ربنا الله ﷻ

يقيني بالله يقيني

يقيني بالله يقيني :

‏ابـدأ صبـاحـك ذاكـرًا و مكبـرا … بالذكر يبدو الكونُ عذبًا عاطرا

وامـلأ فـؤادك بـاليقيـن فـإنـه … لن يعتريك سوى الذي قد قُدِّرا

  • أرسل إليّ أحد الأصدقاء رسالة يقول فيها :

اطمئنّ فإن لك ربًّا يدبر الأمر ، أفضل مما تدبره لنفسك ، لن يردّ الله قلبًا أتاه يستظل برحمته من متاعب الحياة ، سيهبك الله قوة من بعد ضعف ، وفرحة من بعد حزن حتى ترضى ، ويهوِّن عليك كل شيء ضاق به صدرك ، فتهون عليك الدنيا بما فيها ؛ فاستبشر خيرًا!

وأنا كلي يقين بربي وخالقي ومولاي ، فهو الفتاح العليم ، الرزاق الكريم .

  • ولله در الإمام عبد الرحمن بن عبدالله السهيلي القائل :

يا من يرى ما في الضمير ويسمعُ … أنت المعد لكل ما يتوقّعُ

يا من يُرجَى للشدائد كلِّها … يا من إليه المُشتَكى والمفزعُ

يا من خزائن ملكه في قول كن … امنن فإنّ الخير عندك أجمعُ

مالي سوى فقري إليك وسيلةٌ … بالافتقار إليك فقري أدفعُ

مالي سوى قرعي لبابك حيلةٌ … ولئن رُددتُ فأيّ بابٍ أقرعُ

ومن الذي أدعو وأهتفُ باسمهِ … إن كان فضلك عن فقيرك يُمنعُ

حاشا لمجدك أن تُقنِّط عاصيًا … والفضل أجزلُ والمواهب أوسعُ

  • اهتمام الشعراء بالقصيدة :

حَظيتْ هذه القصيدة باهتمام الشعراء ، فقام كثيرٌ منهم بتخميسها وتشطيرها ، حتى وصلَ عددُ تخميساتِها إلي أحدَ عشَر تخميسًا ، ومن أجملِ هذه التخميسات ، تخميسُ الشّهاب المنصوريّ ، أبي العباس أحمد بن محمد بن علي السلمي ، وُلد بالمنصورة بمصر وتُوفي بالقاهرة سنة 887 هـ .

والتخميسُ هو أنْ يضيفَ شاعرٌ ما ثلاثةَ أشطُرٍ من كلامه إلي بيتٍ لشاعر آخر ، فيكون مجموع أشطر البيت خمسة ، وهذا هو التخميس .

سبحانك ربي ، تسمع حديثَ ضميري الذي لا تسمَعه أذنَاي .

سبحانه : ( لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ ). [آل عمران : 5]

ويقيني به يقيني ؛ لأنني أعلم ذلك جيدًّا .

سبحانه .. سبحانه ، يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون ، ولا يفلت منه أحدٌ ، وسيُجازِي كل إنسان بما عمل ؛ ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ). [العنكبوت : 4]

يقيني بربي يقيني ؛ لأنني أعلم قدرته وعظمته ، وأعلم كذلك عفوه ومغفرته .

إنَّه -سبحانه- يعلم السرَّ وأخفى ، ويعلَم ما توسوس به نفس الإنسان .

يَا مَنْ يَرَى مَا فِي الضَّمِيرِ وَيَسْمَعُ … أَنْتَ المُعَدُّ لِكُلِّ مَا يُتَوَقَّعُ

أنت الذي يُستعان به في كلِّ ما يُتوقَّع من أحداث ، وأنت وحدَك القادر على إزالة الضرِّ ومنح السعادة ومغفرة الذنوب ، أمرتَنا ألا نستعين إلا بك وحدَك ، ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾. [الفاتحة : 5]

فإياك ربي أعبد ، وإياك أستعين ؛ هذا هو اليقين بالله رب العالمين .
فاعبده وحده ولا تستعن بأحدٍ سواه .

