سيرة الحبيب ﷺ

كيف كانت طفولة النبي ﷺ

كيف كانت طفولة النبي ﷺ :

( ١٠ ) الحلقة العاشرة من سيرة الحبيب ﷺ :

تعالوا نصلِّ على المصطفى صلى الله عليه وسلم .

عرفنا في الحلقة الماضية كيف صار الحبيب صلى الله عليه وسلم يتيم الأبوين بعد أن مرضت أمه آمنة مرضًا شديدًا ثم ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة .

وعاد به عبد المطلب جده إلى مكة ، وكانت مشاعر الحنان في فؤاده تزيد نحو حفيده اليتيم ، الذي أصيب بمصيبة جديدة ، فرقَّ عليه رقة لم يَرِقَّها على أحد من أولاده ، فكان لا يدعه لوحدته ، بل يؤثره على أولاده ، وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة ، وكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه ، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالًا له ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام صغير حتى يجلس عليه ، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه ، فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم : { دعوا ابني هذا فوالله إن له لشأنًا } ، ثم يجلس معه على فراشه ، ويمسح ظهره .

وقيل أنه كان يصحبه معه في الاجتماعات التي كانت تعقدها قريش في دار الندوة ، فيسمح للنبي صلى الله عليه وسلم ، على صغر سنه ، بمجالسة شيوخ قريش ، فزاده ذلك علمًا وحكمةً .

وبعد أن أتم النبي صلى الله عليه وسلم الثامنة من عمره توفي جده عبد المطلب بمكة ، ففقد بموته النبي صلى الله عليه وسلم قلبًا حانيًا شفيقًا .

لكن الله عوض نبيه صلى الله عليه وسلم خيرًا .

فقد قرر عبد المطلب قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب شقيق عبدالله ( والد رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

ولقد قام أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه ، وضمه إلى أولاده ، وقدمه عليهم ، واختصه بفضل احترام وتقدير ، كما أحبته زوجة عمه ” فاطمة بنت أسد ” حبًا شديدًا وكانت تعامله بالمودة والحنان والرحمة ، وكانت تشعر بالبركة التي نزلت في بيتها لوجوده صلى الله عليه وسلم ، فكانت ترى ذلك في الرزق والطعام والشراب ، فزادها ذلك حبًا له صلى الله عليه وسلم حتى قدمته على سائر أولادها .

وظل أبو طالب فوق أربعين سنة يبسط حمايته علي نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ، ويصادق ويخاصم من أجله .

ولقد ظهرت بركة محمد صلى الله عليه وسلم وهو مع عمه في مواقف عديدة منها هذا الموقف :

فقد حدث أن أصاب مكة جدب ، فقال بعض كبراء قريش لأبي طالب ، يا أبا طالب أقحط الوادي ، وأجدبت البلاد ، فهلم نستسق ( أي نطلب من الله أن ينزل علينا المطر لنرتوي ونسقي الزرع والدواب ) ، فقال أبو طالب : نعم هلم بنا ، فأحضر محمدًا صلى الله عليه وسلم ليستسقي للقوم ، وأخذ أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم وألصق ظهره بالكعبة ، ثم أمسك بيديه ورفعهما إلي السماء ودعا ، وبعد أن كانت السماء خالية ليس فيها سحابة واحدة ، إذا بالسحاب يقبل من هنا وهناك ويملأ السماء ، وإذا بالمطر يفيض على الوادي كله .. وإلى هذا أشار أبو طالب حين قال عن المصطفى صلى الله عليه وسلم : { وأبيض يستسقى الغمام بوجهه }.

وكان أبو طالب يعمل بالتجارة ، ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عامه الثاني عشر ، خرج أبو طالب في قافلة تاجرًا إلى الشام ، فلما تهيأ للرحيل تعلق به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرقَّ له أبو طالب وقال : { والله لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبدًا } .. فخرج به معه .

فلما نزلت القافلة ” بُصرَى ” وبها راهب يقال له ” بحيرا ” في صومعة له ، وكان أعلم أهل النصرانية ، و كانوا كثيرًا ما يمرون به قبل ذلك فلا يكلمهم ولا يخرج لهم حتى كان ذلك العام ، فلما نزلوا قريبًا من صومعته صنع لهم طعامًا كثيرًا ، ودعاهم إليه .

فيا تُرى ما السبب الذي دفع بحيرا لذلك !؟ وماذا رأى في قافلتهم هذه المرة ؟

سنعرف في الحلقة القادمة بإذن الله .

ندعوكم لقراءة : قصة الراهب بحيرا مع النبي ﷺ

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى