نوادر وأزاهير..لبعض المشاهير

ابتسم معهم 1

ابتسم معهم ..

  • الكواكبي الثائر :

عبد الرحمن الكواكبي من أكبر المصلحين الإسلاميين في العصر الحديث .

لقد نذر حياته للبحث في أسباب الفتور عند مجتمع المسلمين .. أتى إلى مصر من الشام حيث وجد المناخ الحر الذي يتيح له التعبير عن أفكاره .

له موقف رائع ضد السلطان الذي اشترى فرقاطتين من أوربا ، ثم طلب – بسلامته – من عدد من العلماء أن يقرأوا عليها صحيح البخاري !!

استمتعوا برد العالم الفاهم وهو الكواكبي على السلطان ، قال له :

” إن السفن تسير بالبخار .. لا بالبخاري “.

  • من أقوال الكواكبي :

” ما بال الزمان يضن علينا برجال ينبهون الناس ، ويرفعون الالتباس ، ويفكرون بحزم ، ويعملون بحزم ، ولا ينفكون حتى ينالوا ما يقصدون “.

وقال عن أفكاره : ” كأنها صيحة في واد ، أو نفخة في رماد ، إن ذهبت اليوم مع الريح ، فلقد تذهب غدًا بالأوتاد “.

  • مات الكواكبي شهيدًا :

أقلقت الحياة الثورية التي عاشها الكواكبي في مصر السلطان العثماني كثيرًا ، فأرسل إليه من دس له السم ، فأدركته الوفاة عام 1902م .. ومات شهيدًا أو هكذا نحسبه – والله حسيبه – ولا نزكي على الله أحدًا .

  • البِشري والفلاح :

كان الشيخ عبد العزيز البشري محبًا للطرفة ، ويروى عنه أنه كان يسير في شارع فؤاد ، وكان يرتدي عمامة علماء الأزهر ، وعليه سمت ووقار ، وكان هناك فلاح يمشي في الشارع ومعه خطاب ، فقال له : سيدنا الشيخ ، اقرأ لي هذا الخطاب من فضلك ، أخذ الشيخ الخطاب فوجد فيه كلامًا كالطلاسم ، فقال للفلاح : خذ يا بني خطابك ، لا أستطيع قراءته . غضب الفلاح غضبًا شديدًا ، وقال له : كيف تلبس هذه العمامة ولا تستطيع قراءة خطاب ؟!

فقال له البشري : خذ العمامة واقرأ أنت !!!

  • البِشري وثقيل الدم :

رأى الشيخ عبد العزيز البشري صديقًا له ( ثقيل الدم ) وقد خرج من صالون الحلاقة وعلى وجهه آثار دم ، فقال له : لقد قدم لك الحلاق خدمة كبيرة ، فتعجب صديقه وقال له : خدمة إيه ؟ فأجابه البشري : أثبت أن ” عندك دم ” !!

  • البِشري وجُبَّته :

ذات يوم كان مدعوًا مع بعض أصدقائه من الوجهاء من علية القوم عند أحدهم ، وحان وقت الصلاة ، فخلع الشيخ جبته السوداء ، وذهب ليتوضأ ، وأثناء ذلك أحب أحد الوجهاء أن يمازحه ، فرسم على الجبة وجه حمار بالطباشير ، ولما عاد الشيخ رأى الرسم ، التفت إلى الحضور وقال : من الذي نشف وجهه بالجبة ؟!

  • من نوادر الشعراوي :

كتب الأستاذ حسن الحفناوي مقالًا تحت عنوان : ” أوراق لا يعرفها أحد عن حياة إمام الدعاة ” وذلك في جريدة ” اللواء الإسلامي ” العدد (1533) بتاريخ 16 / 6 / 2011 ، وكان مما كتبه :

لم يكن الشيخ يريد أن يصبح عالمًا أو فقيهًا ، بل كان يريد أن يصبح شاعرًا أو كاتبًا أو محاميًا .. لقد هرب كثيرا من هذا الأمر ولكن القدر كان أقوى من رغبته وإرادته !!

  • علقة ساخنة !

