِنْ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ ، وَتَحْقِيقِ إخْلَاصِ الدِّينِ كُلِّهِ ، بِحَيْثُ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُلْتَفِتًا إلَى غَيْرِ اللَّهِ ، وَلَا نَاظِرًا إلَى مَا سِوَاهُ : لَا حُبًّا لَهُ ، وَلَا خَوْفًا مِنْهُ ، وَلَا رَجَاءً لَهُ ، بَلْ يَكُونُ الْقَلْبُ فَارِغًا مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ ، خَالِيًا مِنْهَا ، لَا يَنْظُرُ إلَيْهَا إلَّا بِنُورِ اللَّهِ ، فَبِالْحَقِّ يَسْمَعُ ، وَبِالْحَقِّ يُبْصِرُ ، وَبِالْحَقِّ يَبْطِشُ ، وَبِالْحَقِّ يَمْشِي ، فَيُحِبُّ مِنْهَا مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ ، وَيُبْغِضُ مِنْهَا مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ ، وَيُوَالِي مِنْهَا مَا وَالَاهُ اللَّهُ ، وَيُعَادِي مِنْهَا مَا عَادَاهُ اللَّهُ ، وَيَخَافُ اللَّهَ فِيهَا ، وَلَا يَخَافُهَا فِي اللَّهِ ، وَيَرْجُو اللَّهَ فِيهَا ، وَلَا يَرْجُوهَا فِي اللَّهِ ، فَهَذَا هُوَ الْقَلْبُ السَّلِيمُ الْحَنِيفُ الْمُوَحِّدُ الْمُسْلِمُ الْمُؤْمِنُ الْمُحَقِّقُ الْعَارِفُ بِمَعْرِفَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ ، وَتَحْقِيقِهِمْ ، وَتَوْحِيدِهِمْ }.
( العبودية : ص 133 ).
وقال أيضًا : { التوحيد هو جماع الدين الذي هو أصلُه وفرعُه ولُبُّه ، وهو الخير كلُّه }.
( جامع المسائل : 1/ 274 ).
وقال أيضًا : { اَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَرْسَلَ الرُّسُلَ بِأَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ ، فَتَخْلُو الْقُلُوبُ عَنْ مَحَبَّةٍ مَا سِوَاهُ بِمَحَبَّتِهِ وَبِرَجَائِهِ ، وَعَنْ سُؤَالِ مَا سِوَاهُ بِسُؤَالِهِ ، وَعَنْ الْعَمَلِ لِمَا سِوَاهُ بِالْعَمَلِ لَهُ ، وَعَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِمَا سِوَاهُ بِالِاسْتِعَانَةِ بِهِ .. وَلِهَذَا كَانَ وَسَطَ الْفَاتِحَةِ ” إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ “}.
( مجموع الفتاوى ).
وقال أيضًا : { الإنسان لا يجد الطمأنينة ولا السكينة حتى يذكر الله ويُوجّهَ قلبه إليه ، فإنه يجد الطمأنينة والسكينة فلا يبقى عنده منازعة إلى شيء آخر }.
( جامع المسائل ).
– وهذا تلميذه ابن القيم يدلو بدلوه في هذا الشرف ، فيقول :
{ فِي الْقَلْبِ شَعَثٌ ، لَا يَلُمُّهُ إِلَّا الْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ ، وَفِيهِ وَحْشَةٌ ، لَا يُزِيلُهَا إِلَّا الْأُنْسُ بِهِ فِي خَلْوَتِهِ .
وَفِيهِ حُزْنٌ لَا يُذْهِبُهُ إِلَّا السُّرُورُ بِمَعْرِفَتِهِ وَصِدْقِ مُعَامَلَتِهِ .
وَفِيهِ حُزْنٌ لَا يُذْهِبُهُ إِلَّا السُّرُورُ بِمَعْرِفَتِهِ وَصِدْقِ مُعَامَلَتِهِ .
وَفِيهِ قَلَقٌ لَا يُسَكِّنُهُ إِلَّا الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ ، وَالْفِرَارُ مِنْهُ إِلَيْهِ .
وَفِيهِ نِيرَانُ حَسَرَاتٍ : لَا يُطْفِئُهَا إِلَّا الرِّضَا بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَقَضَائِهِ ، وَمُعَانَقَةُ الصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ إِلَى وَقْتِ لِقَائِهِ .
وَفِيهِ طَلَبٌ شَدِيدٌ : لَا يَقِفُ دُونَ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَحْدَهُ مَطْلُوبَهُ .
وَفِيهِ فَاقَةٌ : لَا يَسُدُّهَا إِلَّا مَحَبَّتُهُ ، وَالْإِنَابَةُ إِلَيْهِ ، وَدَوَامُ ذِكْرِهِ ، وَصِدْقُ الْإِخْلَاصِ لَهُ .
وَلَوْ أُعْطِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَمْ تَسُدَّ تِلْكَ الْفَاقَةَ مِنْهُ أَبَدًا }.
( مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ).
وقال أيضًا : { اللذة التَّامَّة ، والفرح ، وَالسُّرُور ، وَطيب الْعَيْش ، وَالنَّعِيم إِنَّمَا هُوَ فِي معرفَة الله ، وتوحيده ، والأنس بِهِ، والشوق إِلَى لِقَائِه ، واجتماع الْقلب والهم عَلَيْهِ ، فَإِن أنكد الْعَيْش عَيْش من قلبه مشتت ، وهمه مفرق }.
( رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ).
وقال أيضًا : { لَو تنقل الْقلب فِي المحبوبات كلهَا لم يسكن ، وَلم يطمئن إِلَى شَيْء مِنْهَا ، وَلم تقر بِهِ عينه ، حَتَّى يطمئن إِلَى إلهه وربه ووليه ، الَّذِي لَيْسَ لَهُ من دونه ولي وَلَا شَفِيع ، وَلَا غنى لَهُ عَنهُ طرفَة عين }.
( رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ).