ديننا الإسلام

فطرة الإسلام

فطرة الإسلام :

دين الإسلام ، دين المحبة والسلام ، دين المودة والوئام ، دين الأخلاق والنظام .

والإسلام بالمعنى العام ؛ هو الخضوع والاستسلام ، والطاعة لرب الأنام ؛ وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، والصيام .. والنوافل وخصوصًا القيام ، والبعد عن الذنوب والآثام .

وعبادته وحده لا شريك له ، والتصديق بنبوة ورسالة محمد عليه الصلاة والسلام .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” كُلّ موْلودٍ يُولدُ على الفِطرَة فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجسّانه “. (متفق عليه)

ومعنى يُولَد على الفِطرة أي يكونُ مستعدًّا مُتهيّئًا لقَبول دين الإسلام ، فقوله على الفطرة معناه على فِطْرة الإسلام ، لأننا نولدُ على مقتضى اعترافنا وتوحيدِنا الذي حَصَلَ يومَ أخرِجَتِ الأرواح من ظهر آدم عليه السلام بنَعْمان الأراك ( ناحية في عرفات ) ، فإنهم سئلوا ألستُ بربِّكم ؟
فقالوا جميعُهم : ( بلى ، لا إله لنا غيرُك ، اعترفوا كلهم بألوهية الله ).

قال الله تعالى :
” وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ “. (الأعراف : 172)

واذكر -أيها النبي- إذ استخرج ربك أولاد آدم مِن أصلاب آبائهم ، وقررهم بتوحيده بما أودعه في فطرهم من أنه ربهم وخالقهم ومليكهم ، فأقروا له بذلك ؛ خشية أن ينكروا يوم القيامة ، فلا يقروا بشيء فيه ، ويزعموا أن حجة الله ما قامت عليهم ، ولا عندهم علم بها ، بل كانوا عنها غافلين .

ولمّا خرج هذا الطِّفلُ من بطنِ أمّه نسي ما حصل منه ويبقى ناسيًا إلى أنْ يسمع من أبَوَيْه أو من غيرِهما الكفرَ فيعتقدَه فيصير في تلك اللحظة كافرًا بالفعل ، أو يسمعَ الحقّ فيعتقدَه فيكونُ مؤمنًا مسلمًا حَقًّا على العقيدة التي كان عليها يومَ شَهِدَتْ جميعُ الأرواح بوَحدانية الله جل في علاه .

– قال الإمام :

قال الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :

الحديث صحيح رواه البخاري ومسلم في الصحيحين ، وهو على سبيل الحقيقة لا على سبيل المجاز ، بل مولود على الفطرة ، وفي اللفظ الآخر : على هذه الملة ، ملة الإسلام هكذا جاء في الحديث الصحيح ، يقول ﷺ : ما من مولود يولد إلا على الفطرة ، وفي اللفظ الآخر عند البخاري وغيره : على هذه الملة ، وفي اللفظ الآخر : على ملة الإسلام ، هذا معناه واضح وهو أنه يولد مسلمًا على فطرة الله التي فطر عليها الناس .

وفي حديث رواه مسلم في الصحيح يقول الله تعالى : إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا ، فبيَّن سبحانه أنه خلق عباده حنفاء موحدين ولكن طرأ الشرك عليهم بعد ذلك بسبب المضللين من آبائهم وأمهاتهم وغيرهم ، ولهذا قال : فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، يعني : يدعونه إلى ذلك ويربونه على الشرك فيخرج عن الفطرة بسبب تربية والديه على اليهودية أو النصرانية أو المجوسية أو غيرها من أنواع الكفر ، وقد يربيه غير والديه أيضًا ممن يتولى تربيته من أعمامه وأقاربه وأخواله عند فقد والديه ، وقد ينشأ في بيئة مشركة فيتربى على ما يربونه عليه ، وهذا معنى قوله ﷺ عن الله تبارك وتعالى أنه قال : إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا ، فالشياطين تشمل شياطين الإنس والجن ، وكذلك ما يفعله الإنس هو من تزيين الشياطين ، شياطين الجن لهم حتى يجروهم إلى هذا الباطل بوساوسهم وتزيينهم .