ولد إمام الدعاة في قرية ” دقادوس ” بمحافظة الدقهلية عام 1911م ، وعندما أتم الحادية عشرة من عمره كان قد أتم حفظ القرآن الكريم كاملًا ، ولأنه كان الابن الأكبر لوالده – الذي عرف بأنه رجل خير – فقد دفع به إلى العلم والدراسة في الأزهر الشريف .

ومن الطريف حقًا ، أن شيخنا كتب في مذكراته الشخصية قائلًا عن تلك الفترة : إن الشيخ الذي قام بتحفيظه القرآن ضربه ” علقة ساخنة ” لم ينسها وظلت في ذاكرته طويلًا .. فقد رفعه الشيخ إلى أعلى وهوى به إلى الأرض عدة مرات حتى ظل يصرخ دون مغيث!

أما السبب ، فإنه كان يقرأ الجزء الذي يجب حفظه بمساعدة ” عريف الكتاب ” الذي عليه أن يقوم بالتصحيح ثم يعيد تلاوة ما قرأه من آيات القرآن ، ولكن حين طلب منه الشيخ القراءة وبدأ النطق إذا به يقرأ الكلمات كما هي مرسومة في القرآن ، وكانت البداية هي : ( حم . عسق ) ، وكانت ” ” حم ” قد مرت عليه من قبل ، أما ” عسق ” فقد نطقها كما هي مدونة تمامًا ، وهذا خطأ لغوي فادح لأنه ينبغي أن ينطقها كما يسمعها لا كما يقرؤها ، أي ( ع س ق ) ، وعلم الشيخ أنه لم يصحح قراءة القرآن لأن قراءتها تختلف عن الشكل المكتوب ، ففي قوله تعالى في بداية سورة البقرة : ” أ . ل . م ” ، كذلك في قوله تعالى : ” ألم نشرح لك صدرك ” نجد أن ” ألم ” لها مكونات واحدة .

ورغم هذا ، فإن نطقها يختلف في الأولى عن الثانية ، ولأنه نطق بالخطأ في كلمة ” عسق ” انقض عليه الشيخ ليشبعه ضربًا وهو يصرخ ويتألم ويقسم بأغلظ الأيمان أنه لن يكرر هذا الخطأ في حياته أبدًا !

ومع مرور الأيام عرف الشيخ الشعراوي أن القرآن الكريم لم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوبًا بل مسموعًا .

  • تمنيت أن أكون فلاحًا !

ويروي فضيلة الشيخ في أوراق أخرى قصة مثيرة إجابة عن سؤال خطر على باله لماذا لم يحاول الهرب من حفظ القرآن ويتجه اتجاها آخر ؟

فيقول في هذه المرحلة ، ليست للطفل رغبة معينة يمكن أن يحدد بها مستقبله ، ولقد كان رغبتي الشديدة أن أكون فلاحًا أو مزارعًا ، فلقد كنت متعلقًا بالعمل في الحقل وأحب الزراعة ، وذلك لعشقي الشديد لرؤية الخضرة والزهور وجميع أنواع النباتات ، فتلك هي التي استهوتني ولم يستهوني الأزهر والدراسة فيه !

أما عن أحداث القصة الدرامية التي رواها ، فيقول : ” بعد أن حفظت القرآن جاءني والدي ذات ليلة وقال لي إنه قدم لي طلبًا للالتحاق بمعهد الزقازيق الديني ، فماذا أفعل ؟ وكيف أتصرف ؟ هو يريدني طالب علم أزهري ، وأنا أريد أن أكون فلاحًا ! “.

” في يوم الكشف الطبي ، فعلت ما يفعله الصغار عندما يريد أحدهم أن يهرب من الدراسة ، وضعت التراب في عيني لكي تتورم ويطردوني ، بل إنني حاولت أن أضع فيهما شطة خضراء من الحقل ، لكنني اكتفيت بالتراب وتراجعت عن ” الشطة ” الملتهبة الحراقة .. وفشلت المحاولة لأنني عندما ذهبت إلى لجنة الاختبار اكتشفت أنه يقبلون المكفوفين وكان يمكن أن يضيع بصري وأصبح كفيفًا لو وضعت ” الشطة ” ولا أجني ما أريد .

