ربنا الله ﷻ

آيات للمؤمنين

آيات للمؤمنين :

آيات إثر آيات ، في الأرض وفي السموات ، في الخلق وفي المخلوقات ، للمؤمنين والمؤمنات .

وهذه آيات محكمات ، يتبعها شرحٌ للكلمات ، ثم تفسير للآيات .

يقول الله الملك الحق في سورة الأنعام في آيات بيِّنَات :

” إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) “.

  • شرح الكلمات :

فالق الحب والنوى : شاق الحب كحب البر ليخرج منه الزرع ، والنوى واحده نواة وشقها ليخرج منها الفسيلة ( النخلة الصغيرة ).

يخرج الحي من الميت : الدجاجة من البيضة .

ومخرج الميت من الحي : البيضة من الدجاجة .

فأنى تؤفكون : كيف تصرفون عن توحيد الله الذي هذه قدرته إلى عبادة الجمادات .

فالق الإصباح : الإصباح : بمعنى الصبح وفلقه : شقه ليتفجر منه النور والضياء .

سكنا : يسكن فيه الناس ويخلدون للراحة .

حسبانا : أي حسابًا بهما تعرف الأوقات الأيام والليالي والشهور والسنون .

تقدير العزيز العليم : إيجاد وتنظيم العزيز الغالب على أمره العليم بأحوال وأفعال عباده .

لتهتدوا بها : أي ليهتدي بها المسافرون في معرفة طرقهم في البر والبحر .

من نفس واحدة : هي آدم أبو البشر عليه السلام .

فمستقر : أي في الأرحام .

ومستودع : أي في أصلاب الرجال .

يفقهون : أسرار ألأشياء وعلل الأفعال فيهتدوا لما هو حق وخير .

خضرا : هو أول ما يخرج من الزرع ويُقال له القصيل الأخضر .

متراكبا : أي بعضه فوق بعض وهو ظاهر في السنبلة .

طلعها : طلع النخل : زهرها .

قنوان : واحده قنو وهو العذق وهو العرجون بلغة أهل المغرب .

مشتبها وغير متشابه : في اللون وغير مشتبه في الطعم .

وينعه : أي نضجه واستوائه .

منقول من كتاب ( زبدة التفاسير ).

  • مع تفسير الآيات :

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيّ :

قال لي يعقوب : وسألت زيد بن أسلم عن قول الله : ” فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ” ، قال : الحبة قد فلقها ، والنواة قد فلقها ، فتزرع فيخرج منها كما ترى النخل والزرع ، والنطفة يخرجها ميتة فيقرها في رحم المرأة فيخرج منها خلقًا .
( الجامع في علوم القرآن ).

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ : القول في تأويل قوله تعالى : ” إنّ اللّه فالق الحبّ والنّوى “.
وهذا تنبيهٌ من اللّه جلّ ثناؤه هؤلاء العادلين به الآلهة والأوثان على موضع حجّته عليهم ، وتعريفٌ منه لهم خطأ ما هم عليه مقيمون من إشراك الأصنام في عبادتهم إيّاه .
يقول تعالى ذكره : إنّ الّذي له العبادة أيّها النّاس دون كلّ ما تعبدون من الآلهة والأوثان ، هو اللّه الّذي فلق الحبّ ، يعني : شقّ الحبّ من كلّ ما ينبت من النّبات ، فأخرج منه الزّرع والنّوى من كلّ ما يغرس ممّا له نواةٌ ، فأخرج منه الشّجر .
والحبّ جمع حبّةٍ ، والنّوى : جمع النّواة .
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهل التّأويل .

تفسير قوله تعالى : ” فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) “.

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ ( ت: 211هـ ) :
عن معمر ، عن قتادة ، في قوله تعالى :” فالق الإصباح ” ؛ قال الصبح .
( تفسير عبد الرزاق : 1/ 214 ).

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ :
عن معمر ، عن قتادة ، في قوله تعالى : ” والشمس والقمر حسبانا ” ؛ قال يدوران بحساب .
( تفسير عبد الرزاق : 1/ 214 ).

قال أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيّ :

القول في تأويل قوله تعالى : ” وهو الّذي جعل لكم النّجوم لتهتدوا بها في ظلمات البرّ والبحر قد فصّلنا الآيات لقومٍ يعلمون “.

