نبينا محمد ﷺ

بين النبي والصديق

بين النبي والصديق : لو استغنى امرؤ عن الصحبة ؛ لأغنى الله عنها نبيه وصفيه محمدًا ﷺ ليلة الهجرة ، لكن الله ﷻ خَلَّد هذه العلاقة العظيمة في كتابه الخالد ..

قال الله عز وجل : ” إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا “. (التوبة : 40)

فالصحبة من أعظم النعم ، ولله در الشافعي القائل :

سلامٌ على الدنيا إذا لم يكن بها .. صديقٌ صدوقٌ صادق الوعد منصفا

لا حرمنا الله صحبة الصالحين ورفقة الخيرين .

فاللهم كن لأحبتي حبيبًا ، ولدعائهم مجيبًا ، و اجعل لهم من رحمتك وكرمك حظا ونصيبًا .. ووفقهم لما تحب وترضى .. وأسمعني عنهم ما به النفس ترضى .

هيا بنا نتعرف على العلاقة الخاصة بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وصديقه الصدوق ، صادق الوعد ، المنصف أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه .

عن أبي بكرٍ الصّدّيق رضي الله عنه أنَّهُ قالَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : عَلِّمْنِي دُعَاءً أدْعُو به في صَلَاتِي ..

قالَ : ” قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا ، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ ، وارْحَمْنِي إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ “. (رواه البخاري : 834)

ها هو المعلم صلى الله عليه وسلم يُعلِّم صاحبه القريب النجيب اللبيب ، هذا الدعاء العجيب ، وهو من هو ؛ هو أفضل الخلق بعد الأنبياء والرسل ..

يعلمه أن يقول : اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا … إلى آخر الدعاء !

ندعوكم لقراءة : حديثٌ وراوٍ 1

تُرى ماذا نقول نحن ؟!!

عمومًا ..

لا يَخْلو إنسانٌ عن تَقصيرٍ في حقِّ الله عزَّ وجلَّ وتلبُّسٍ ببعضِ الذُّنوبِ ، وفي هذا الحَديثِ دُعاءٌ مِن جَوامعِ كَلِمِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَّمَه أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رَضيَ اللهُ عنه لَمَّا سألَه عَن دُعاءٍ يُعلِّمُه إيَّاه يَدْعو به في صَلاتِه ، والظاهرُ أنَّه يريدُ عَقِبَ التشهُّدِ الأخيرِ ، والصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : « قُل : اللَّهمَّ إنِّي ظلَمْتُ نفْسي ظُلمًا كثيرًا » ، وذلك بِارتكابِ المعاصي ، والتَّقصيرِ في حقِّ اللهِ تعالى ، « ولا يَغفِرُ الذُّنوبَ إلَّا أنت » ، وفي هذا إقرارٌ بالذنْبِ ، وأنَّه مِن صُنع المرءِ نفْسِه ، وقد أقرَّ واعترَف بأنَّه لا يَغفِرُ الذُّنوبَ إلَّا اللهُ ؛ لِكَمالِ مُلكِه ؛ « فاغفِرْ لي مَغفِرةً مِن عندِك ، وارحمَنْي ، إنَّكَ أنتَ الغفورُ الرَّحيمُ » ، وهو مِثلُ قولِه تعالى : ” وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ” (آل عمران : 135) ، ففيه الإقرارُ بوَحدانيَّةِ الباري سبحانَه وتعالَى ، واستِجلابٌ لمَغفرتِه بهذا الإقرارِ .

وهذا الدُّعاءُ مِنَ الجَوامعِ ؛ إذ فيه اعترافٌ بِغايةِ التَّقصيرِ -وهو كَونُ العَبدِ ظالِمًا لنفْسِه ظُلمًا كثيرًا- ، وطلَبُ غايةِ الإنعامِ الَّتي هي المغفرةُ والرَّحمةُ ؛ إذِ المغفرةُ سَترُ الذُّنوبِ ومَحْوُها ، والرَّحمةُ إيصالُ الخَيراتِ ، فالأوَّلُ عبارةٌ عَنِ الزَّحزَحةِ عن النَّارِ ، والثَّاني إدخالُ الجنَّةِ ، وهذا هو الفوزُ العظيمُ .

( مصدر شرح الحديث : موسوعة الدرر السنية ).

اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علمًا .

أهداك ربي للأنام رحيما .. ونشرت دينًا كالجبال قويما

يا من قرأتم أحرفي ومقالتي ..

صلوا عليه وسلموا تسليما .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى