الاتحاد قوة والتفرق ضعف
الاتحاد قوة والتفرق ضعف :
قال الله تعالى في كتابه العزيز :
” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ “. (آل عمران : 103)
في تفسير الجلالين ، للإمامين الجليلين : جلال الدين السيوطي ، وجلال الدين المحلي :
«واعتصموا» تمسكوا «بحبل الله» أي دينه «جميعًا ولا تفرقوا» بعد الإسلام «واذكروا نعمة الله» إنعامه «عليكم» يا معشر الأوس والخزرج «إذ كنتم» قبل الإسلام «أعداء فألَّف» جمع «بين قلوبكم» بالإسلام «فأصبحتم» فصرتم «بنعمته إخوانًا» في الدين والولاية «وكنتم على شفا» طرف «حفرة من النار» ليس بينكم وبين الوقوع فيها إلا أن تموتوا كفارًا «فأنقذكم منها» بالإيمان «كذلك» كما بيَّن لكم ما ذكر «يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون» .
وفي التفسير الميسر :
وتمسَّكوا جميعًا بكتاب ربكم وهدي نبيكم ، ولا تفعلوا ما يؤدي إلى فرقتكم ، واذكروا نعمة جليلة أنعم الله بها عليكم : إذ كنتم -أيها المؤمنون- قبل الإسلام أعداء ، فجمع الله قلوبكم على محبته ومحبة رسوله ، وألقى في قلوبكم محبة بعضكم لبعض ، فأصبحتم -بفضله- إخوانًا متحابين ، وكنتم على حافة نار جهنم ، فهداكم الله بالإسلام ونجَّاكم من النار ، وكما بيَّن الله لكم معالم الإيمان الصحيح فكذلك يبيِّن لكم كل ما فيه صلاحكم ؛ لتهتدوا إلى سبيل الرشاد ، وتسلكوها ، فلا تضلوا عنها .
ففي الاتحاد قوة ، وفي التفرق ضعف .
قال الشاعر العربي :
کونُوا جميعًا يا بني إذا اعترى … خَطْبٌ ولا تتفرقوا آحادا
تأبى القداح إذا اجتمعن تكسرًا … واذا افترقنا تكسرت أعوادا
لقد سدنا الدنيا بأسرها ، وبسطنا نفوذنا في كل مكان ، يوم كان الإسلام عزيزًا قويًّا باتحاد أبنائه تحت راية واحدة .
ندعوكم لقراءة : أمجاد العرب والمسلمين
ولما تفرقنا رأينا الضعف والوهن حتى تداعت الأمم علينا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، ويحدث ذلك الآن في بلاد العرب والمسلمين ؛ في فلسطين والسودان وليبيا وسوريا واليمن والعراق ، وغيرها .
وتنبأ بذلك رسولنا الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم ، القائل فيما ورد عنه :
” يُوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق ، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ” ، قيل : يا رسول الله ! فمن قلة يومئذ ؟ قال : ” لا ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، يُجعل الوهن في قلوبكم ، وينزع الرعب من قلوب عدوكم ؛ لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت “. (رواه أحمد وأبوداود / انظر الصحيحة للألباني : 956)
ومع هذا المثل العربي المُعبِّر عن أن الاتحاد قوة والتفرق ضعف : { أُكِلت يوم أُكل الثور الأبيض }.
هذا مثلٌ عربيٌّ نردده كثيرًا ، فهل نعرف أصله ؟
هيا بنا إلى ” مجمع الأمثال ” للميداني لنتعرف على أصل هذا المثل المعبِّر عن حال العرب والمسلمين :
كان هناك ثلاثة أثوار( جمع ثور ) : أبيض وأسود وأحمر ، كُنَّ في مكان ، فكان الأسد لا يقدر منهن على شيء ؛ لاجتماعهن عليه ، فقال للثور الأسود والأحمر : لا يدل علينا في مكاننا هذا إلا الثور الأبيض ، فإن لونه مشهور ، فلو تركتماني آكله اهلا لنا المكان ، فقالا : دونك فكُلْه ، فأكله .. ثم قال للأحمر : لوني على لونك ، فدعني آكل الأسود ، ليصفو لنا المكان ، فقال : دونك فكُلْه ، فأكله ، ثم قال الاحمر : أنا آكلك لا محالة .
قال الثور الأحمر للأسد : دعني أنادي ثلاثًا ، قال الأسد : افعل ، فنادى : { ألا إني أُكِلت يوم أُكل الثور الابيض }.
الاتحاد قوة :
هذه رسالة موجهة لكل العرب ، ولكل المسلمين في جميع أنحاء المعمورة ؛ فنحن أمة واحدة .
قال الله تعالى : ” إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ “. (الأنبياء : 92)
وقال عز من قائل : ” إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ “. (الحجرات : 10)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، ولا تقاطعوا ، وكونوا عباد الله إخوانًا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث “. (البخاري : 6076 – ومسلم : 2559)
لابد أن نعود إلى كتاب ربنا ، وسنة نبينا ﷺ ؛ حتى تنصلح أحوال الأمة الإسلامية ، فقد قال الذي لا ينطق عن الهوى : ” تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا : كتاب الله وسنتي “. (الصحيحة للألباني : 1761)
اللهم أعد إلى المسلمين مجدهم ، وعزتهم ، ووحدتهم يا رب العالمين .