فشياطين الإنس تدعو إلى الشرك وهكذا شياطين الجن ، والأصل في المولود أنه وُلد على الفطرة فلو استمر عليها وسلم من هؤلاء وعاش بين أهل الخير عاش على الفطرة والهدى والتوحيد ، لكن إذا ابتُلي بمربين ضالين أخرجوه عن فطرته بتربيتهم وتزيينهم الباطل إلا من عصم الله ورحم بأن قيض له من يربيه التربية الإسلامية ويدعوه إليها .

– ولله در الشاعر القائل :

مَشَى الطَّاوُسُ يَوْمًا بِاخْتِيَالٍ … فَقَلَّدَ شَكْلَ مِشْيَتِهِ بَنُوهُ

فَقَالَ : عَلامَ تَخْتَالُونَ ؟ قَالُوا … بَدَأْتَ بِهِ وَنَحْنُ مُقَلِّدُوهُ

وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الفِتْيَانِ مِنَّا … عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ

وَمَا دَانَ الفَتَى بِحِجًى وَلَكِنْ … يُعَوِّدُهُ التَّدَيُّنَ أَقْرَبُوهُ

ندعوكم لقراءة : تعريف الإسلام

– مع الإمام الزُّهْرِيّ :

أخبَرَ الزُّهْريُّ أنَّ أبا هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه كان يُحدِّثُ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال : ما مِن مَولودٍ مِن بَني آدمَ إلَّا يُولَدُ على الفِطرةِ الإسلاميَّةِ ، وقيل : الفِطرةُ هي النَّقاءُ الخالِصُ ، والاستِعدادُ لقَبولِ الخَيرِ والشَّرِّ ، فلو تُرِكَ المَولودُ على ما فُطِرَ عليه لاستمَرَّ على طُهْرِه ، ولم يَخْتَرْ غَيرَ الإسلامِ ؛ فهو يُولَدُ مُتهَيِّئًا للإسلامِ ، ويَأتي بعْدَ ذلك دَورُ الأبَوَيْنِ والبِيئةِ التي يَنشأُ فيها ؛ فالأبَوانِ قد يُعَلِّمانِه اليَهوديَّةَ ويَجْعَلانِه يَهوديًّا ، أو يُعَلِّمانِه النَّصرانيَّةَ ويَجْعَلانِه نَصرانيًّا ، أو يُعَلِّمانِه المَجوسيَّةَ ويَجْعَلانِه مَجوسيًّا يَعبُدُ النَّارَ مِن دونِ اللهِ ، أو لكَونِه تَبَعًا لهما في الدِّينِ يكونُ حُكْمُه حُكمَهما في الدُّنيا ، فإنْ سبَقتْ له السَّعادةُ أسلَمَ ، وإلَّا مات كافرًا .

ثُمَّ يُمَثِّلُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا المعنَى بوِلادةِ البَهيمةِ سَليمةً مِن العُيوبِ ، كاملةَ الأعضاءِ ، لا نَقْصَ فيها ، ثُمَّ يَحصُلُ فيها النَّقصُ مِنَ الجَدْعِ وغيرِه ؛ لأجْلِ تَصرُّفِ الإنسانِ ، كذلك الإنسانُ يُولَدُ سَليمًا على الفِطرَةِ ، ثُمَّ يَحدُثُ فيه النَّقصُ مِنَ التَّهَوُّدِ والتنصُّرِ وغيرِهما ؛ لأجْلِ تصرُّفِ والدَيْهِ .

