صفوة الخلق
أنبياء الله ورسله هم صفوة الخلق ، المبلغون عن الحق ، كل ما جَلَّ ودق ، بكل لِينٍ ورفق .
إنهم أهل التُقى والصدق .
- قال الله جل في علاه :
” ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ “. (الحج : 75)
- يقول حسان بن ثابت الأنصاري عن خاتمهم صلى الله عليه وسلم :
وقال الله قد أرسلت عبدًا … يقول الحق إن نفع البلاءُ
شهدتُ به فقوموا صدقوه … فقلتم : لا نقوم ولا نشـاءُ
- أو على حد تعبير كعب بن مالك الأنصاري :
وكان لنا النبي وزير صدق … به نهدي البرية أجمعينا
- وقول كعب بن زهير بن أبي سلمى :
إن الرسول لنور يُستَضَاءُ به … مهندٌّ من سيوف الله مسلولُ
ويشتد حرص الشاعر على تسجيل إيمانه بالرسول صلى الله عليه وسلم من منطق الحس الغيبي ، حين يسلم بالمبادئ العقائدية حول صدق الرسالة ، والإيمان بمصدرها واليقين بواسطتها ..
ومن ثم راح شاعر العصر يسجل ما يستطيع من ملامح إيمانه بالدعوة من منطق الاقتناع بها من جانب ، والخوف من عقاب الله سبحانه من جانب آخر ، صوَّره قول النابغة الجعدي :
أتيت رســول الله إذ جاء بالهـــــــدى … ويتلــــــو كتابــًا كـــالمجــرة نيّرا
أقيم على التقوى وأرضى بفعلها … وكنت من النـــــــــار المخوفــــة أحذرا
– ذكرهم في القرآن :
ذكر الله تعالى في القرآن الكريم خمسة وعشرين نبيًّا ورسولًا بأسمائهم تصريحًا : ثمانية عشر نبيًّا ورسولًا منهم ذُكِرت أسماؤهم في موضع واحد من القرآن الكريم في سورة الأنعام ، وهم :
إبراهيم وإسحاق ويعقوب ونوح وداود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس وإسماعيل واليسع ويونس ولوط .
في قوله تعالى : ” وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ “. (الأنعام : 83-86)
والباقون ذُكروا في سور متفرقة ؛ وهم : آدم وهود وصالح وشعيب وإدريس وذو الكفل ومحمد صلى الله عليهم أجمعين .
وقد نظمهم الناظم في قوله :
في تلك حجتنا منهم ثمانية … من بعد عشرٍ ويبقى سبعةٌ وهمو
إدريس هود شعيب صالح وكذا … ذو الكفلِ آدم بالمختار قد خُتِموا
– عدد الأنبياء والرسل :
عدد الأنبياء والرسل الوارد ذكرهم في القرآن الكريم خمسة وعشرون .
وهناك من لم يصلنا خبر عنهم وعلمهم مكفول لله تعالى وحده .
ويُروى أنّ عدد الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألفًا ، وإن عدد الرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر ، كما ورد أيضًا أن عددهم ثمانية آلاف نبي ، والأحاديث في ذلك في كتاب ابن كثير ( تفسير القرآن العظيم ) ، في آخر سورة النساء على قوله تعالى : ” وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ “.
ويقول الشيخ ابن جبرين عن هذه الأعداد وعن الأحاديث الواردة بشأنها : إن هذه الأحاديث لا تخلو من ضعف على كثرتها ، والأَوْلَى في ذلك التوقف ، والواجب على المسلم الإيمان بمن سَمَّى اللهُ ورسولُه منهم بالتفصيل ، والإيمان بالبقية إجمالًا .
وقال العلامة ابن باز رحمه الله في هذا الصدد : والمقصود أنه ليس في عدد الانبياء والرسل خبر يُعتَمَد عليه ، فلا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى ، لكنهم جَمٌّ غفير ، قص الله علينا أخبار بعضهم ولم يقص علينا أخبار البعض الآخر ، لحكمته البالغة جل وعلا .