إذن ماذا أفعل مرة أخرى لكي أستطيع الهروب ؟ وتفتق ذهني عن حيلة جديدة أستخدم فيها المكر ، قلت لنفسي : إذا أنا جلست أمام الممتحن أنكر حفظي للقرآن ، وأخطئ عامدًا في القرآن ، فإنه لا يجد مفرًا من أن يطردني ! وفعلًا ، نفذت ما عقدت عليه العزم ، أخطأت في قراءة القرآن ، وتناسيت بعض كلماته ، لكن الغريب أن الممتحن اكتشف لعبتي بعد أن لاحظ سلامة النطق عندي لمخارج الألفاظ ، وهو ما لا يستطيعه غير الحفاظ حفظًا جيدًا للقرآن .. فصاح بصوت عصبي : هل والد هذا الصبي موجود ؟ وكان والدي واقفًا ينتظرني خارج الغرفة ، فاستدعوه ، وأبلغوه بأنني غير حافظ للقرآن ، وذهل والدي ووقف يضرب كفا بكف ، وطلب منهم أن يسألوني مرة أخرى ، ثم نظر لي وكأنه يتوعدني بالانتقام ، ولهذا لم أجد رغبة في الهرب خوفًا من عقاب والدي ، فتلوت القرآن مرة أخرى كما يجب ، وأسمعت الممتحن ما طلبه مني ، وكانت النتيجة أن ضحك وهو يقول : لاحظت أنك كنت تحاول الهرب ، ولو لم تكن حافظًا للقرآن لأنجحتك في الامتحان ، لأن طريقة قراءتك تدل على حفظك ! وهكذا فشلت في الهروب ، وانطلقت في الطريق الذي حدده لي الله ، فتفقهت في أمور الدنيا والدين ! “.

  • أنقذتني صورة عبد الناصر !

ويروي الشيخ في أوراقه أنه كان من الوفديين الثقال – ويعني من لهم دور بارز في الحزب – لدرجة أنه تعرض للمساءلة والتحقيق عام 1953م !!

ويذكر الشيخ أنه عمل بالتدريس في جامعة الملك عبدالعزيز في المملكة العربية السعودية ، ولما توفي الملك عبد العزيز آل سعود عام 1953م وجاء وفد التعزية من مصر مكونًا من جمال عبد الناصر ، وكمال الدين حسين ، وسليمان حافظ الذي كان وزيرًا للداخلية .

في ذلك الوقت كان سفير مصر في السعودية هو ” الحسيني الخطيب ” ، وكانت بينه وبين الشيخ صداقة قوية ولهذا استدعوه لإلقاء كلمة مصر في تأبين المغفور له الملك عبد العزيز ، وبعد أن ألقى الشيخ كلمته جلس بين عبد الناصر وكمال الدين حسين ، حيث التقطت لهم عدة صور ، وقال له عبد الناصر : ” نريد أن نراك عندما تعود إلى مصر فأنت ثروة لا نريد أن نفقدها “.

ونشرت هذه الصور في جريدة ” البلاغ السعودية ” ولكن الذي حدث أن البعض أوقعوا بين الشيخ ورجال الثورة ، فطلب للتحقيق ، وبعد مضي 15 يومًا من التحقيقات التي تولاها المحقق ” سالم أبو العز الإتربي ” بإشراف جمال سالم وكانت تستمر إلى ساعات متأخرة من الليل ، طلب الشيخ لقاء جمال سالم وقال له : كيف تحققون معي وأنا تربطني صداقة شخصية بعبد الناصر – وأظهر له الصورة المنشورة كدليل على صدق كلامه – وعلى الفور أصدر جمال سالم قراره ببراءة الشيخ والعفو عنه وهو يقول لماذا لم تخبرنا بذلك من قبل ؟ وهكذا أنقذت الصورة الشيخ الشعراوي من أشياء كان يمكن أن تقضي عليه !!!

  • الشعراوي .. يداعب السادات :

تحت عناون ” ظرفاء العصر ” بجريدة الأهرام – العدد ( 44958 ) بتاريخ 8 / 1 / 2010م كان هذا المقال للصحفية هبة عبد العزيز :

كان إمامًا للدعاة وصاحب الخواطر الإيمانية الأشهر في تفسير القرآن الكريم ، لكنه كذلك صاحب ” الأفيهات ” اللاذعة والقفشات الحاضرة وخفة الدم المغرقة في مصريتها ، كما كان عبقرية مختلفة في كل شيء حتى في مظهره ، فقد كان أول من تمرد على الزي الأزهري التقليدي وابتكر زيه الخاص به .

كان الشيخ محمد متولي الشعراوي – رحمه الله – ، كثيرًا ما يردد أن فترة توليه منصب وزير الأوقاف هي الأسوأ في حياته لكنها لم تخل من قفشات ، فقد سافر خلالها إلى روما لوضع حجر أساس مركز إسلامي ، وقبل السفر طلب منه عبد العظيم أبو العطا وزير الري وتوفيق عبدالفتاح وزير التموين آنذاك أن يشتري لكل منهما زوجين من الأحذية ” بني وأسود ” فاستجاب لطلبهما .. وفي اجتماع وزاري مع الرئيس السادات بعد ذلك دخل أبو العطا والحذاء الجديد يلمع في قدميه ، فسأله السادات بطريقته المعروفة : الجزمة الشيك دي منين يا عبد العظيم ؟ .. فقال : ” من مولانا الشيخ الشعراوي ” ، وبعد دقيقة دخل توفيق عبد الفتاح فلمح السادات حذاءه الجديد فسأله السؤال نفسه ، ورد بالإجابة نفسها .. ثم دخل الشعرواي ، وكان يرتدي حذاء قديمًا ، فسأله السادات : ” أمال الجزمة الإيطالي فين يا مولانا ؟ ” ، فقال مازحًا :” شايلها في البيت عشان المقابلات المهمة فقط ! “.

  • حلف اليمين : 

ومن طرائف الشيخ الشعرواي مع الرئيس السادات – رحمهما الله – .. أنه أثناء حلفه اليمين الدستورية وقف يقرأ القسم قائلًا : أقسم بالله العظيم أن أحافظ على النظام والدستور والقانون ، وأن أرعى مصالح الشعب وسلامة أراضيه ….إلخ ..

وفي نهاية القسم أضاف بصوت مرتفع : ( إن شااااااء الله ) .

وهنا أغرق السادات في الضحك ، وبالطبع تم حذف هذه العبارة الأخيرة في الإذاعة والتليفزيون عند قراءة نشرات الأخبار .

  • كرسي الوزارة :

وذات مرة سأله الرئيس السادات : هل صحيح يا شيخ شعراوي إنك لا تجلس على مكتبك في الوزارة ، وأنك تتركه وتجلس بعيدًا على الكرسي إلى جانب الباب تستقبل زوارك وموظفي الوزارة ، وأصحاب الحاجات الذين يقصدونك ؟!

الشعراوي : أيوه يا ريس باقعد على كرسي خرزان جنب الباب !!

السادات : وإذا كان فيه حاجة محتاجة توقيع فين توقعها ؟

الشعراوي : وأنا مكاني على الكرسي الخرزان !!

السادات : وأنت بتعمل كده ليه يا شيخ شعراوي ؟

الشعراوي : علشان يبقى باب الخروج قريب .. وساعة ما ترفدوني ، أجري وأقول : يا فكيك ، اتعتقت !!!

  • جلابية خنفس :

ومن الطرائف الشهيرة ما حدث بين الشيخ الشعرواي والأسطى عبدالعظيم خنفس ترزي قرية دقادوس ” مسقط رأسه ” حيث أعطاه الشيخ ( 6 ) قطع قماش ليفصل منها ( 6 ) جلابيب له .. وبعد الانتهاء من عملية التفصيل حضر الأسطى عبد العظيم وألبس الشيخ إحداها من باب الاطمئنان وكانت المفاجأة .

الجلباب قصير للغاية بحيث تنتهي أطرافه عند منتصف المسافة بين ركبة الشيخ وقدمه ، وتكرر نفس المشهد في باقي الجلابيب فإذا كلها فيها نفس العيب ، فصاح الشيخ منفعلًا :

ايه ده يا عبد العظيم ؟

رد الرجل بسرعة بديهة وقد تيقظت حواسه متجاوزًا صدمة المفاجأة ! 

إيه فيه إيه يا مولانا ؟

أردف الشيخ :

فيه إيه .. إيه أنت مش شايف الهدوم كلها قصيرة ازاي ؟! 

اهدا يا مولانا بس .