والحق أنَّ الذي يستعينُ بالله هو الفائز ؛ لأنَّه يستعينُ بقوَّةٍ لا يعتَرِيها ضعف ولا زَوال ، فهو -سبحانه وتعالى- على كلِّ شيء قديرٌ ، وهو حيٌّ لا يموت ، ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ ﴾. [الفرقان : 58]

ندعوكم لقراءة : كن مع الله

  • الشدائد كثيرة :

شَدائد الحياة كثيرةٌ كثيرة ، تعجزُ في كثيرٍ من الأحيان قُوَى المرء بل قُوَى البشر عن عِلاجها والتغلُّب عليها ، وتَبقَى قوَّة الله العليِّ القادر هي التي لا تستَعصِي عليها شدَّةٌ مهما عظُمت ؛ من أجل ذلك فإن يقيني بالله يقيني من أن أَضِل أو أُضَل ، أو أَزِل أو أُزَل ، أو أَظلِم أو أُظلَم ، أو أَجهَل أو يُجهَل عليّ .

يَا مَنْ يُرَجَّى لِلشَّدَائِدِ كُلِّهَا … يَا مَنْ إِلَيْهِ المُشْتَكَى وَالمَفْزَعُ

فلا مَلجَأ ولا مَنجَى من الله إلا إليه ، ولا مَفزَع إلا إليه .

وإذا كانت لي حاجةٌ في هذه الدنيا ، فإنَّني لن أتوجَّه بها إلا إليك يا الله ؛ فيقيني بك يقيني ، ولأنَّني أعلَمُ أنَّ الناس كلَّهم فُقَراء ، وأنت الغني الرزَّاق ذو القوَّة المتين ، سحَّاء اليدين آناء الليل وأطراف النهار ، يداك مبسوطتان تنفق كيف تشاء .

وأعلَمُ أنَّ خَزائنك يا إلهي ملأى لا تنفَد أبدًا أبدا ، ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾. [النحل : 96]

إنَّ فقري إليك هو وسيلتي الوحيدة إليك ، فإنَّني بهذا الافتقار إليك أدفَعُ فقري ، وليس لي حيلةٌ إلا اللجوء إليك يا سيِّدي ، فإنْ رددتني عن بابك فليس هناك بابٌ أقرعه ، ولكنْ حاشا لفضلك أنْ يُقنِّط عاصيًا ، ففضلُك جزيلٌ ، وإنعامك جليل ، ومَواهبك كثيرة ، سُبحانك لا أُحصِي ثناءً عليك .
يقيني بك يقيني .

  • علَّام الغيوب :

يقيني بربي أنه وحده تعالى في عليائه هو من يعلم أين الخير ، ومتى يأتي ، ولله در الشاعر القائل :

ولَرُبُّ حاجاتٍ تعَسَّرَ نَيْلُها … والخيرُ كلُّ الخيرِ في تعْسِيرها

كنْ واثِقًا باللّه فيما قد قضى … واتْرُكْ أُمُورًا قد دعاك لغيرها

واجعل حياتك كلَّها بيدِ الذي … لولاهُ لن تقوى على تدبيرِها

واتْرُكْ هَواكَ لأَمرِ ربِّكَ واحتَسِبْ … لا تَلْتَفِتْ للنَفسِ عند زئِيرِها

  • الحكمة الإلهية :

قال الملك جل وعلا :
( ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَتَطۡمَئنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئنُّ ٱلۡقُلُوبُ ). [الرعد : 28]

إيمانك بأن القادم مهما كان فهو من عند الله يمنحك طمأنينة كافية لتكمل ما تبقى من حياتك موقنًا بأن الحكمة الإلهية وإن عجزْت عن فهمها هي أفضل خياراتك ذلك اليقين مفتاحك للسكن والسكينة ودليلك لسلامك الداخلي وأمانك النفسي فلا تفرط به لأنك تستحق .

وهذا هو يقيني بربي وخالقي ومولاي .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى