لغة الضاد

النخل والنخيل

النخل والنخيل :

من أراد أن يعرف الله عز وجل حق المعرفة ؛ فليتعمق في معرفة معاني آيات القرآن ، فهو كلام الرحيم الرحمن ، المُنَزَّل على قلب النبي العدنان .
فاقرأ القرآن ، وكأنه أُنزِل عليك الآن .

و الله ، ثم والله ، إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه يعلو ، وما يُعلَى عليه ؛ كما قال الوليد بن المغيرة المشرك !

قال الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله :
من حلاوة ما ذقته في القرآن ، أريد أن أنقل هذه الحلاوة للناس .

– هيا لنتذوق قليلًا من حلاوة هذا الكلام المعجز :

سؤال : ما الفرق بين النخل والنخيل ؟

والجواب عند أهل اللغة المعتبرين ، ومنهم : أبو القاسم السهيلي ، يقول في [ الروض الأنف ] :
إذا قلت : عبيد ونخيل ، فهو اسم يتناول الصغير والكبير من ذلك الجنس ، قال تعالى : ” وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ ” ، وقال ” وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ “ ، وحين ذكر المخاطبين منهم قال ( العباد ) ، ولذلك قال حين ذكر المثمر من النخيل ” وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ “ ، و ” أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ “ ، فتأمل الفرق بين الجمعين في حكم البلاغة واختيار الكلام .

  • السهيلي :

( 508 – 581هـ = 1114 – 1185م )

عبد الرحمن بن عبدالله بن أحمد الخثعمي السهيلي : حافظ ، عالم باللغة والسير ، ضرير .

وُلد في مالقة ، وعمي وعمره 17 سنة .

ونبغ ، فاتصل خبره بصاحب مراكش فطلبه إليها وأكرمه ، فأقام يصنف كتبه إلى أن توفي بها .

نسبته إلى سهيل ( من قرى مالقة ) وهو صاحب الأبيات التي مطلعها :
يا من يرى ما في الضمير ويسمع … أنت المعد لكل ما يتوقع

من كتبه : [ الروض الأنف ] في شرح السيرة النبوية لابن هشام ، و [ تفسير سورة يوسف ] في خزانة الرباط ، و [ التعريف والإعلام في ما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام ] ، و [ الإيضاح والتبيين لما أبهم من تفسير الكتاب المبين ] ، و [ نتائج الفكر ].
( نقلًا عن : الأعلام للزركلي ).

ندعوكم لقراءة : النخيل

  • وهذا الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي في كتابه الماتع [ بلاغة الكلمة في التعبير القرآني ] ، يقول كلامًا مختلفًا :

من ذلك ( في الإفراد والتثنية والجمع ) استعمال النخل والنخيل ، فقد يستعمل القرآن أحيانًا ( النخل ) وقد يستعمل أحيانًا ( النخيل ) وذلك نحو قوله تعالى :

(( وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّـٰتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ )) ، وقوله (( وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ )) ، في حين قال (( يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ )) ، وقال (( وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا )) ، فما الفرق بينهما ؟

( النخل ) أكثر من ( النخيل ) ، وذلك أن النخل اسم جنس جمعي والنخيل جمع ، واسم الجنس أشمل وأعم من الجمع ، كما قرره علماء اللغة ، وكما هو في الاستعمال القرآني ، ذلك أن اسم الجنس يشمل المفرد والمثنى والجمع ، ويقع على القليل والكثير ، فيصح من أن يقول من أكل تمرة واحدة ( لقد أكلت التمر ) ، ولا يصح أن يقول : أكلت تمرتين ولا تمرات ولا تمورًا ، ويصح أن يقول من شاهد نخلةً واحدةً أو نخلتين ( لقد شاهدت النخل ) ، ولا يقول : شاهدت النخيل ولا النخلات .

( ثم ذكر الأستاذ فاضل تأييدًا لذلك من شرح الرضي على الكافية ).

قال الله (( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ )) ، وقال (( وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ )) ، وكما قال (( وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ )) فذكر الثمر ، فإنه قال (( وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ )) وهو مثمر أيضًا ، قال (( وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا )) ، فالنخيل يقال للمثمر وغيره وكذلك النخل .

ثم قال الأستاذ : أما الفرق بينهما، فما ذكرناه : وهو أن النخل أعم وأشمل من النخيل ، لأنه اسم جنس جمعي ، وهذا ما قرره علماء اللغة ، ويؤيده الاستعمال القرآني .. يدل على ذلك أن القرآن أورد ( النخيل ) في ثمانية مواضع ، وهي فيها لا تفيد الشمول .

فقد قال تعالى : ” أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ ٱلْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ “. (البقرة : 266)

وقال : ” أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا “. (الإسراء : 91)

وقال : ” فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ “. (المؤمنون : 19)

وقال : ” وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ ٱلْعُيُونِ “. (يس : 34)

فأنت ترى في هذه الآيات الأربع ، أنه جعل ( النخيل ) في جنات ، فلا يشمل ما في غير الجنات ، فلا تدخل فيها النخلة الواحدة ، أو النخلتان وقليل النخل .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى