أرحنا بها يا بلال

” أرحنا بها يا بلال ” ؛ هكذا قال نبينا المفضال ، صلى الله وسلم عليه والآل .
قال الله الملك المتعال : ” إِنَّ ٱلصَّلَـٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَـٰبًا مَّوْقُوتًا “. (النساء : 103)

قال ابن كثير رحمه الله :
وقوله : ” إِنَّ ٱلصَّلَـٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَـٰبًا مَّوْقُوتًا “.
قال ابن عباس : أي مفروضًا ، وكذا رُوي عن مجاهد ، وسالم بن عبدالله ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، والحسن ، ومقاتل ، والسدي ، وعطية العوفي .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : ” إِنَّ ٱلصَّلَـٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَـٰبًا مَّوْقُوتًا ” قال ابن مسعود : إن للصلاة وقتًا كوقت الحج .
وقال زيد بن أسلم : ” إِنَّ ٱلصَّلَـٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَـٰبًا مَّوْقُوتًا ” قال : مُنَجَّمًا ، كلما مضى نجم ، جاءتهم ؛ يعني : كلما مضى وقت جاء وقت .
ولله در القائل :
إن الصلاة كانت على المؤمنين فرضًا مُنَجَّمًا ؛ لأن ( الموقوت ) إنما هو ( مفعول ) من قول القائل : ( وقت الله عليك فرضه فهو يقته ) ، ففرضه عليك ( موقوت ) ، إذا أخرته ، جعل له وقتًا يجب عليك أداؤه . فكذلك معنى قوله : ” إِنَّ ٱلصَّلَـٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَـٰبًا مَّوْقُوتًا ” ، إنما هو : كانت على المؤمنين فرضًا وقت لهم وقت وجوب أدائه ، فبَيَّن ذلك لهم .

– تعظيم وقت الصلاة :

من تعظيم قدر الصلاة تعظيم وقتها والاهتمام بأدائها قبل خروج وقتها ، فدخول الوقت شرط لوجوب الصلاة وشرط لصحتها ، فلا تجب إلا بدخوله ولا تصح إلا بدخوله .

قال الله تعالى :
” أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا “. (الإسراء : 78)

وروى الإمام مسلم في صحيحه ، عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

” وقت الظهر ما لم يحضر العصر ، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ، ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق ، ووقت العشاء إلى نصف الليل ، ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس “.

ومما يؤكد أهمية الاعتناء بوقت الصلاة بدايةً ونهايةً ، أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم في يوم وصلى به كل الصلوات ، وأتاه من الغد وصلى به كل الصلوات الخمس وقال له : ” يا محمد ، هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين”. (رواه أحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما)

جبريل ينزل في يومين متتاليين ، ويؤم النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الصلوات ، حتى يعلمه -في تطبيق عملي- أوقات الصلاة .

ألا يشعرنا ذلك بأهمية الاعتناء بأوقات الصلوات وأن نعظم وقت الصلاة ؟

ولقد كان لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولتابعيهم وتابعي تابعيهم عناية كبيرة بأداء الصلاة في وقتها .

– الله يطلبني! :

كتب د. علاء عباس ، يقول :

الفكرة التي تخجلني في تأخير الصلاة عن وقتها تكمن في أنني لست أنا من حدد الموعد لهذه الصلاة ، ولا أنا من اختار التوقيت .

الخالق سبحانه وتعالى هو من قدّر ذلك ، الله الذي خلق هذا الكون .

والذي يُصيب عقلي بالتجمد والتشتت بمجرد التفكير بعظمته واتساعه وتعقيده وجماله وغموضه وبديع إتقانه وكثرة مخلوقاته وآلائه ومعجزاته هو الذي يريدني أن أقف بين يديه وأكلمه وأناجيه .

وأنا ماذا أفعل ؟

في كثير من الأحيان أجعل هذا الموعد آخر أولوياتي حتى يكاد يفوت وقته مُقدّمًا عليه كل أمر تافه وكل شأنٍ ضئيل .