قال الله تعالي :
” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ “. (غافر : 78)
– أسماؤهم بالترتيب :
1- آدم عليه السلام .
2- إدريس عليه السلام .
3- نوح عليه السلام .
4- هود عليه السلام .
5- صالح عليه السلام .
6- إبراهيم عليه السلام .
7- لوط عليه السلام .
8- شعيب عليه السلام .
9- إسماعيل عليه السلام .
10- إسحاق عليه السلام .
11- يعقوب عليه السلام .
12- يوسف عليه السلام .
13- أيوب عليه السلام .
14- ذو الكفل عليه السلام .
15- يونس عليه السلام .
16- موسى عليه السلام .
17- هارون عليه السلام .
18- إلياس عليه السلام .
19- اليسع عليه السلام .
20- داود عليه السلام .
21- سليمان عليه السلام .
22- زكريا عليه السلام .
23- يحيى عليه السلام .
24- عيسى عليه السلام .
25- وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم .
– الإيمان بجميع الرسل :
الإيمان بالرسل هو الركن الرابع من أركان الإيمان ، فلا يصح إيمان العبد إلا به .
فقد أمر الله سبحانه وتعالى بالإيمان بهم ، وقرن ذلك بالإيمان به فقال عز من قائل : ” فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ “. (النساء : 171)
وجاء الإيمان بهم في المرتبة الرابعة من التعريف النبوي للإيمان كما في حديث جبريل المعروف : { أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله … } (رواه مسلم) ، وقرن الله سبحانه الكفر بالرسل بالكفر به ، فقال سبحانه : ” وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا “. (النساء : 136)
ففي هذه الآيات دليل على أهمية الإيمان بالرسل ، ومنزلته من دين الله عز وجل .
– لا نفرق بينهم :
قال الله الملك الحق :
” آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ “. ( البقرة : 285)
– عقيدتنا :
وعقيدتنا هي عقيدة أهل السنة والجماعة الذين يؤمنون ، ويعتقدون ، اعتقادًا جازمًا بأن الله سبحانه ، أرسل إلى عباده رسلًا مبشرين ومنذرين ، ودعاة إلى دين الحق ، لهداية البشر ، وإخراجهم من الظلمات إلى النور .
فكانت دعوتهم إنقاذًا للأمم من الشرك والوثنية ، وتطهيرًا للمجتمعات من التحلل والفساد ، وأنهم بلغوا الرسالة ، وأدوا الأمانة ، ونصحوا الأمة ، وجاهدوا في الله حق جهاده ، وقد جاؤوا بمعجزات باهرات تدل على صدقهم ، ومن كفر بواحد منهم ؛ فقد كفر بالله تعالى وبجميع الرسل .
قال تعالى : ” إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِينًا وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا “. (النساء : 150)
وقد بيَّن الله الحكمة من بعثة الرسل الكرام ، فقال تعالى : ” رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لئلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا “. (النساء : 165)
ولقد أرسل الله رسلًا وأنبياء كثيرين ، منهم من ذكره لنا في كتابه أو على لسان نبيه ﷺ ومنهم من لم يخبرنا عنهم ، قال تعالى : ” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ “. (غافر : 78)
وقال : ” وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ “. (النحل : 36)
وأهل السنة والجماعة : يؤمنون بهم جميعًا من سَمَّى اللهُ منهم ، ومن لم يسمِّ ، من أولهم آدم ، إلى آخرهم وخاتمهم وأفضلهم النبي محمد بن عبدالله -صلى الله عليهم أجمعين- .
والإيمان بالرسل إيمان مجمل ، والإيمان بنبينا محمد ﷺ إيمان مفصل يقتضي ذلك منهم اتباعه فيما جاء به على وجه التفصيل .