وصمت لحظة وأضاف : اقعد .. اقعد يا مولانا .

جلس الشيخ على كرسيه وأخذ الترزي يصلح هندامه ويجذب الجلباب إلى أسفل حتى غطى قدم الشيخ وهنا صاح مبتسمًا : إيه رأيك يا مولانا .. والتفت إلى الحاضرين يستحثهم ليساندوه قائلًا : مش بالزمة كده عظمة ؟

فلاحقه الشيخ : عظمة ايه يا ابني .. وبعدين لما أقف يبقى الوضع إيه ؟!

ومين قالك تقوم تقف .. الهدوم ديه بتاعة القعاد .

ضحك الشيخ من أعماقه وقد أعجبته تلك القفشة الحاضرة من جانب الأسطى عبد العظيم والتي تحمل مزيجًا مصريًا من الفهلوة وخفة الدم وسرعة البديهة .

وقال له : خذ هذه الجلابيب وأعطها لمن يحتاجها وتقدر تضبطها على مقاسه .

ندعوكم لقراءة : ابتسم معهم 2

  • الشعراوي في مواجهة مبارك :

في عام 1995م وجه إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي كلمة تسطر بالذهب للرئيس الأسبق حسني مبارك ، وذلك بمناسبة نجاته من محاولة اغتيال فاشلة في أديس أبابا .

والشيخ الشعراوي عالم رباني ملهم فاهم للسنن الربانية في كون الله .

قال الشعراوي في مواجهة مبارك وفي حضور شيخ الأزهر جاد الحق عليّ جاد الحق ومفتي الجمهورية د . محمد سيد طنطاوي ، ووزير الأوقاف حينذاك د. محمد علي المحجوب :

” إني يا سيادة الرئيس أقف على عتبة دنياي لأستقبل أجل الله فلن أختم حياتي بنفاق ، ولن أبرز عنتريتي باجتراء ، ولكني أقول كلمة موجزة للأمة كلها حكومة وحزبًا ، ومعارضة ورجالًا ، وشعبًا آسف أن أقول سلبي ..

أريد منهم أن يعلموا أن الملك كله بيد الله يؤتيه من يشاء ، فلا تآمر لأخذه ، ولا كيد للوصول إليه ، فإن الحق سبحانه وتعالى حينما حكى حوار إبراهيم عليه السلام للنمروذ ، ماذا قال له ؟

قال : ” أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ ” – وهو كافر- ” إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لَا يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ “. (البقرة : 258)

فالملك حين ينـزله الله قال : ” قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ “. ( آل عمران  : 26 )

فلا تآمر على الله لملك ، ولا كيد على الله لحكم ، لأنه لن يحكم أحد في ملك الله إلا بمراد الله .

فإن كان عادلًا فقد نفع بعدله ، وإن كان جائرًا ظالمًا ، بشع الظلم وقبحه في نفوس كل الناس ، فيكرهون كل ظالم ولو لم يكن حاكمًا ..

ولذلك أقول للقوم جميعًا : إننا والحمد لله قد تأكد صدق الله في كلامه بما جاء في الأحداث ، فكيف كنا نفسر قول الله : ” وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ “. (الأنفال : 30)

وكيف كنا نفسر : ” إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا “. (الطارق : 15–16)

الله يريد أن يثبت قيوميته على خلقه ، فأنا أنصح كل من يجول براسه أن يكون حاكمًا ، أنصحه بأن لا تطلب الحكم ، بل يجب أن تُطلب له ، فإن رسول الله قال : ” من طُلب لشيء أعين عليه ، ومن طَلب شيئًا وكل إليه ” ، ثم وضع يده على كتف مبارك .

وقال : يا سيادة الرئيس .. وآخر ما أريد أن أقوله لك .. ولعل هذا يكون أخر لقائي بك :

” إذا كنت قدرنا فليوفقك الله ، وإذا كنا قدرك فليعنك الله على أن تتحمل “.

وقد ذكر الحاج عبد الرحيم الشعراوي ابن الشيخ رحمه الله في أحد البرامج التليفزيونية ، أن زكريا عزمي رئيس الديوان الرئاسي قال يومها للشيخ الشعرواي : ما الذي جرى لك ، كيف تضع يدك على كتف الرئيس ، لو كنت في مكان آخر كان زمانك ضُربت بالنار .