ويُعَقِّبُ أبو هُرَيْرةَ رَضِيَ اللهُ عنه ، وهو راوي هذا الحَديثِ ، بقولِ اللهِ تعالَى : ” فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ” (الروم : 30) ، أي : خلَقَهم عليها ، وهي : قَبولُ الحقِّ ، وتمكُّنُهم مِن إدراكِه ، أو : مِلَّةُ الإسلامِ ؛ فإنَّهم لو خُلُّوا وما خُلِقُوا عليه أدَّاهم إليه ؛ لأنَّ حُسنَ هذا الدِّينِ ثابتٌ في النُّفوسِ ، وإنَّما يُعدَلُ عنه لآفةٍ مِن الآفات البشريَّةِ ؛ كالتَّقليدِ المذمومِ .

  • نبذة عن الإمام الزُّهري :

هو التابعي الجليل محمد بن عبدالله بن شهاب بن عبدالله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، الإمام ، العَلَم ، حافظ زمانه ، أبو بكر القرشي الحافظ الفقيه ، الزهري ، المدني ، نزيل الشام ، أحد الأئمة الأعلام .

كان ثقة كثير الحديث والعلم والرواية فقيهًا جامعًا .

ولد في المدينة النبوية سنة 58هـ ، في آخر خلافة معاوية رضي الله عنه ، في السنة التي ماتت فيها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .

ذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من أهل المدينة .

أسند الزهري أكثر من ألف حديث عن الثقات ومجموع أحاديث الزهري كلها 2200 حديث .

وكان من توفيق الله له أن الْتَقى ببعض الصحابة وسمع منهم على قلة ، ومنهم : ابن عمر، وجابر بن عبدالله ، والمسور بن مخرمة، وعبدالله بن جعفر رضي الله عنهم .

– من الأذكار :

من أذكار الصباح والمساء التي تعلمناها عن حضرة النبي المعلم صلى الله عليه وسلم ، أن نقول كل صباح : ” أصْبَحْنا عَلَى فِطْرَةِ الإسْلاَمِ ، وَعَلَى كَلِمَةِ الإِخْلاَصِ ، وَعَلَى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَلَى مِلَّةِ أَبِينَا إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ “.
( أخرجه أحمد والنسائي ، وصححه الألباني ).

والفطرة في أصلها تُقال : للخلقة ، ومنه الفطر ، يُقال : الفطرة من الفطر ، والخلقة من الخلق ، ثم صار ذلك يُستعمل للخلقة القابلة لدين الحقِّ ، والتي لم يحصل لها تغيُّرٌ أو دنسٌ بالشِّرك ، أو تحولٌ إلى دينٍ غير دين الإسلام ، أو ما يُكدر هذه الفطرة ويُغيرها ، والله تعالى يقول : ” فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا “. (الروم : 30)

هي الدِّين الحقّ ، والتوحيد الخالص لله ربِّ العالمين ، والنبي ﷺ يقول : ” كل مولودٍ يُولَد على الفطرة ، فأبواه يُهودانه ، أو يُنصرانه ، أو يُمجِّسانه ” ، ولم يقل : بأن أبويه يجعلناه مسلمًا ؛ لأنَّه يُولد على الفطرة ، والفطرة هي الإسلام ، فهذا هو الأصل ، فيحصل الانحرافُ لمن انحرف ، وسلك طريقًا غير الإسلام ، فيكون قد خرج من مُقتضى الفطرة .

وهذا الإمام ابن القيم رحمه الله يُفسّر الفطرة بنحو هذا : بأنها ما فطر اللهُ عليه عبادَه من محبَّته وعبادته وحده لا شريكَ له ، والاستسلام له عبوديةً وذلًا وانقيادًا وإنابةً ، فهذا هو توحيد خاصَّة الخاصَّة ، يعني : هذا التوحيد الخالص الذي مَن رغب عنه فهو من أسفه السُّفهاء ، كما قال الله تعالى : ” وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ “. (البقرة : 130)

فهذا هو دين إبراهيم عليه الصَّلاة والسلام ، قال الله تعالى : ” وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ “. (البقرة : 130-131)

دينه هو الإسلام .

زر الذهاب إلى الأعلى