الله تعالى يطلبني ( وأنا مجرد ذرة بلا وزن في كونه العظيم ) لأقف بين يديه ، وأنا منهمكٌ في سخافات الحياة وزينتها البالية ، يطلبني لبضع دقائق فقط ، وأنا أُعرِض وأُسوّف وأُماطل وأُؤجّل ثم آتيه متأخرًا كعادتي !

أيّ تعاسة أكبر من ذلك ؟

يدعوني تعالى ( لاجتماع مغلق ) بينه سبحانه وبيني أنا الفقير صاحب الحاجة وهو الغني المتفضل ، وأنا أجعله اجتماعًا مفتوحًا لشتى أنواع الأفكار والسرحان ، أحضر بجسدي ويغيب عقلي .

يريدني أن أبتعد عن كل شيء لدقائق معدودات لأريح بدني وعقلي وأفصل قليلًا عن ضجيج الحياة ومشاغلها وأبث إليه لا لغيره شكواي وهمومي ، هو الخالق العظيم الغني عني وعن عبادتي ووقتي يطلبني ليسمع صوتي ، وأنا الذي يماطل !

ثم ها أنا أجيء إمّا متثاقلًا ، أو على عَجَل وكأنني آتيه رغماً عني !

أنا الحاضر الغائب !

هو تعالى يريده اجتماعًا خاصًا وأنا أجعله حصة تسميع باردة وتمارين رياضية جوفاء وعقلًا شاردًا .

فأي بؤس أكثر من هذا ؟!

اللهم اغفر لي كل صلاة لا تليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك .

– جيفري لانج :

بعد إسلام عالم الرياضيات الأمريكي [ جيفري لانج ] أراد أن يقوم ليصلي الفجر ، ولكنه لم يستطع ؛ لأن ساعته البيولوجية لم تتعود على هذا طوال حياته !!

فماذا فعل ؟!

ذهب إلى السوق واشترى 3 منبِّهات من النوع القديم ، والتي لها أجراس عالية ومزعجة .

ضبط المنبه الأول على الرابعة صباحًا ، ووضعه عند رأسه .

وضبط المنبِّه الثاني على الرابعة وخمس دقائق ، ووضعه في الصالة .

وضبط المنبه الثالث على الرابعة وعشر دقائق ، وجعل مكانه في الحمام .

فكان يستيقظ على المنبه الأول فيُسكته ، ثم ينام .

فيبادره المنبه الثاني المزعج في الصالة ، فيسير نحوه ، ويسكته ثم يرتمي في غرفة الجلوس لينام ، وقد طار نصف النوم من عينيه !!

وما هي إلا خمس دقائق حتى يضرب المنبه الثالث في الحمام ، فينتبه ويسير إلى الحمام ، ويُسكِت المنبه ، لكن لا سرير هناك ، فيتوضأ للصلاة .

العبرة من هذا الكلام :
أنه إذا صحَّ منك العزم ، وحضرت الإرادة ، أُرشِدْتَ للحِيَل .

ووالله الذي لا إله إلا هو ، لو علم الله منك صدقًا بأنك تريد أن تستيقظ لصلاة الفجر ، يوقظك بلا منبه !

اللهمّ اجعلنا من أهل الفجر وخاصته .

ندعوكم لقراءة : صلاة الفجر

– إلا المصلين :

قال الله تعالى في كتابه العزيز :
‏” إنَّ الإنسان خُلِق هلُوعًا * إِذا مسَّهُ الشَّرُّ جزُوعًا * وَإِذا مَسَّهُ الْخيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ “. (المعارج : 19-22)

المحافظة على الصلاة في وقتها : تضبط اضطراباتك النفسية ، وتخلصك من الهموم والأحزان التي تشعر بها ، وتجعلك أكثر اتزانًا في حياتك .

حافظ عليها في أوقاتها ؛ يرحمك الله .

Exit mobile version