فكان رد الشيخ الشعراوي عليه : يا سيد كان ضرب .. ثم ضحك .. يا ريته كان ضرب أنا وضعت يدي لأنصحه ، لا لشيء آخر .

وقد سأله الأستاذ طارق حبيب في برنامج ( من الألف إلى الياء ) : ماذا تقول للرئيس حسني مبارك ؟

فقال الشيخ : ” أقول له : ما لم ترضه في حكمك فامح آثاره من سلفك ، وافرغ إلى حِملك ، ونحن سنعينك بأن نصلي من أجلك “.

وتأملوا قوله : وافرغ إلى حِملك .

  • ومن المواقف الشعراوية الفريدة :

من المواقف المميزة لإمام الدعاة والتي أثارت جدلًا كبيرًا في أوساط من لم يؤتوا علم الشيخ وفهمه وفراسته التي منحها الله إياها ، وهو موقفه يوم تعرضت مصر لأقسى الهزائم العسكرية في تاريخها وهي هزيمة يونيو 1967م .

يومها كان فضيلة الشيخ – رحمه الله – في الجزائر ضمن بعثة للأزهر حيث مكث هناك سبع سنوات قضاها في التدريس .

حينها سجد إمام الدعاة الشعراوي سجدة شكر لله .

الكثيرون انتقدوا هذا الموقف وعابوه عليه خاصة العلمانيون ، واليساريون ، والماركسيون ، كيف يسجد يشكر الله على الهزيمة ؟.

ولكن الرجل كان نورانيًا عالمًا ربانيًا ، أيقن أن الله من رحمته بنا أنه لم ينصرنا ونحن على مخالفة له ونكران وجحود له فقد كانت التيارات الإلحادية والماركسية ترتع وسط شبابنا وتنشئ تمردًا على منهج الله أخلاقيًا وسياسيًا وكان المتدينون محط اعتقال وتنكيل وتشريد .. فكيف ينصرنا الله ونحن على هذه الحال ؟

  • الشعراوي بين نكسة 1967م ونصر أكتوبر 1973م :

يقول الشيخ الشعراوي : في الخامس من يونيو 1967م كنت رئيسا للبعثة الأزهرية في الجزائر وشقيت باستقبال الجزائريين لهذه المسألة ؛ لأن الجزائريين قاطعونا حتى أننا إذا ذهبنا إلى محل لنشتري خبزا امتنعوا عن البيع لنا .

أما في السادس من أكتوبر 1973م فكنت في السعودية في مكة المكرمة ، ففي الجزائر كانت نكسة ، أما في السعودية فكانت رد اعتبار للنكسة .

لكن من العجيب أنني استقبلتهما معًا استقبالًا واحدًا ، هذا الاستقبال أنني انفعلت فسجدت لله حينما علمت بالنكسة ، وحينما علمت بانتصارنا سجدت أيضًا ، ولكن هناك فارق بين دوافع السجدتين .

أما دوافع السجدة الأولى فقد عارضني كثيرون وأولهم ولدي : كيف تسجد لله وهذا علامة الشكر من نكسة أصابتنا .

فقلت لهم : لن يتسع ظنك لما بيني وبين ربي ، لأنني فرحت أننا لم ننتصر ونحن في أحضان الشيوعية ، لأننا لو نُصرنا ونحن في أحضان الشيوعية لأصابتنا فتنة في ديننا .

الثانية سجدت لأننا انتصرنا ونحن بعيدون عن أحضان الشيوعية وشيء آخر أنها استهلت بقول ( الله أكبر ).

فلما بلغني أن الانتصار كان بشعار ( الله أكبر ) سجدت لله شكرًا لأن الانتصار جاء ردًا للاعتبار ، وكنا في شهر رمضان فذكرني هذا بأشياء كثيرة بنصرنا يوم بدر .. ” ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله “.

ولكن الذي سألني أن جريدة الأهرام يومها نشرت كلامًا لأناس لا يرضيهم أننا دخلنا بشعار ( الله أكبر ) فقالوا : إن هذا النصر نصر حضاري واتركوكم من هذه الخرافات التي تقولونها .

ولي صديق اسمه سيد إسحاق عزوز قال : أنا أخشى من آثار هذه الكلمة ( نصر حضاري ) ونرد على الله فضله علينا وننكر شعار ( الله أكبر ) ، فجاءت ثغرة الدفرسوار .

والله لو أنهم ثبتوا عليها ولم يردوا على الله فضله في شعار ( الله أكبر ) لما انتهينا إلا في تل أبيب ، ولكن قولهم هذا النصر جاء نتيجة العرق والجهد هذا شيء مطلوب والقرآن يقول لنا : ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ” ، فنأخذ بالأسباب ثم نتوكل على الله ، ولكن هؤلاء أنكروا أية علاقة للإيمان بالنصر .. فكانت الثغرة ..

  • أزاهير شعراوية :

الشعراوي .. وشهداء الشباب :

لقد كان الشيخ الشعراوي يؤمن بالتظاهرات السلمية كوسيلة للتغيير السياسي ، حتى إنه شارك في تأبين شهداء الشباب من طلبة الجامعة المصرية وهي جامعة فؤاد الأول التي صار اسمها فيما بعد جامعة القاهرة .

خرجت مظاهرات الشباب ضد سياسات حكومة إسماعيل صدقي وضد الاحتلال الإنجليزي ، وقد أمرت الحكومة بفتح كوبري عباس الذي هو كوبري الجيزة الآن ، وقد كان يُفتح أيامها ، فسقط عدد كبير من الطلبة في النيل وماتوا غرقًا .

وأرادت الجامعة إقامة حفل تأبين لشهداء الحادث ولكن الحكومة رفضت ، وقد كان الحادث صباح الأربعاء 14 من نوفمبر 1935م وكان عمر الشيخ وقتها 24 عامًا .

يقول الشيخ : أتذكر حكاية كوبري عباس الذي فُتح على الطلاب من عنصري الأمة وألقوا بأنفسهم في مياه النيل ، شاهد الوطنية الخالد لأبناء مصر .

فقد حدث أن أرادت الجامعة إقامة حفل تأبين لشهداء الحادث ولكن الحكومة رفضت ، فاتفق إبراهيم نور الدين رئيس لجنة الوفد بالزقازيق مع محمود ثابت رئيس الجامعة المصرية على أن يقام حفل التأبين في أية مدينة بالأقاليم ، ولا يهم أن يقام بالقاهرة .

ولكن الحكومة كان واضحًا إصرارها على الرفض لأي حفل تأبين فكان لا بد من التحايل على الموقف ، وكان بطل هذا التحايل عضو لجنة الوفد بالزقازيق حمدي المرغاوي الذي ادعى وفاة جدته وأخذت النساء تبكين وتصرخن .

وفي المساء أقام سرادقا للعزاء وتجمع فيه المئات ، وظنت الحكومة لأول وهلة أنه حقًا عزاء ، ولكن بعد توافد الأعداد الكبيرة بعد ذلك فطنت الحكومة لحقيقة الأمر وأن زمام الموقف قد أفلت منها ، وأن أي تصد للجماهير يعني الاصطدام بها .

فتركت الحكومة اللعبة تمر على ضيق منها ، ولكنها تدخلت في عدد الكلمات التي ألقيت لكيلا تزيد للشخص الواحد على خمس دقائق .

ثم يستطرد الشيخ الشعراوي فيقول : وفي كلمتي بصفتي رئيس اتحاد الطلبة قلت : شباب مات لتحيا أمته ، وقبر لتنشر رايته وقدم روحه للحتف قربانًا لحريته ومهرًا للاستقلال .

ولأول مرة يصفق الجمهور في حفل تأبين ، وتنازل لي أصحاب الكلمة من بعدي عن المدد المخصصة لهم ، لكي ألقي قصيدتي التي أعددتها لتأبين الشهداء البررة ، والتي قلت فيها :

نداء يا بني وطني مجـــــــــاب  …  دم الشهــــــداء يذكره الشباب

وهل ننسى الضحايا والضحايا  …  بهم قد عز في مصر المصـاب

شبــــــاب بر لم يفرق .. وأدى  …  رسالته وهــا هي ذي تجــــاب

فلم يجبن ولــــم يبخل وأرغى  …  وأزبد لا تزعزعه الحـــــــراب

وقدم روحه للحق مَهـــــــــرا  …  ومن دمه المراق بدا الخضــاب

وآثر أن يموت شهيد مصـــر  …  لتحيا مصــــر .. مركزها مهاب

  • الشعراوي والثائر الحق :