يقول تعالى ذكره : واللّه الّذي جعل لكم أيّها النّاس النّجوم أدلّةً في البرّ والبحر إذا ضللتم الطّريق ، أو تحيّرتم فلم تهتدوا فيها ليلًا تستدلّون بها على المحجّة ، فتهتدون بها إلى الطّريق والمحجّة فتسلكونه ، وتنجون بها من ظلمات ذلك ، كما قال جلّ ثناؤه : ” وعلاماتٍ وبالنّجم هم يهتدون ” ، أي من ضلال الطّريق في البرّ والبحر ، وعنى بالظّلمات : ظلمة اللّيل ، وظلمة الخطأ والضّلال ، وظلمة الأرض أو الماء .
وقوله : ” قد فصّلنا الآيات لقومٍ يعلمون ” ، يقول : قد ميّزنا الأدلّة وفرّقنا الحجج فيكم وبيّنّاها أيّها النّاس ليتدبّرها أولو العلم باللّه منكم ويفهمها أولو الحجا منكم ، فينيبوا من جهلهم الّذي هم عليه مقيمون ، وينزجروا عن خطأ فعلهم الّذي هم عليه ثابتون ، ولا يتمادوا عنادًا للّه مع علمهم بأنّ ما هم عليه مقيمون خطأٌ في غيّهم .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهل التّأويل .

تفسير قوله تعالى : ” وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) “.

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ :

عن معمر ، عن قتادة ، في قوله تعالى : ” فمستقر ومستودع ” ، قال : مستقر في الرحم ومستودع في الصلب .

عن ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن إبراهيم قال : قال عبدالله مستقرها في الدنيا ومستودعها في الآخرة .

عن ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال : قال ابن مسعود إذا كان أجل الرجل بأرض أتيت له إليها حاجة فإذا بلغ أقصى أثره قبض فتقول الأرض يوم القيامة هذا ما استودعتني .

( تفسير عبد الرزاق : 1/ 215 ).

وتفسير قوله تعالى : ” وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) “.

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ :

وقوله : ” وهو الّذي أنزل من السّماء ماءً ” ؛ أي بقدرٍ مباركًا، رزقًا للعباد وغياثًا للخلائق، رحمةً من اللّه لخلقه ، ” فأخرجنا به نبات كلّ شيءٍ ” ، كما قال : ” وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ ” (الأنبياء : 30) ، ” فأخرجنا منه خضرًا ” ؛ أي : زرعًا وشجرًا أخضر ، ثمّ بعد ذلك يخلق فيه الحبّ والثّمر ؛ ولهذا قال : ” نخرج منه حبًّا متراكبًا ” ؛ أي : يركب بعضه بعضًا ، كالسّنابل ونحوها ، ” ومن النّخل من طلعها قنوانٌ ” ؛ أي : جمع قنو وهي عذوق الرّطب ، ” دانيةٌ ” ؛ أي : قريبةٌ من المتناول ، كما قال عليّ بن أبي طلحة الوالبيّ ، عن ابن عبّاسٍ : ” قنوانٌ دانيةٌ ” ، يعني بالقنوان الدّانية : قصار النّخل اللّاصقة عذوقها بالأرض .

قال ابن جريرٍ : وأهل الحجاز يقولون : قنوان ، وقيسٌ يقولون : قنوان ، وقال امرؤ القيس :
فأثّت أعاليه وآدت أصوله … ومال بقنوانٍ من البسر أحمرا

قال : وتميمٌ يقولون قنيان بالياء – قال : وهي جمع قنوٍ ، كما أنّ صنوانٌ جمع صنوٍ .

وقوله : ” وجنّاتٍ من أعنابٍ ” ؛ أي : ونخرج منه جنّاتٍ من أعنابٍ ، وهذان النّوعان هما أشرف عند أهل الحجاز ، وربّما كانا خيار الثّمار في الدّنيا ، كما امتنّ تعالى بهما على عباده ، في قوله : ” ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا ” (النّحل : 67) ، وكان ذلك قبل تحريم الخمر .

وقال : ” وجعلنا فيها جنّاتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ “. (يس : 34)

وقوله : ” والزّيتون والرّمّان مشتبهًا وغير متشابهٍ ” ، قال قتادة وغيره : يتشابه في الورق ، قريب الشّكل بعضه من بعضٍ ، ويتخالف في الثّمار شكلًا وطعمًا وطبعًا .

وقوله : ” انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه ” ؛ أي : نضجه ، قاله البراء بن عازبٍ ، وابن عبّاسٍ ، والضّحّاك ، وعطاءٌ الخراسانيّ ، والسّدّي ، وقتادة ، وغيرهم ؛ أي : فكّروا في قدرة خالقه من العدم إلى الوجود ، بعد أن كان حطبًا صار عنبًا ورطبًا وغير ذلك ، ممّا خلق تعالى من الألوان والأشكال والطّعوم والرّوائح ، كما قال تعالى : ” وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجنّاتٌ من أعنابٍ وزرعٌ ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ يسقى بماءٍ واحدٍ ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل [إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون] ” (الرّعد : 4) ؛ ولهذا قال هاهنا : ” إنّ في ذلكم لآياتٍ ” ؛ أي : دلالاتٍ على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته ، ” لقومٍ يؤمنون ” ؛ أي : يصدّقون به ، ويتّبعون رسله .

( تفسير القرآن العظيم : 3/ 306-307 ).

ندعوكم لقراءة : من آياته

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى