عظات وعبر
1- كأنني أكلت
في الواقع ، هذا هو اسم جامع صغير في منطقة ” فاتح ” في اسطنبول ؛ والاسم باللغة التركية ” صانكي يدم ” : أي ” كأنني أكلت ” أو ” افترض أنني أكلت ” !
ووراء هذا الاسم الغريب عظات وعبر ، وقصة غريبة طريفة ..
حكى ذلك الأستاذ ” أورخان ” التركي ، فيقول : { كان يعيش في منطقة ” فاتح ” شخص ورع اسمه ” خير الدين كججي ” ، كان صاحبنا هذا عندما يمشي في السوق ، وتتوق نفسه لشراء فاكهة ، أو لحم ، أو حلوى ، يقول في نفسه : { صانكي يدم } ؛ وبالعربي { كأنني أكلت } ، ثم يضع ثمن تلك الفاكهة ، أو اللحم ، أو الحلوى في صندوق له .. ومضت الأشهر والسنوات ، وهو يكف نفسه عن كل لذائذ الأكل ، ويكتفي بما يقيم أوده فقط ، وكانت النقود تزداد في صندوقه شيئًا فشيئًا ؛ حتى استطاع بهذا المبلغ القيام ببناء مسجد صغير في محلته }.
ولما كان أهل المحلة يعرفون قصة هذا الشخص الورع الفقير ، وكيف استطاع أن يبني هذا المسجد ؛ أطلقوا على الجامع اسم ” جامع صانكي يدم ” !!
كم من المال سنجمع للفقراء والمحتاجين ، وكم من المشاريع الإسلامية ، سنشيد في مجتمعنا وفي العالم ؟ وكم من فقير سنسد جوعه وحاجته ؟ وكم من القصور سنشيد في في الجنة بإذن الله ؟ وكم من الحرام والشبهات سنتجنب لو أننا اتبعنا منهج ذلك الفقير الورع ؟!
وهل سنقول كلما دعتنا أنفسنا لشهوة زائدة على حاجتنا : ” كأنني أكلت ” ؟!
ولله في خلقه شؤون .
2- عظة الموت
” من أراد واعظًا ، فالموت يكفيه ” .. هكذا ورد عن الإمام علي رضي الله عنه .. ليلة السبت الموافق الثلاثين من ذي القعدة 1442 هجرية / العاشر من يولية 2021 ميلادية .
كانت مجموعة من جماعة التبليغ والدعوة يبيتون في مسجد المصطفى الكائن بشارع الشهيد جمال الدين عبدالله من ترسا / الكوم الأخضر / الجيزة بمصر ، وحدث أنهم تناولوا عشاءهم ، وناموا ، وتعهد أحدهم أن يوقظهم لقيام الليل الساعة الثانية ليلًا ، قام الحاج سيد حلاوة دون أن يوقظه أحد ، وتوضأ ، وصلى ما شاء الله له أن يصلي ، وبعدها كح قليلا ، ثم فاضت روحه إلى بارئها ، وهو جالس على كرسيه حوالي الثانية والنصف ، وصلينا الفجر ولم يصل هو .. وتحدث عنه زملاؤه حديثًا يبكي القلوب ، قبل أن يبكي العيون .
حسن خاتمة ورب الكعبة .
عظات وعبر من الموت وكفي به واعظًا .
3- عظات وعبر من نفيس يعقوب :
نفيس يعقوب شاب تايلندي ، دخل إلى ماليزيا بطريقة غير شرعية لغرض العمل ، وفي إحدى الليالي خرج من سكنه الذي يختبئ فيه خشية أن يتم القبض عليه ، خرج ليبحث عن طعام ليشتريه ، وفي الطريق قابل نفيس يعقوب شرطيًا ماليزيًا ، فطالبه بالهوية ( البطاقة الشخصية ) ، فأخبره أنها ليست معه ..
اضطر الشرطي أن يأخذه إلى الحجز ، وفي الحجز أقر أنه تايلندي وجاء إلى ماليزيا بطريقة غير شرعية ؛ فأدخلوه السجن ليوصلوه إلى الترحيلات ليعود إلى بلده ..
وكان السجن حارًا جدًّا وليس في السجن أي بساط ( فرش ) ، اضطر نفيس إلى خلع قميصه وجلس عليه ينتظر الطعام ، وهو في انتظار الطعام قام بمراجعة القرآن ، وكان صوته جميلًا ..
صوره الشرطي الذي على باب السجن ، ثم نشر المقطع على الإنترنت ؛ ليلقى المقطع رواجًا واسعًا ..
ومن هنا اشتهر نفيس يعقوب ، وطالبوا الشرطة بإخراجه من السجن ، فخرج من السجن ، وعُيِّن إمامًا لأحد المساجد في ماليزيا ، وفاز بعدة جوائز ، وحصد آلاف الدولارات التي تبرع بها للاجئين في بورما ..
وهو اليوم من الأئمة المشهورين في ماليزيا .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ، ويضع به آخرين “. (رواه مسلم)
4- عظات وعبر من عبدالله الجارالله :
انتقل إلى رحمة الله الكاتب الكويتي ” عبدالله الجار الله ” ..
صاحب مقالة : ( عند موتي لن أقلق ) ..
وقال -رحمه الله- :
{ لن أهتم بجسدي البالي ..
فإخواني من المسلمين سيقومون باللازم ، وهو :
1 – يجردونني من ملابسي ..
2 – يغسلونني ..
3 – يكفنونني ..
4 – يخرجونني من بيتي ..
5 – يذهبون بي لمسكني الجديد ( القبر ) ..
6 – وسيأتي الكثيرون لتشييع جنازتي ..
بل سيلغي الكثير منهم أعماله ومواعيده ؛ لأجل دفني ..
وقد يكون الكثير منهم ، لم يفكر في نصيحتي يوما من الأيام ..
7 – أشيائي سيتم التخلص منها ..
مفاتيحي ..
كتبي ..
حقيبتي ..
أحذيتي ..
ملابسي وهكذا ..
وإن كان أهلي موفقين ، فسوف يتصدقون بها لتنفعني ..
تأكدوا بأن الدنيا لن تحزن علي ..
ولن تتوقف حركة العالم ..
واﻻقتصاد سيستمر ..
ووظيفتي سيأتي غيري ليقوم بها ..
وأموالي ستذهب حلالاً للورثة ..
بينما أنا الذي سأحاسب عليها … !
القليل والكثير .. النقير والقطمير ..
و إن أول ما يسقط مني عند موتي هو ، اسمي … !
لذلك عندما أموت سيقولون عني : أين ” الجثة ” … ؟!
ولن ينادوني باسمي … !
وعندما يريدون الصلاة عليَّ ، سيقولون : احضروا ” الجنازة ” … !
ولن ينادوني باسمي … !
وعندما يشرعون بدفني ، سيقولون قربوا الميت ، ولن يذكروا اسمي … !
لذلك لن يغرني نسبي ، ولا قبيلتي ، ولن يغرني منصبي ، ولا شهرتي … !
فما أتفه هذه الدنيا ، وما أعظم ما نحن مقبلون عليه … !
فيا أيها الحي الآن .. اعلم أن الحزن عليك سيكون على ثلاثة أنواع :
1 – الناس الذين يعرفونك سطحيًا سيقولون : مسكين ..
2 – أصدقاؤك ، سيحزنون .. ساعات ، أو أيامًا ، ثم يعودون إلى حديثهم ، بل وضحكهم … !
3 – الحزن العميق في البيت ؟ ..
سيحزن أهلك أسبوعا .. أسبوعين .. شهرًا .. شهرين ، أو حتى سنة ..
وبعدها سيضعونك في أرشيف الذكريات … !
انتهت قصتك بين الناس ..
وبدأت قصتك الحقيقية .. وهي الآخرة … !
لقد زال عنك :
1 – الجمال ..
2 – والمال ..
3- والصحة ..
4 – والولد ..
5 – فارقت الدور والقصور ..
6 – والزوج … !
ولم يبق معك إلا عملك ..
وبدأت الحياة الحقيقية !
والسؤال هنا :
ماذا أعددت لقبرك وآخرتك من الآن ؟!
هذه حقيقة تحتاج إلى تأمل ..
لذلك احرص على :
1 – الفرائض ..
2 – النوافل ..
3 – صدقة السر ..
4 – عمل صالح ..
5 – صلاة الليل ..
لعلك تنجو ..
إن ساعدتَ على تذكير الناس بهذه المقالة ، وأنت حي الآن ؛ ستجد أثر تذكيرك في ميزانك يوم القيامة بإذن الله ..
” وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ” (الذاريات : 55) ..
لماذا يختار الميت “ الصدقة ” لو رجع للدنيا ..
كما قال تعالى :
” فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ ” (المنافقون : 10) ..
ولم يقل :
لأعتمر ..
أو لأصلي ..
أو لأصوم ..
قال العلماء :
ما ذكر الميت الصدقة إلا لعظيم ما رأى من أثرها بعد موته … !
فأكثروا من الصدقة }.
5- عظات وعبر من عدنان خاشقجي :
كان الملياردير عدنان محمد خاشقجي أغنى رجل عربي على الإطلاق ، وكان يلقب بــ ( قارون العصر ) ؛ كان يسكن في قصر معلق عبارة عن أربعة أدوار في ناطحة سحاب .
أجرى معه الصحفي الكويتي أحمد الجار الله -رحمه الله- مقابلة قبل 30 سنة ، وكان الصحفي مذهولًا مما رآه في بيت خاشقجي من البذخ والتقنية الحديثة السابقة لعصرها وأوانها ، والتي لم يرَ مثلها في قصور الأمراء والملوك والرؤساء الذين قابلهم من قبل ؛ فقد كان كل شيء في بيته يعمل بالريموت .
كان عدنان خاشقجي تاجرًا في السلاح ، وله عدة صفقات أسلحة بين الدول العربية وأمريكا .
مع العلم أن يخت الوليد بن طلال الحالي كان يملكه عدنان خاشقجي عام 1980م .
عدنان خاشقجي ملياردير سعودي من مواليد 1935م .
والده الدكتور محمد خاشقجي طبيب الملك عبدالعزيز آل سعود .
أخوه هو الصحفي جمال محمد خاشقجي .
أخته هي سميرة محمد خاشقجي طليقة الملياردير المصري محمد الفايد ، وابنها دودي الفايد الذي تُوفي في حادث مروري مع الأميرة ديانا .
تزوج عدنان بزوجته الأولى/ ثريا خاشقجي ؛ وطلقها مقابل تعويض 548 مليون جنيه استرليني = 12 مليار جنيه مصري .
كان لديه يخت أكبر من يخت أوناسيس ، وعلى سطحه مطار يتسع لهبوط 4 طائرات ، وعدد 610 ملّاحين وخدمًا .
ذات يوم : اشتهت ابنته لآيس كريم من فرنسا ، وشوكولاته من جنيف ؛ فأقلعت طائرته الخاصة بكامل طاقمها في رحلة لمدة 7 ساعات لجلب الآيس كريم والشوكولاته !!
وكل هذه الثروة والأموال الطائلة كان يوزعها على نفسه وأهله فقط ، ويستنكف أن يساعد فقيرًا أو مسكينًا أو مريضًا أو سجينًا ؛ بل ويبخل حتى على عُمّاله الفقراء وخدمه المحتاجين .
وكان يردد عبارته الشهيرة : { أنا لست وكيل آدم على ذريته }.
وفي الأخير أفلس إفلاسًا عجيبًا ، وأصبح فقيرًا كأي إنسان مغلوب على أمره .
سقط بين ليلة وضحاها إلى قاع الفقر ، بعد إفلاسه ؛ نتيجة غرق مناجم الألماس التي كان يمتلكها في فيضانات ولاية يوتاه الأمريكية .
ويقال : دعا عليه رجل مغترب كان يعمل خادمًا عنده ، احتاج مبلغًا من المال ليرسله إلى أهله في بلاده لعلاج زوجته المريضة ؛ فذهب وطلب المبلغ من المليادير كمساعدة أو قرض يتم تقسيطه من راتبه الشهري ، فوبّخهُ عدنان وأذلهُ في قصره ، وطرده ليلًا شرّ طردة ..
فقال له الخادم مقهورًا :
{ أسأل الله العلي العظيم أن لا يميتني حتى أراك ذليلًا تمدّ يدك للناس }..
فغضب عدنان غضبًا شديدًا ؛ وقام بفصله وطرده من العمل ..
ولما افتقر عدنان خاشقجي ، قيّض الله له أحد رجال الأعمال الكبار في السعودية ؛ اشترى له تذكرة سياحية من جدة إلى القاهرة ، وأعطاه مبلغًا من المال لاستئجار شقة ، وقال له :
{ يا عدنان أنا لم أتفضل عليك ولكن الله أمرني أن أدفع لك ، وكل شهر سيأتيك مصروفك مني على بنك الراجحي }.
أدعوكم لقراءة قصة الراجحي : أهل البر والإحسان 1
ذات يوم في القاهرة سألته زوجته عن أسوأ لحظة مرّت به في حياته !
فحكى لها عدنان قصته مع خادمه الذي أذله وطرده ، فدعا عليه .. ثم قصته مع رجل الأعمال الذي اشترى له تذكرة وساعده بالمال ..
ثم قال : { وقبل سفري إلى القاهرة ذهبتُ إلى رجل الأعمال لاستلام المال الذي وعدني به ، فاتصل بأحد عامليه ليحضر لي المال ؛ فكانت أسوأ لحظة عشتها في حياتي ، عندما دخل العامل الذي أعطاني المال ؛ فقد كان خادمي الذي طردته وفصلته من العمل !! ولقد نظر إليّ مذهولًا مفزوعًا عندما رآني وكأنه لا يصدّق ما يرى ، ورأيته خرج مقهورًا وعيناه مبللة بالدموع !! }.
هذا هو عدنان خاشقجي .. أكبر أسطورة في العصر الحديث .
عظات وعبر من رحلة أكبر ملياردير فى العالم من القمة حتى ذهب إلى القبر لا يملك ثمن الكفن !!
سبحانه وتعالى ؛ يعز من يشاء ويذل من يشاء ، كل يوم هو في شأن .. سبحانه .. سبحانه ، ولا يقال لغيره : سبحان .
دوام الحال من المحال ؛ فاعتبروا يا أولي الألباب .