قال : قد يثور المدنيون لكي ينهوا ما يرونه فسادًا ملحوظًا فيصفق لهم المطحونون بالفساد ، ولكن آفة الثائر من البشر شيء واحد أن الثائر يظل ثائرًا ، ولكن الثائر الحق من يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد ، فالثائر يأتي ليرد مظالم الناس ثم يساوي بين الناس بعد أن يأخذ من الظالم حق المظلوم لتستقيم الأمور وليعلم الناس أنه ما جاء ضد طائفة إنما جاء ضد ظلم طائفة فإذا أخذ من الظالم وأعطى المظلوم جعل الاثنين سواء “.

ثار في شبابه ضد الاحتلال الإنجليزي .. رأت إسرائيل في خواطره الإيمانية وتفسيراته للقرآن الكريم خطرًا عليها ، لأنه يكشف للأمة آلاعيب اليهود وخططهم للنيل من الإسلام وأهله ، فاحتجت إسرائيل على إذاعة حلقاته أيام الرئيس السادات لتتوقف إذاعة تسجيلاته واعتبرتها ضد معاهدة السلام ، وشنت الصحف الأمريكية والإسرائيلية وقتها هجومًا عليه مطالبة بإسكاته.

الشيخ الجليل أبدأ لم يسكت عن قول كلمة الحق .. ومن مواقفه الشهيرة وفي الدفاع عن كرامة العلماء وعدم قبول إهانة أي منهم موقفه الشهير من الرئيس السادات الذي قال عن الشيخ المحلاوي : ” إنه مرمي في السجن زي الكلب ” .. وهو ما أغضب الشيخ الشعراوي فأرسل برقية للسادات يقول فيها : ” يا سيادة الرئيس : إن الأزهر لا يخرج كلابًا ولكنه يخرج علماء أفاضل ودعاة أمجادًا ” .. ولم تقف حدود الشيخ عند الجهر بالحق وتصحيح الخطأ داخل مصر فقط ولكن كان له الفضل في إبقاء مقام إبراهيم في مكانه بعد أن قررت السلطات السعودية نقلة إلى الخلف ، وهو ما وجد فيه الإمام الجليل مخالفة شرعية لا تتفق مع ما توصل إليه في اجتهاداته في الدين وذلك رغم موافقة علماء السعودية على نقل المقام ، وكان الشيخ وقتها أستاذًا للشريعة بمكة المكرمة ، ولم يكتف برفع الأمر إلى رؤسائه ، ولكنه حين رأى أن السلطات السعودية مصرة على ما عزمت عليه اتصل بالملك سعود نفسه وعقد مناظرة مع العلماء الذين أجازوا نقل المقام وتفوقت حجته على حجتهم ونجح في الإبقاء على مقام إبراهيم في مكانه .

وكان له دورٌ بارزٌ في تهدئة الفتنة بين الدولة والجماعات الإسلامية ، حيث استطاع هو والشيخان الغزالي والقرضاوي في بيان العلماء أن يهدئ من ثورة شباب الجماعات الإسلامية قائلًا : ” استبقوا الشمعة لن تكون كلمتنا من الرأس حتى تكون أكلتنا من الفأس ” .. ثائر حق وعالم جليل لا يخشى في الحق لومة لائم ، لم ينافق أو يهادن ظل مقاومًا للظلم طوال حياته لا يتوانى عن الجهر بكلمة الحق ، كان يعرف دائمًا متى يثور ومتى يهدأ . 

  • الشعراوي ومريم :

ذهبت مريم فخر الدين إلى الشيخ الشعراوي ليعلمها كيف تصلي ، فقالت له : أنا لا أعرف الوضوء ، فقال لها : ابقي استحمي !! فقالت : أستحم خمس مرات في اليوم . فقال الشعراوي – رحمه الله – : يا تتعلمي الوضوء .. يا تستحمي !!

( من حوار مع عفاف شعيب بأخبار اليوم بتاريخ 28 / 2 / 2015 – العدد ( 3669 ) ملحق النهاردة أجازة ).

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى